محمد هنيدى: تطهير أنفسنا أهم من مواجهة الفساد

كتب: أحمد الجزار الأحد 24-07-2011 18:53

يخوض محمد هنيدى السباق الرمضانى لأول مرة هذا العام بمسلسل «مسيو رمضان مبروك» فى أول بطولة تليفزيونية له، ويراهن هنيدى فى هذه التجربة على شخصية «رمضان» الذى سبق أن قدمها فى فيلم «رمضان مبروك»، الذى حقق من خلاله نجاحا جماهيرياً كبيراً، وهذا ما شجعه على التجربة، بعد أن ظل مترددا طوال السنوات الماضية، وفى الوقت نفسه يرى هنيدى أن الشعب يحتاج الآن إلى جرعة كبيرة من الكوميديا كى تساهم فى تغيير حالته النفسية بعد الأحداث المتلاحقة التى نمر بها الآن، كما أكد هنيدى أن الثورة كانت متوقعة وأنه قد شم رائحتها بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة بعد أن أصبح الفساد علنياً، وأكد هنيدى ضرورة تشجيع الدولة المدنية ومنح فرص أكبر للشباب للمشاركة الفعالة فى الحياة السياسية وإتاحة الفرص لكل التيارات بمن فيهم الإخوان والسلفيون.. عن الفن والسياسة كان لنا هذا الحوار مع النجم محمد هنيدى:

لماذا قررت الاتجاه للتليفزيون الآن؟

- بالتأكيد كان من الوارد أن أقدم عملا تليفزيونيا من بطولتى خلال مشوارى، ولكنى كنت أتردد طوال الوقت، لأن جمهور التليفزيون مرعب، خاصة أن هناك ملايين سيشاهدون هذا العمل، ومن هذا المنطق فإذا لم أمتلك سيناريو أثق بأن الجمهور سيحبه فسيكون هناك خطر فى خوض التجربة، وبصراحة كنت عندما أقترب من تجربة فيديو وأبدأ فى دراسة الشخصية كنت أفضل أن أحولها إلى عمل سينمائى «وأتلكك»، ولكن بعد نجاح فيلم «مبروك أبوالعلمين» وجدت أن شخصية مبروك هى الأنسب لأخوض بها تجربة الفيديو لأن الجمهور أحب الشخصية جدا بعيدا عن تقديمى لها فهو أحب نموذج مبروك، ولذلك قررت أن أفصل شخصية مبروك عن شخصية محمد هنيدى الممثل على أن يكون لكل منهما طريق منفصل فى مشواره، لأننى أرى أن هذه الشخصية كرم من الله وحرام أن تموت سريعا.

وهل إيرادات الفيلم سبب استشعارك بحب الجماهير لشخصية «مبروك»؟

- ليس فقط من الإيرادات وإلا كنت قدمت شخصية «خلف» التى جسدتها فى فيلم صعيدى فى الجامعة الأمريكية، ولكن أعتقد أن الجمهور أحب شخصية مبروك أكثر من خلف، بالإضافة إلى أنها أقرب شخصية لقلبى قدمتها للناس، وهذا ما أجبرنى على العمل بالتليفزيون، كما أنه أصبح لدى خبرة 20 عاما قد تؤهلنى للحكم على ذلك، كما أن فيلم «رمضان مبروك» قد حظى بمشاهدة عالية جدا بعد عرضه فى التليفزيون، وهناك أصدقاء لى أثق برأيهم من جميع الطبقات شجعونى على ذلك، وكما قلت هناك من أحب الشخصية بعيدا عن هنيدى، لأنه ساخر وطيب وحنين وأيضا مصرى جداً، بالإضافة إلى أنه صاحب موقف وأعتبره قيمة وأعتقد أن القيمة لا أحد يختلف عليها إلى جانب أن «الكاراكتر» نفسه يسمح بالكوميديا الصارخة التى نحتاجها جميعا الآن، وإذا كان الدولار قد وصل إلى «كذا» وأيضا البترول والذهب فثق أن الكوميديا أغلى من كل هذه الأشياء، لأن العالم افتقد الابتسامة وخاصة الوطن العربى، بسبب المتغيرات والاحتقانات والفترات الانتقالية التى نمر بها ويجب ألا ننسى الحالة النفسية للشعوب ومن أهمها الأمان والضحك، وأتمنى من الله أن نكون سببا لإضحاك الناس مع احترام العقول ومناقشة همومنا الوطنية، كما أننى أرى أن مبروك صاحب رسالة قومية وأوعد الجماهير خلال الفترة القادمة بمفاجأة مع مبروك فى فيلم سينمائى جديد سنطرح من خلاله ما تحتاجه مصر الآن وستكون هناك سلسلة من الأعمال وسنشاهده فى السينما والمسرح والتليفزيون، لأن الشخصية «كنز» منحها الله لى.

