عاماً بعد آخر تثبت السينما الإيرانية اختلافها وتميزها وإبهارها للجميع على مستوى العالم، رغم اختلاف اللغة والثقافة والمجتمع، الذى تتناوله عن المجتمع الغربى بتعدد لغاته، حيث حصل فيلم «انفصال»، الذى حقق نجاحاً فنياً ونقدياً كبيرين خلال الأشهر القليلة الماضية على جائزة «جولدن جلوب» كأفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية الأحد الماضى،
ويتوقع له الكثيرون الترشح للجائزة نفسها فى سباق الأوسكار لهذا العام، والتى سيتم الإعلان عن المرشحين لها نهاية الشهر الحالى، بل يتوقع البعض فوزه بالجائزة.
الفيلم كتبه وأخرجه أصغر فرهادى، ويشارك فى بطولته ليلى حاتمى وبيمان موعادى وشهاب حسينى وسارى بيات والطفلة سارينا فرهادى، وحصل على جائزة الدب الذهبى فى مهرجان «برلين» السينمائى الدولى، كما حصل بطلاه على جائزتى التمثيل فى المهرجان، ليصبح أول فيلم فى تاريخ السينما الإيرانية يحصد «دب» برلين.
تدور أحداث الفيلم حول الزوجين «نادر» و«سيمين»، اللذين ينتميان للطبقة الوسطى فى طهران، ولديهما ابنة «تيرما» عمرها 11 عاماً، تطلب الزوجة من زوجها مغادرة البلاد كى لا تتربى ابنتهما فى ظل الظروف الاجتماعية الضاغطة والقيود الصارمة التى عانت منها فى ظل المجتمع الإيرانى المتشدد، إلا أن الزوج يرفض لأنه مسؤول عن والده المسن المريض بألزهايمر،
والذى يقيم معهم، فتكون النتيجة طلب الزوجة الطلاق بعد زيجة استمرت 14 عاماً، لكن المحكمة ترى أن أسباب «سيمين» للطلاق ليست كافية فترفض طلبها، ما يدفعها لهجر منزلها وترك زوجها وابنتها للإقامة فى منزل والديها،
ويضطر «نادر» لاستئجار شابة فقيرة وحامل، يبدو عليها التدين لخدمة والده ورعايته عندما يتوجه لعمله فى البنك، وتصطحب الخادمة «رازيه» طفلتها أثناء عملها، دون أن تخبر زوجها «هوجات»،
وحين تجد أنها فى حاجة لمن ينظف العجوز، تفكر فى أن يعمل زوجها بهذه الوظيفة، فيتوجه للقاء «نادر»، دون أن يعلم أن زوجته كانت تعمل هناك، لكنه فى اليوم نفسه لبدء العمل يتم إلقاء القبض عليه بعد تفاقم ديونه، فتعود «رازيه» للعمل لدى «نادر» مرة أخرى،
وفى أحد الأيام تصدم سيارة «رازيه» فى محاولتها لإبعاد العجوز، الذى خرج من المنزل فجأة، ثم يعود «نادر» وابنته ليجد والده ملقياً ومقيداً من إحدى يديه إلى فراشه، فيتشاجر مع «رازيه» ويتهمها بإهمال والده، ويطردها من المنزل،
متهماً إياها بسرقة المال من بيته، وتحاول إثبات براءتها وتعود للحديث معه لكنه يلقيها إلى السلم، فتنقل إلى المستشفى بعد أن فقدت جنينها، ويتهم «نادر» بإجهاضها ويحاول إثبات براءته،
حيث تشهد ابنته زوراً لصالحه، بينما تعود زوجته إلى الأحداث وتقف إلى جواره، وتحاول استرضاء الخادمة وتعويضها مادياً عن خسارتها لجنينها، وتتوالى الأحداث التى تكشف وتعرى المجتمع الإيرانى المنغلق.
الفيلم هو ثالث أعمال المخرج الإيرانى أصغر فرهادى الذى كان نجاح فيلمه السابق «عن إيلى»، وحصوله على «الدب الفضى» كأفضل مخرج فى مهرجان «برلين»، سبباً فى دعم فيلمه الجديد مادياً من قبل اتحاد الأفلام السينمائية، الذى منحه 25 ألف دولار كجزء من ميزانية الفيلم، الذى لم يلق أى دعم حكومى،
كما تم منع عرضه بعد أن أعلن مخرجه فى أحد الاحتفالات الفنية عن تأييده ودعمه لعدد من مخرجى السينما الإيرانيين المعارضين لحكومة الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد من رموز الثورة الخضراء،
التى اجتاحت شوارع إيران، وعلى رأسهم جعفر بناهى ومحسن مخملباف. يذكر أن الفيلم عرض لأول مرة فى مهرجان «فجر» السينمائى الدولى فى طهران، وأشاد به النقاد فى جميع المهرجانات التى شــــارك بها، كما حصد العديد من الجوائز. يذكر أن الفيلم الإيرانى «أطفال السماء» هو الوحيد الذى رشح عام 1997 حتى الآن للأوسكار.