قال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن دار الإفتاء تسعى خلال العام الجديد 2020 إلى إحداث نقلة نوعية في منظومة العمل داخل الدار بالتوسع الأفقي الشامل في إداراتها واستكمال الإنجازات التي حققتها خلال الأعوام السابقة في رفع كفاءة منظومة الخدمات الإفتائية التي تقدمها، واستحداث إدارات جديدة تواكب العصر، وتسهم في إيصال الرسالة الإفتائية الصحيحة لجميع المسلمين في الشرق والغرب، كما تسعى الدار أيضًا إلى زيادة حضورها عبر منصات «السوشيال ميديا»، بهدف الوصول لشريحة الشباب من كافة الجنسيات.
أضاف «نجم» أن دار الإفتاء ستعمل خلال العام 2020 على التوسع في برامج تدريب المفتين ونشر المعارف الإفتائية عبر إدارة التدريب بالدار، من خلال استمرار إطلاق البرامج التدريبية التي تهدف إلى نشر التدين الصحيح ومكافحة التطرف والحد من الظواهر الاجتماعية الخطيرة مثل زيادة حالات الطلاق.
وأشار مستشار مفتي الجمهورية إلى أن الدار ستواصل مجهوداتها في حربها ضد جماعات التطرف والإرهاب وتجفيف منابع الفكر المتشدد عبر مشروع الانحرافات الفقهية لدى الجماعات المتطرفة، حيث وضعت الدار عبر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم «خطة الانحرافات الفقهية للجماعات المتطرفة».
ولفت «نجم» إلى أنه سيتم التصدي لجماعات التطرف من خلال بيان مخالفة المنهج الاستدلالي المنحرف لتلك الجماعات عن منهج أهل العلم في الاستدلال والفهم المدون في علم أصول الفقه، وكذلك تفنيد الأصول الباطلة التي بنى عليها المتطرفون فقههم، مثل: الأصل في الناس الكفر، والأصل في الديار الكفر، والأصل في غير المسلم أنه محارب، كما ستجمع الدار آراءهم ومناهجهم من كتبهم المنشورة على مواقع الإنترنت ومن فتاواهم المنتشرة على المواقع، لتوثيق آرائهم من كتبهم المعتمدة لديهم.
أضاف «نجم» أن الأمانة ستبدأ في 2020 العمل على إنشاء «ملتقى بحوث ودراسات الأقليات المسلمة» يعمل على جمع الباحثين والدارسين من مختلف التخصصات التي تتعلق بشئون الأقليات المسلمة، وتعقد حلقات نقاشية حول هذه القضايا، وتخرج بورقة عمل رصينة تتعلق بضبط التعامل مع قضايا الأقليات.
وأوضح أن هذه الجلسات والحلقات ستعقد في شكل ندوات دورية يشارك فيها الباحثون وأبناء الأقليات في شكل تفاعلي بنَّاء، قائلًا إن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ستعمل خلال العام الجديد 2020 على استكمال مشروع موسوعة «المرجع العام للمؤسسات الإفتائية» وإصدار الجزء الخامس منه بعنوان صنعة الإفتاء.
أضاف أن الدار ستعمل كذلك على نشر عدد من الإصدارات خلال العام الجديد، حيث ستعمل عبر الأمانة في إعداد موسوعة لدراسة المساحات البينية بين الفتوى من جهة والعلوم الاجتماعية والإنسانية من جهة أخرى تأثيرًا وتأثرًا، وهو مشروع رائد له قيمته العلمية الكبيرة في كلا المجالين.
وستشرع الدار في إعداد معجم شامل لمصطلحات الفتوى والإفتاء لحصر واستقراء المصطلحات المستخدمة في العملية الإفتائية بكافة صورها وأشكالها، وتعد الأمانة مدونة سلوك الفتوى، وهو مشروع يهدف إلى إعداد عرض تقديمي وأدلة إرشادية تعليمية وتدريبية شاملة لمحتوى صناعة الإفتاء من جوانبها وجهاتها المختلفة، تنقل خلاصة التجربة الإفتائية المصرية للعالم عبر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، ويستعين بها طلاب الإفتاء والمدربون والمتدربون.
ويشمل العرض التقديمي عدة محاور منها: «علوم الفتوى والإفتاء»، و«الفتوى.. الأخلاقيات والآداب»، و«مؤسسة الإفتاء والجودة الإفتائية»، و«تجارب إفتائية»، أما عن الفضاء الإلكتروني فأوضح «نجم» أن الدار ستعمل على تكثيف نشاطها عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي كونها من أهم مفردات التواصل المباشر مع الناس شرقًا وغربًا، لافتًا النظر إلى أن الاحتفال باليوم العالمي للإفتاء العام القادم في 15 من ديسمبر 2020 سيشمل تخصيص عدد من اللقاءات المرئية على السوشيال ميديا لزيادة الوعي الإفتائي، وتوضيح أهمية الفتوى باعتبارها ركيزة داعمة للاستقرار والأمن والحياة، إذا مورست بقواعدها الشرعية وضوابطها العلمية.