ولكن قد يتهمك البعض بالإفلاس واستغلال نجاح شخصية سبق أن قدمتها؟

- أقول لمن يقول إننى استغل الشخصية لديك حق لأنه من الواجب على أن أستغل هذه الشخصية طالما الناس أحبتها، بالإضافة إلى أننا سنوظفها فى موضوعات ومناطق لم نتطرق لها من قبل، أما بخصوص الإفلاس فأؤكد بأننى سأقدم أعمالا أخرى وأفلاماً ليست لها علاقة بمبروك، وكان من المقرر أن أبدأ تصوير فيلم بعنوان «تيتة رهيبة» يوم 26 يناير الماضى، وقد قمنا ببناء الديكورات ولكن الثورة عطلتنا واضطررت إلى تصوير المسلسل أولا، ولكن سأبدأ الفيلم عقب انتهاء المسلسل وسيشاركنى فيه البطولة النجمة سميحة أيوب وتأليف يوسف معاطى وإخراج سامح عبدالعزيز.

وما الجديد الذى ستقدمه من خلال المسلسل؟

- المسلسل سيكون امتداداً للفيلم، لأننا سنذكر بعض الأحداث مثل أنه كان متزوجاً من نجلاء وجدى المطربة وستكون هناك إطلالة صغيرة على قضية التعليم، لأن مبروك يعتبر نفسه صاحب رسالة تنويرية كما سنناقش بعض القضايا الاجتماعية مثل الرجل المتزوج من امرأتين والرجل الذى لا ينجب كذلك فساد رجال الأعمال والهجرة غير الشرعية.

وهل قمت بإجراء أى تعديلات على العمل بعد الثورة؟

- أحداث المسلسل تتماشى تقريبا مع ما حدث فى الثورة لدرجة أن المشاهد سيتوقع أنه تمت كتابته بعد الثورة، لأنه قريب جدا من نبض الشارع، لأننا نتحدث عن الفساد الذى استفحل فى الفترة الأخيرة وعن ظلم رجال الأعمال الفاسدين وفساد الانتخابات وكلها من الأسباب التى أدت لقيام الثورة.

وما أكثر الصعوبات التى تعرضت لها أثناء التصوير؟

- معظم المشاهد كانت صعبة خاصة فى ظل الظروف الحالية لأننا واجهنا صعوبة فى العثور على أماكن مناسبة للتصوير إلى أن عثرنا على مكان مغلق، وحاولنا إنجاز ما يمكن إنجازه كما أننى تعرضت لإرهاق كبير أثناء تصوير مشاهد المدرسة بسبب ارتفاع درجات الحرارة فى الفصول ووجود مجاميع كثيرة من الطلبة، كما أننا صورنا بعض المشاهد فى فرنسا وكانت درجة الحرارة هناك تحت الصفر، لدرجة أننى تجمدت أثناء التصوير أما بخصوص نظام العمل فى التليفزيون فبصراحة فلم أكن أفقه شيئاً به لأن «سيستم» العمل تغير تماما، وأصبح كل شىء يحسب بالدقيقة ولم أكن أفهم ذلك فى البداية، ولكنى طلبت أن أظل أتابع التصوير حتى أتعب.

وهل تشعر بقلق من رد الفعل المتوقع فى أول بطولة تليفزيونية لك؟

- بالتأكيد وأكثر ما يقلقنى رد فعل الجمهور رغم أننى أحمل بعض الطمأنينة بسبب الشخصية التى أقدمها، ولكن لن أهدأ ألا بعد متابعة رد الفعل.

