الجزائر.. موقع وموقف!

سليمان جودة الأحد 05-01-2020 00:18

تصويت البرلمان التركى على إرسال قوات إلى ليبيا، أدى إلى فرز المواقف الدولية الواضحة فى القضية من المواقف الباهتة أمام قطاعات الرأى العام!

وكان موقف الجزائر فى المقدمة من المواقف الواضحة للغاية، عندما قالت إنها ترفض تواجد «أى قوات أجنبية فوق الأراضى الليبية».. ثم أضافت الخارجية الجزائرية عبارة من خمس كلمات لها معناها الساطع فقالت: أى قوات أجنبية مهما كانت!.. وكان المعنى أنها لا تستثنى أى قوة أجنبية.. ثم كان المعنى الأبعد أن ليبيا هى لليبيين جميعاً وفقط.. ولا بديل آخر عن أن تكون كذلك!

والموقف الجزائرى له ضرورته لأسباب كثيرة، ولكن أهمها سببان: أولهما أن الجزائر دولة جارة مع ليبيا بشكل مباشر، والثانى أن أردوغان حاول إغراءها بالاصطفاف إلى جواره خلال زيارته الأخيرة إلى تونس، لولا أن الحس العروبى، الذى نعرفه لدى الأشقاء الجزائريين، كان أقوى من أن ينقاد أمام أحلام عثمانية لا تزال تراود الرئيس التركى فى اليقظة وفى المنام!

حاول إغراءها عندما دعاها إلى الدخول فى تعاون استراتيجى تركى تونسى جزائرى، فكانت عبارتها ذات الكلمات الخمس أبلغ رد على هذا الإغراء السياسى المكشوف من جانبه.. وحاول إغراءها مرةً ثانية حين دعاها إلى حضور مؤتمر برلين الذى يوشك أن ينعقد حول ليبيا.. فكان وكأنه يبحث عن غطاء عربى لتواجده الليبى، ولكن العبارة ذات الكلمات الخمس أيضاً، كانت حاضرة وكانت تغنى عن أى رد آخر!

وعلى مدى شهور طويلة مضت كان وزراء الخارجية فى دول ثلاث لا يكادون ينتهون من اجتماع حول الوضع فى ليبيا، إلا ليعودوا إلى الاجتماع من جديد، وكانوا هُم وزراء خارجية مصر، والجزائر، وتونس.. وكان القاسم المشترك الذى يجمع الدول الثلاث أنها دول جوار مباشر مع ليبيا.. وكنت أدعو دائماً إلى أن يتحول اجتماع الوزراء الثلاثة إلى اجتماع سداسى، لا لشىء، إلا لأن ثلاث دول أخرى تجاور ليبيا على نحو مباشر.. هذه الدول هى: السودان، تشاد، ثم النيجر!

ومن بين الدول الست دولتان غير عربيتين هما تشاد والنيجر، ولكن الرابطة الإفريقية تجمع بينهما وبين الدول الأربع الأخرى.. والمعنى أن القضية الليبية هى قضية عربية إفريقية، ولا يجوز أن تتجاوز هذا الإطار الذى يحدد طبيعتها ويرسم طريق الحل فيها!

فإذا أرادت تركيا تواجداً هناك فسوف تكون دولة دخيلة بحكم هذا كله، وسوف تلفظها الأراضى الليبية قبل أن يطردها الليبيون!