وأكد أن ذلك يأتي انطلاقًا من رؤية الأمانة بضرورة تكثيف حضورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لما لها من تأثير ومميزات كثيرة، منها سرعة الانتشار وانجذاب فئة الشباب لها وحضورهم بشكل مستمر، فضلًا عن كونها أسلوبًا للتواصل العصري الجديد، فكان لا بد من التواصل من خلالها وإيصال المعلومات الدينية بشكل يستطيع الشاب تناوله والتفاعل معه.
وعلى المستوى الخارجي، أكد «نجم» أن العام 2020 يشهد جولات مهمة لفضيلة مفتي الجمهورية وعلماء الدار في إطار السعي للتواصل مع المسلمين في شتى بقاع الأرض، ولتصحيح صورة الإسلام وتقديم الدعم للمسلمين.
وأشار إلى أن الدار والأمانة سيعملان عبر عدة آليات للتواصل مع الخارج يأتي في مقدمتها إرسال قوافل علمية إفتائية مشتَرَكة تهدف إلى تبصير الناس في ربوع المعمورة بهذا الدين الحنيف ويُسرِه وسماحتِهِ وبيان الخطأ في الفتاوى التي يتصدر لها غير المتخصصين.
وتباشر الأمانة العامة إنشاء مكاتب تمثيل حول العالم تكون فروعًا لمقرها الرئيسي في القاهرة ويكون واجبها العمل على تطوير مجال الإفتاء تنظيرًا وتطبيقًا والإسهام في نشر رسالة الأمانة العامة وأهدافها.
وعلى صعيد جهودها في مواجهة ظاهرة جماعات الإسلام السياسي المنحرفة، أكد مستشار مفتي الجمهورية أن دار الإفتاء قد أفردت في خطتها للعام 2020 مشروعًا لبيان «إفلاس الإسلام السياسي» حيث تحولت تلك الظاهرة إلى كابوس مزعج للأمة والعالم بأسره، موضحًا أن مشروع جماعات الإسلام السياسية قام على أسس واهية ومفاهيم خاطئة؛ لذا فإن أسباب وعوامل انهياره وفشله حاضره بقوة.
ولفت «نجم» إلى استمرار دار الإفتاء المصرية في العام الجديد في رصد حركة تلك الجماعات المنبثقة عن فكر جماعة الإخوان، وتحليل كافة المفاهيم الجامدة المتشددة التي تسعى لنشرها واختصار الإسلام في مظاهر بعينها ومحاولتهم إعلاء قيمة المظهر على الجوهر ومناهضة الدولة، وكذا رصد تكوين التنظيمات السرية الخاصة بهم.
وكشف «نجم» عن إعداد دار الإفتاء لإطلاق الإصدار الثاني من مشروع المكتبة الإلكترونية للإنتاج الإفتائي، وهو برنامج إلكتروني تم تطويره لجمع ما تم تصنيفه في الفتوى وعلوم الإفتاء من كتب ورسائل علمية وأبحاث، كما اشتمل على روابط صفحات التواصل الاجتماعي للمفتين ومواقع المؤسسات الرسمية على شبكة المعلومات وصفحات الويب المعنية بالإفتاء؛ مع تصنيف ذلك وتيسير البحث والعرض بما يخدم المتصدرين للإفتاء والباحثين.
وشرعت الأمانة العامة في تحويل هذا البرنامج لموقع إلكتروني تحت عنوان «مكتبة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم» يتيح هذه الثروة العلمية في الفتوى والإفتاء، كما خططت لإضافة طائفة أخرى من المراجع والكتب التي تتصل بمجال العمل الإفتائي وإتاحة ذلك للباحثين عبر وسائل بحثية متطورة.
ولفت مستشار مفتي الجمهورية إلى توجه الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم إلى دعم منظومة الاستشارات الإدارية للمؤسسات الإفتائية، حيث أصدرت الأمانة العامة خلال العام الماضي عدة مراجع نظرية تربط علوم الإدارة بالإفتاء، وهي: «الدليل الإرشادي لتأسيس الهيئات الإفتائية»، «إدارة الجودة في المؤسسات الإفتائية»، و«إدارة الموارد البشرية في المؤسسات الإفتائية».
وأوضح «نجم» أن وحدة الاستشارات الإدارية للمؤسسات الإفتائية تهدف إلى تأهيل دور وهيئات ومكاتب الإفتاء إداريًّا بهدف تحويلها لمؤسسات مطبقة للنظُم الإدارية الحديثة للارتقاء بعملية الفتوى والإفتاء وتقديم الاستشارات المعنية بذلك، وأيضًا وضع الأدلة النظرية والعملية التي تعكس إجراءات وآليات إنشاء المؤسسات الإفتائية للجهات الراغبة في ذلك.