وهل ترى أن الكوميديا فى هذه الظروف أصبحت عملة صعبة؟

- الله يرزقنا الضحك، لأن الله قال فى كتابه العزيز «وأنه هو أضحك وأبكى»، ويزيل الهم ويكشف الغمة وإذا كان ربنا قد منحك هذه القدرة فعليك ألا تبخل بها، ولكن يجب أن تحترم العقول ولا تستخف بها وتقدم أعمالا تافهة ومسفة، وأتمنى من الله أن ينجح المسلسل فيرسم بسمة على وجوه الجمهور ويحترم عقله لأن الفترة القادمة رغم أنها مرحلة جادة لكنها تحتاج إلى الضحك حتى نغير من الحالة النفسية التى تعرضت لضغوط كثيرة خلال الفترة الماضية، لأن هناك من سيخرج منها سريعا ومن سيلجأ لطبيب نفسى، وبصراحة الضحك أصبح قليل جدا، لذلك أغضب جدا عندما أجد من يقلل من قيمة الكوميديا وليس معنى أن يعرض فيلم «وحش» تتم إهانة الكوميديا بالكامل، ويجب أن يأخذ كل شخص حقه و«عيب بقى»، لأننا «سكتنا» كثيرا وتم التطاول على الكوميديا كثيرا وأهانها البعض ورغم ذلك لا أنكر أن هناك أعمالا كانت سبباً فى ذلك، ولكن كان يجب أن نناقش هذه الأعمال دون أن نقلل من قيمة الكوميديا، لأن الكوميديا من وجهة نظرى أهم ما يميز الحياة، ورغم أن السينما فى تاريخها قد حفلت بنجوم عمالقة وكبار ولكنهم ليسوا فى شهرة إسماعيل ياسين إلى الآن، وهذا لا يقلل بالطبع من قيمتهم ولكن الكوميديا مثل الماء والهواء لنا جميعا.

وهل محمد هنيدى يريد أن يكون امتداداً لإسماعيل ياسين؟

- بصراحة كان همى طوال الوقت عندما أقدم أعمالا وربنا يسألنى عليها أستطيع أن أجاوب ولما الناس تشوفها يقولوا الراجل ده كان محترم وكان «كويس» وبسيط ولما أبنائى يكبروا لا يخجلوا من أعمالى، وبالتالى فهم كانوا المجتمع الخاص بى منذ البداية وهذا لا يمنع أن كل شخص آخر حر فيما يقدمه أما بخصوص إسماعيل ياسين فأنا لن أستطيع أن أترك رصيداً مثله لأن اليوم فى زمنه كان بسبعة أيام الآن، ولكنى أتمنى أن أترك ما يمنحنى احترام الناس.

وهل ترى أن النقد لم ينصفك؟

- أحيانا تجد أن النقد ليس له علاقة بالعمل وكأن الناقد قرر فى صباح يومه أن يضايقنى أو يشتمنى وبصراحة فى البداية كنت أتضايق ولكن الآن لم أعد أركز فى ذلك بسبب زخم الحياة رغم أننى أرى أن الممثل لن يكون جيدا إلا إذا كان وراءه ناقد جيد، لأنه من المفترض أن يوجه ويطور الممثل ولكن خلال السنوات الماضية لم أعثر على مواصفات هذا الناقد، ولكنى أتمنى أن يختلف الوضع بعد الثورة وأرى الناقد يتحدث فى المونتاج والإضاءة والماكياج والديكور بالإضافة إلى التمثيل وأن تختفى الشتائم، لأنه أهم من تطهير الفساد هو تطهير أنفسنا حتى نستطيع أن نكمل بعضنا الآخر، لأننا فى النهاية نعمل فى منظومة واحدة.

ولماذا رفضت تقديم مسلسلات «ست كوم»؟

- مع احترامى لكل من قدم حلقات ست كوم ولكن هذه النوعية من الدراما مرتبطة بالخواجة وهو له ثقافته وروحه الذى تميزه ولهذا قاموا بتقديم ما يناسبهم ونجحوا فى ذلك ولكن الست كوم فى مصر اعتمد على الممثل وعلى الإفيهات فخرج معظمها «دمها تقيل» ودون المستوى.

