حذر أكراد سوريا من أن تركيا تستعد لنقل «مرتزقة» من الميليشيات المقاتلة فى سوريا إلى ليبيا، فيما كشف المبعوث التركى إلى ليبيا أمر الله إيشلر أن بلاده قد تقيم قاعدة عسكرية فى طرابلس.
واعتبرت «الإدارة الذاتية» لشمال وشرق سوريا (المنطقة الخاضعة لسلطة الأكراد) أن تركيا تستغل من وصفتهم بالمرتزقة من أجل إرسالهم إلى ليبيا.
ونبه الرئيس المشترك للمجلس التنفيذى للإدارة الذاتية، عبد حامد المهباش، فى بيان، أمس، إلى «ضرورة الانتباه للمؤامرات التى تحيكها الدولة التركية وما تقوم به من استغلال للمرتزقة وإرسالهم لليبيا وغيرها من المناطق، تنفيذاً لأجنداتها التوسعية»، بحسب تعبيره.
وكان المرصد السورى لحقوق الإنسان أفاد، أمس الأول، بأن الفصائل السورية الموالية لتركيا افتتحت مراكز لتسجيل أسماء الأشخاص الراغبين بالذهاب للقتال فى ليبيا.
كما نقل عن مصادر سورية مطلعة قولها إن منطقة عفرين شمال حلب شهدت افتتاح 4 مراكز لاستقطاب المقاتلين، ضمن مقار تتبع للفصائل الموالية لتركيا، حيث افتتح مكتب تحت إشراف «فرقة الحمزات» فى مبنى الأسايش سابقاً، وفى مبنى الإدارة المحلية سابقاً تحت إشراف «الجبهة الشامية»، كما افتتح «لواء المعتصم» مكتباً فى قرية قيبارية، وفى حى المحمودية مكتباً آخر تحت إشراف «لواء الشامل».
ونقلت وكالة «بلومبرج» للأنباء عن مسؤول فى حكومة الوفاق الليبية برئاسة فائز السراج، تأكيده للأمر، وقال إن حكومة طرابلس عارضت الفكرة فى البداية، لكنها قبلتها فى النهاية عندما بدأت قوات الجيش الليبى فى التقدم نحو طرابلس.
ونقلت الوكالة عن مسؤول تركى رفيع المستوى، لم تكشف عن هويته، قوله إن ميليشيا «لواء السلطان مراد»، التى تقاتل فى سوريا، يجرى إعدادها لنقل مقاتليها إلى ليبيا، خاصة أنه لن يتم اعتبارها تدخلا تركيا رسميا فى ليبيا.
وأضاف المسؤول التركى أن بلاده قد ترسل قواتها البحرية لحماية طرابلس، بينما تقوم قواتها بتدريب وتنسيق قوات حكومة الوفاق.
من جانبه، قال المبعوث التركى إلى ليبيا، أمر الله إيشلر، إن بلاده تدعم ما وصفها بـ«الحكومة الشرعية» فى ليبيا.
وشدد إيشلر، فى كلمة خلال ندوة نظمتها جامعة «يلدرم بايزيد» بالعاصمة التركية أنقرة حول العلاقات التركية الليبية، وفقاً لوكالة «الأناضول» التركية، على أن ليبيا (حكومة الوفاق) حليف مهم لتركيا من أجل توازنات الطاقة فى البحر المتوسط، منوّهاً بأن بلاده ستقدم الدعم اللازم من الناحيتين العسكرية والأمنية.
وكشف عن استعداد بلاده لبناء قاعدة عسكرية فى ليبيا إذا تقدمت طرابلس بطلب بهذا الشأن على غرار القاعدتين التركيتين فى قطر والصومال.
فى المقابل، أعلن رئيس لجنة الشؤون الخارجية فى مجلس النواب الليبى، يوسف العقورى، أن قرار استرجاع العاصمة طرابلس التى تسيطر عليها المجموعات المسلحة هو قرار سيادى لمجلس النواب والقيادة العامة للجيش.
