في مديح الجاموس

وجيه وهبة الأحد 12-01-2020 00:57

كان «الدكاترة» «زكى مبارك» أديبًا متعدد القدرات والمواهب، فهو الناقد والشاعر والباحث شديد التميز فى كل ما تناوله. تمتزج فيه الثقافة الفرنسية والعربية بثقافة فلاح مصرى، من «سنتريس» (أشمون- المنوفية).

معاركه الأدبية والفكرية يكاد لم يَنْجُ منها أحد من زملائه أو أساتذته، من عمالقة ذلك الزمان، وشغلت الناس طوال النصف الأول من القرن العشرين.

وخاض «زكى» معاركه بقلم رشيق ساخر، سخرية تجرح ولا تدمى، وبعقل نشط ومحرض على التفكير، لا يعرف المجاملات الممجوجة، فالكاتب عنده هو «الطبيب الذى لا ينزعج من صُراخ المريض»، وهو ليس بالأجير لأحد، ولا بأجير لدى القراء لأن «الكاتب الذى يتلمّس المواقع من هوى القارئ ليس بكاتب، وإنما هو مأجور، والكاتب المأجور لا يصلح لشىء ولو استمدَّ بيانه من وحى السماء».

فى صيف عام 1940، وفى أثناء فترة هدنة من المعارك الفكرية مع نظرائه، كتب «زكى مبارك» مقالًا فى «الحديث ذو شجون» (الرسالة)، يشتبك فيه مع أحد القراء، منتقدًا غلبة روح السخرية المصرية على الرؤية الصحيحة للأمور، وفى ذلك المقال يقول «زكى مبارك».

ما أسخفَ الحياةَ التى تستقيم استقامة مُطْلقة، فلا يثور عليها واعظ، ولا يتطاول فى تثريبها عاذل، ولا يَشقَى فى تَعقُّبها رقيب!.. والحقُّ أننا من الفِكْر فى كرب، فالحوادث التى نعانيها فى هذه الأيام لا تكفى لتغذية مطامعنا الفكرية، فنحن نفزع إلى الأدب لنملأ به فراغ الأرواح والقلوب والأذواق».

.

.

.

:

ومن جناية النكتة على أهل مصر نُفرتهم من شرب لبن الحمير، مع أنه بشهادة الطب أطيب أنواع الألبان، وهو فى أمان من الجراثيم التى يتعرض لها لبن البقر والجاموس».

«..والمهمُّ عندى أن يعرف المصريون خيرات بلادهم، وأن يذكروا أن الحمير كانت ولا تزال من أطايب الثروة المصرية، وإليها يرجع الفضل فى خدمة الفلاّح الذى يذرفون من أجله دموع التماسيح! وقد ورد التنويه بالحمار المصرى فى كتاب الأغانى، وهو أصبر من الحمار الحَسَاوى، المنسوب إلى الحَسَا من بلاد البحرين».