ترى لماذا تأخرت السينما فى إنجاب جيل جديد من النجوم؟

- صناعة النجم مرتبطة بثقافة جيل وكل عصر له نجومه والدليل أننى لا أستطيع الآن أن أقدم فيلما مثل «صعيدى فى الجامعة الأمريكية»، ولكن أؤكد لك أن شعب مصرى خفيف الظل ومواهبه لا تنتهى، ولكن اعتاد على نجوم الكوميديا أن يسلموا الراية للجيل التالى بعد ثلاثين عاما، وبصراحة «ربنا يكون فى عون اللى يعمل كوميديا الآن» لأن الحياة أصبحت صعبة والنجاح يحتاج إلى مجهود وإرادة كبيرة لأن زمن إسماعيل ياسين ليس موجوداً الآن.

ولماذا قررت تخفيض أجرك رغم تعاقدك على المسلسل قبل الثورة؟

- هناك أكثر من 400 شخص يعملون فى المسلسل، وهذا يعنى أن هناك 400 أسرة ستستفيد من العمل ووقفه يعد مصيبة كبرى بالنسبة لهم، خاصة أنهم لا يملكون مهناً أخرى والأعمال أصبحت محدودة جدا فى السوق الآن، ومع هذا الموقف أرى أنه لا يوجد مكان للأنانية وعملنا يعد واجباً وطنياً، ولهذا قبلت تخفيض الأجر ونزلت للبلاتوه فوراً دون أن أتردد وبصراحة كان لدى استعداد أن أعمل دون أن أتقاضى الآن مليما واحدا من أجل استمرار هذه الصناعة ودعمها، لأنها تمثل دخلاً قومياً ولهذا لا أنكر أننى قد استغربت من بعض المنتجين الذين توقفوا عن العمل ولكن فى الوقت نفسه الله أعلم بظروفهم ولكنى أدعوهم إلى المساهمة والعودة إلى العمل وبصراحة لقد أعجبت جدا بالمنتج أحمد السبكى واتصلت به وهنأته عندما علمت أنه بدأ تصوير فيلمين بعد الثورة رغم المخاطر التى قد يتعرض لها بسبب هذا القرار، ولكن يجب على كل العاملين فى هذه الصناعة أن يتكاتفوا ويضعوا أيديهم فى يد بعضهم البعض لإعادة الصناعة لأنها مسؤولة عن بيوت كثيرة جداً.

وهل ترى أن موضوعات الدراما قد تتغير بعد الثورة؟

- بالتأكيد وإلا سنكون مجانين إذا لم نغير أو أصبحنا خارج الحدث وأن نفكر فى شكل مصر الآن ونفكر فى مستقبلها، لأننا بصراحة «اتهرينا» كلام عن اللى فات.

وهل مسلسلك الإذاعى «قلقان فى مصر» له علاقة بوضع مصر الآن؟

- إطلاقا المسلسل يدور حول شخص اضطر لبيع قطعة أرض فى البلد وعاد بأموالها إلى القاهرة ووضعها فى البنك وقام بفتح قناة تليفزيونية ولكنه يظل طوال الوقت قلقاً على أمواله، وبصراحة لا أستطيع أن أقول وجهة نظر فى الثورة الآن لأنها لم تنته من وجهة نظرى، ولكن قد يكون المجال أفضل بالنسبة للأفلام الوثائقية.