وقال العقورى، فى تصريحات لوكالة «سبوتنيك» الروسية، أمس، إن تحرك الجيش الليبى جاء بعد أن فشل تطبيق اتفاق الصخيرات وتعثر الترتيبات الأمنية، ما أدى لوقوع حكومة الوفاق رهينة لدى المجموعات المسلحة، مشيراً إلى أن تلك المجموعات استباحت مؤسسات الدولة فى مدينة طرابلس لمصالحها واستغلت الأوضاع لنهب ثروات البلاد، وأضاف: «لقد حذرنا بعثة الأمم المتحدة والمجتمع الدولى من عواقب ذلك ولكن دون جدوى».
واعتبر العقورى أن «تلويح تركيا بالتدخل العسكرى تدخل سافر فى شؤوننا الداخلية وخرقا كبيرا لميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية التى تدعو لاحترام سيادة الدول». ووصفه بأنه «تصعيد خطير ستكون له عواقب وخيمة على المنطقة».
وأكد أن البرلمان الليبى تحرك على جميع المستويات، وأدان هذا التدخل التركى لدى المجتمع الدولى، وطالب باتخاذ الإجراءات الرادعة ضده.
فى موسكو، أعلن المتحدث باسم الكرملين، دميترى بيسكوف، أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بحث مع أعضاء مجلس الأمن الفيدرالى، أمس، الأوضاع فى ليبيا فى سياق الاتصالات الهاتفية، التى أجراها بوتين مع عدد من نظرائه الأجانب.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن هناك أطرافا خارجية تحاول التأثير على مستقبل ليبيا، مشيرة إلى «العديد من الجهات الفاعلة التى تحاول تقسيم البلاد عبر السلاح».
وأضافت فى مقابلة مع صحيفة «لاريبوبليكا» الإيطالية، أمس، أنه «يتعين أن يكون واضحا بأنه لا حل عسكريا للأزمة»، مشيرة إلى أن «الاتحاد الأوروبى يتبنى موقفا موحدا فى دعم عملية السلام التى تقودها الأمم المتحدة من خلال اتفاق دبلوماسى وسياسى بين جميع الأطراف الليبية»، حسب وكالة «آكى» الإيطالية.
وقالت إن بالإمكان «تحقيق حل لمستقبل دائم للسلام فى ليبيا بشكل أفضل، فى إطار عملية برلين للأمم المتحدة، التى يشارك فيها الاتحاد الأوروبى أيضًا».
من جانبه، قال نائب وزير الخارجية اليونانى، ميلتاديس فارفيتسيوتيس، إن «أردوغان يلعب بالنار، وإن كل ما يستطيع فعله هو عزل نفسه أكثر».
وذكرت وسائل إعلان يونانية أن نائب رئيس الدبلوماسية اليونانية بعث برسالة إلى تركيا فى تصريح لإذاعة «سكاى» مفادها أن أثينا فى «حالة تأهب». وقال فارفيتسيوتيس: «إن ردود الفعل على التوسع العثمانى الجديد تجرى بكثافة، وتأتى من الجميع شرقا وغربا.. أردوغان يلعب بالنار ويثير ردود أفعال ليس فقط من اليونان بل ومن جميع اللاعبين الدوليين».
وشدد فارفيتسيوتيس على أهمية زيارة رئيس وزراء بلاده إلى البيت الأبيض فى 7 يناير المقبل، مشيرا إلى أن أثينا تعمل على تدويل ما وصفها بمسألة الاستفزازات التركية بهدف الحفاظ على الأمن والاستقرار فى المنطقة.
ووقعت الحكومة التركية وحكومة الوفاق الوطنى الليبية، يوم 27 نوفمبر الماضى، فى مدينة إسطنبول، بحضور الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، ورئيس المجلس الرئاسى الليبى، فايز السراج، على مذكرتى تفاهم تنص أولاهما على تحديد مناطق النفوذ البحرى بين الطرفين، فيما تقضى الثانية بتعزيز التعاون الأمنى العسكرى بينهما.
وأثار هذا التطور معارضة شرسة من الجيش والبرلمان الليبيين، وكذلك كل من مصر واليونان وقبرص، التى تشهد علاقاتها فى الآونة الأخيرة تقاربا ملحوظا فى ظل الخلافات مع تركيا.