كما ستعمل الوحدة على تطوير برامج وحقائب تدريبية لتطبيق النظم الإدارية الحديثة كإدارة الجودة في المؤسسات الإفتائية والحكومة الإدارية والتكنولوجية بالاستفادة بما سبق للأمانة العامة إصداره من مراجع نظرية في هذا المجال، وكذلك تطوير ووضع آليات تفعيل المواصفات الإدارية التي سبق للأمانة اقتراحها بدعم برامج تأهيل دور وهيئات الإفتاء الراغبة في تطبيق هذه المواصفات، فضلًا عن تقديم الاستشارات الإدارية لدور وهيئات الإفتاء، إضافة إلى التعاون مع الجهات المحلية والدولية المعنية بالتطوير الإداري.
وفى إطار مشاركة دار الإفتاء أعمالها مع سائر المعنيين بالفتوى والإفتاء من خلال إصداراتها ومطبوعاتها، قال «نجم» إن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بصدد الإعداد لإصدار الجزء الثالث من موسوعة «جمهرة أعلام المفتين» وسيرتكز على التعريف بسير ومناهج أكابر المفتين في المنطقة العربية الأسيوية والخروج بجمهرة علمية متنوعة تجمع سِير وتراجم أعلام الفتوى في مختلف بقاع العالم الإسلامي.
وشدد على أهميته وضرورته في رصد مميزات كل مدرسة من هذه المدارس والتي تجمع طرق الفتوى ومناهجها بغرض الاستفادة منها في الواقع الحديث، وكذلك الاستفادة من تجارب أعلام المفتين والعلماء في الوقائع والنوازل والبلدان المختلفة التي توقفنا على المنهجية العلمية التي حكمت حركة الفتوى في العصر الحديث، موضحًا أن هذا العمل يسهم في النهوض بمؤسسات الإفتاء بشكل عام، ويسهم أيضًا في معرفة ما يوجَّه من نقد لكل مدرسة من هذه المدارس، ويرصد أوجه التفاعل والترابط بين مناهج الفتوى ومدارسها في هذا العصر، ومقدار ما يحققه هذا الأمر من تكامل وتعاون واستفادة، كما يستهدف مجموعة من الفئات المختلفة وعلى رأسها مؤسسات الفتوى في العالم، والجامعات والمراكز البحثية، والعلماء والباحثين المهتمين بشأن الفتوى، وأيضًا المتدربين على صناعة الفتوى.
وفى ظل حالة التطور الرقمي التي يشهدها العالم، أعرب مستشار مفتي الجمهورية عن عزم الأمانة العامة للإفتاء في السير قدمًا والإسهام في تطوير البنية التكنولوجية لدور الإفتاء في العالم، وذلك من خلال حزمة من البرامج لدعم دور وهيئات الإفتاء القائمة والتي سيتم استحداثها بحيث تصبح الأمانة مرجعًا تكنولوجيًّا لتلك الدور، موضحًا أنه سيتم تقديم برامج جاهزة لهذه المؤسسات في إدارة الفتاوي الهاتفية والإلكترونية وتراث الفتاوي، وكذلك المواقع الإلكترونية وربطها بموقع الأمانة، انطلاقًا من أن الفتوى هي منتج دور الإفتاء، ومن ثم يجب أن يتميز هذا المنتج بجودة عالية يتناسب مع مستخدم هذا العصر.
وكشف «نجم» الستار عن إقامة دورات للأئمة من خارج مصر ستكون الأولى من نوعها باللغتين العربية والإنجليزية، وأوضح أن موضوعات التدريب ستسير وفق ثلاثة محاور؛ الأول: صناعة الفتوى، أما الثاني فسيكون حول مواجهة التطرف، والثالث بشأن سبل مواجهة الإسلاموفوبيا. ويأتي ذلك انطلاقًا من مبادرة الأمانة العامة بوضع برنامج تدريبي لإكساب مجموعة من المتدربين المشتغلين بالعلوم الشرعية المهارات الإفتائية، والعلمية، والفنية اللازمة لرفع كفاءة وجودة الأداء الإفتائي لديهم، ومن ثم رفع كفاءة وفعالية المؤسسات الإفتائية إن كانوا بالفعل يمارسون الإفتاء فيها.
وشدد مستشار مفتي الجمهورية على أن الأمانة العامة تستهدف من تلك المبادرة نشر الالتزام بالمنهج الوسطي في ممارسة الفتوى التزامًا تامًّا، ومراعاة مقاصد الشرع الشريف في ممارسة الفتوى مراعاةً دقيقة، ونشر قيم الإفتاء في المجتمع بكفاءة وفاعلية، ومراعاة معايير جودة الأداء الإفتائي، وإدارة الأداء الإفتائي بكفاءة وفاعلية، وكذلك إدارة المؤسسات الإفتائية بما يحافظ على استقرار المجتمعات وأمنها في مختلف دول العالم الإسلامي.