وإذا انتقلنا إلى السياسة كيف ترى وضع مصر الآن؟

- بصراحة أرى أن عملية البناء بعد نقلة انتظرناها 60 عاما ستحتاج إلى وقت وسيكون هناك بعض السلبيات ولكن أتمنى أن تنتهى بسرعة إذا كنا نريد أن نفرح ونسعد بهذه النقلة، ويجب أن نهتم بمصر الآن، لأنها بحاجة لكل شخص منا، وإذا كنا نحبها يجب ألا نهلكها أكثر من ذلك، ونبدأ فى مرحلة العمل كما قال الشيخ الشعراوى «الثائر الحق»، فبعد أن ثرنا علينا أن نهدأ حتى نرى الصورة كاملة وشهادة أقولها لله وللتاريخ وهو أن كل من شارك فى هذه الثورة قد كتب حروف اسمه من نور فى التاريخ، بعد أن حققوا ما فشلنا فى تحقيقه أثناء مظاهرات الجامعة فى الثمانينيات وقد تم ضربنا من الأمن المركزى بعد أن رفعنا شعار «يا حرية فينك.. فينك.. أمن الجامعة بينى وبينك»، وكان هذا الشعار من تأليف الكاتب أحمد عبدالله وقد حلمنا دائما بالتغيير، ولكن كان القمع شديداً ولا تدرى فكل شىء قد كتبه الله سيأتى فى وقته وأعتقد أن الله قد حمى الشعب المصرى فى هذه الثورة، لأنه أدرى بحالنا ويجب أن نكون نحن الآن شطار ونحافظ على ما حققناه وكفانا كلاما.

وهل توقعت هذه الثورة؟

- كنت أشم رائحتها وهناك كثير مثلى توقعوا ذلك ولكنى شممت رائحتها جدا جدا بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

بعد أن كان التزوير للركب والفساد زاد عن حده وهذا ما جعل الشعب المصرى يشعر بحالة من الأسى والانكسار لما يعيشون فيه، وقد شعرت بذلك فى كل شوارع مصر وكان ذلك مبشرا بحدوث شىء، وأثناء الثورة كنت مشغولا بالتحضير للفيلم والمسلسل وكانت زوجتى تتابع ردود الأفعال على التويتر والفيس بوك وكانت تقول لى قد يحدث شىء بعد أن ارتفعت حدة الهجوم من الشباب على المواقع الإلكترونية، وكنت أقول لزوجتى سيقمعونهم بناء على ما كنت أراه فى الجامعة وكنت أشعر بضيق شديد تجاه ذلك ومع بداية المظاهرات فتحت البلكونة وأخذت أولادى فى يدى وعندما شهدت الشباب يهتفون فى المظاهرة «بلادى.. بلادى» أقسم بالله لم أتمالك نفسى من البكاء وانهرت أمام أولادى وعندما سألتنى ابنتى الكبرى فاطمة إذا ما كان يفعله المتظاهرون صحيحا فقلت لها بالطبع صحيح لأنهم يطالبون بالحرية والكرامة والعدالة، ولكنى توقعت أن يفسد كل ذلك بعد الانفلات الأمنى الذى حدث ولكن معدن الشعب المصرى وأصالته ورجولته ظهرت فى هذا الموقف ونجحت اللجان الشعبية فى حماية البلد، وكنت هنا ضمن هذا الفريق الذى حمى الشوارع وبصراحة لم أكن أصدق ما يحدث وكنت أشعر بذهول شديد.

وما الذى أبكاك لدرجة الانهيار؟

- استشعرت بقيمة الوطن الذى دهس عليه جدا فى السنوات العشر الأخيرة لدرجة أن البعض قال إن الشعب المصرى اتكسر وعجز ولكن الله بعث إلينا زهرة العمر وهم الشباب ليحققوا لنا هذا الانتصار العظيم وتوالى بالجيش المصرى العظيم الذى حمى الثورة واحتضنها وأيضا الدور العظيم الذى قام به أبناء مصر المخلصون فى حماية منازلهم من البلطجية، وقد قلت فى مداخلة تليفزيونية أنه أعظم شعب فى العالم وأرى أنه يجب الآن أن نفتح صفحة جديدة مع الداخلية، وأعتقد أنها تعرضت للظلم مثلنا ولابد أن نحتضنها ونضع أيدينا فى أيديهم، لأننا لن نعيش بدون أمن وقوتنا واتحادنا سيكون فى مصلحة الوطن لأن الانشقاقات ستؤثر سلبا على ما حققناه.

وهل تؤيد المظاهرات الفئوية التى انتشرت مؤخرا؟

- بالتأكيد أنا مع المظاهرات واسترداد الحقوق، ولكن يجب أن نختار التوقيت المناسب للتظاهر، لأن معظم عمال مصر تعرضوا لظلم كبير وإذا قرروا أن يقفوا جميعا عن العمل ستتوقف عجلة الإنتاج وسنعود للوراء وسنواجه مواقف صعبة، ولكن علينا أن نعمل وبمجهود أزيد وأن نضحى بما يمكن أن نفعله حتى يقف هذا البلد على قدمه مرة أخرى ونحصل وقتها على ما نريد وقد انجذبت مؤخرا لعمال اليابان الذين قرروا العمل لمدة شهرين دون راتب خلال أزمتهم الأخيرة من أجل وطنهم، وأعتقد أن الشعب اليابانى لن يكون أكثر وطنية منا فيجب أن نكون شطاراً ونتكاتف ونترك الجيش فى حالة لأن لديه هماً كبيراً فى الداخل والخارج ونفتح صفحة جديدة مع الداخلية.

وهل شعرت بأن الشعب المصرى استرد هويته ووطنيته بعد أن كانت على وشك الضياع؟

- سأقول لك مفاجأة هل تعلم أنى قمت بتصوير نفسى وأنا أقوم بالإدلاء بصوتى فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية وقمت بوضع الصورة فى برواز وعلقتها على جدران شقتى بعد اعتزازى وفخرى بهذه المشاركة، لأنها المرة الأولى فى حياتى التى أنزل فيها للإدلاء بصوتى وأشعر لأول مرة أننى بنى آدم وصوتى له ثمن، ويكفى أن أقول بأن هذه الصورة جعلتنى أشعر بأننى مواطن مصرى وقد أصررت على وضعها فى برواز حتى أحكى لأبنائى سبب الاهتمام بها.

ولماذا لم تفكر فى الانضمام لحزب سياسى؟

- لم أفكر فى ذلك إطلاق لأن هناك من أجدر منى فى هذه المهمة، وهذا لا يعنى أنه لن يكون لدى صوتى ولكن صوتى سيخرج من أعمالى وسأطلقه وكأنى منضم فى حزب، بالإضافة إلى أننى فنان مستقل لا أريد أن أصنف إلى جهة محدده وبصراحة همى هو بيتى ثم شغلى ولا أريد أن أشغل نفسى بأكثر من ذلك ولكنى مع منح فرصة للشباب للمشاركة فى الحياة السياسية بشكل فعال وبصراحة فأنا متحمس لقرار تخفيض سن المرشح فى مجلس الشعب إلى 25 عاماً حتى أمنح فرصة أكبر للشباب لتشكيل وعيهم السياسى مبكرا وهذا ما يفعله العالم كله الآن لأن القوة والبناء سمة الشباب.

وما رأيك فى المد الدينى الذى شهده المجتمع مؤخرا؟

كان ذلك متوقعاً لأن معظم هذه التيارات تعرضت لقمع شديد خلال السنوات السابقة، وعندما انزاحت الغمة تم الكشف عن كل ما كان متخفيا طوال الثلاثين عاما، ولكن نحن الآن نطالب بالحرية ووجهة نظرى أن نترك مساحة لكل التيارات بأن تعبر عن نفسها وتعلن عن موقفها وفى النهاية المجتمع المصرى ذكى ومثقف ويستطيع أن يختار من يمثله ولكن المهم الآن أن يحتضن بعضنا الآخر بكل فئاتنا وطوائفنا لكى نخرج إلى بر الأمان وأن نكشف عمايميزنا بدلا من أن نظهر مساوئنا، خاصة بعد أن شهد العالم كله بعظمة هذا الشعب.

وفى النهاية هل تشعر بالتفاؤل؟

- جدا لأن بلدنا آمن وقد ذكر الله ذلك فى القران وقال «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين»، وهذا أكبر دليل على أن الله يحمى هذا البلد وهذا الشعب وما يحدث الآن متوقع جدا، ويحدث دائما بعد الثورات فى كل دول العالم بل معدل الجريمة فى بلدنا أقل بكثير من الذى قد يحدث فى أعظم دول العالم وقد يدل على جمال وأصالة هذا الشعب.