الخوف من الفشل

أسامة غريب السبت 21-12-2019 01:53

إذا حدث الفشل فى الزواج الأول فقد يأتى النجاح والسعادة فى الزواج الثانى، ومع ذلك فإن تجربة الفشل قد تنطبع وتترك آثارها على الشخص بأشد ما قد يتصور هو نفسه. فى المرة الأولى يكون طموحه وطلباته غالبين، أما فى التجربة الثانية فإن الخوف من الفشل قد يدفع صاحبه إلى تقديم تنازلات ليست ضرورية ولا مبررة.. تنازلات كان يمكن تفاديها لولا الخوف، وقد تكون هذه التنازلات سببًا فى فشل التجربة التى تنازلنا من أجل إنقاذها!. وربما تكون التنازلات التى يقدمها الشريك فى تجربته الثانية منطقية رغم أن الخوف هو دافعها، فقد يرى أحد الطرفين أن تمسكه بأفكاره ومبادئه كان أحد أسباب انهيار العلاقة بينه وبين رفيقه فيجنح فى التجربة الثانية إلى التساهل بالنسبة لهذه الأفكار والمبادئ، فإذا كان ميالًا بطبعه إلى العزلة وعدم الإكثار من زيارة الآخرين أو استقبالهم، فقد يفتح الأمر على البحرى فى التجربة الثانية، وبهذا يفقد سلامه الداخلى بصرف النظر عن نوعية من ينفتح عليهم، فهم قد يكونون من أفاضل الناس لكنه بطبيعته غير مهيأ للاختلاط بالناس، أفاضلهم وأوغادهم!.

وقد يكون الشخص محبًا لأن يكون رفيقه خفيف الدم سريع البديهة، لكنه فى المرة الثانية قد يتنازل عن هذا الشرط بعدما لقى التعاسة مع شخص خفيف الدم، وهنا قد يحصل على إنسان محترم مهذب رفيع الخلق، لكن الحياة معه سخيفة متكلفة ليس بها الضحكة الحلوة والطرفة الحراقة، وهذا قد يميت الروح ويدفع للاكتئاب. وشخص آخر يرى أن الحسناء التى كان جمالها شرطًا أساسيًا ليتزوجها لم تمنحه السعادة رغم جمالها، لهذا فإنه فى المرة الثانية قد يخشى جمال المرأة ويظنه قرينًا للأنانية والاستهتار، فيقوده سوء ظنه إلى اختيار واحدة ليست لافتة الجمال وقد يضاف إلى هذا اختلافها كليًا عنه مما يؤدى إلى الفشل من جديد. وأيضًا قد تكون الفتاة فى مقتبل حياتها راغبة فى شخص مستقر ماديًا، فلما تحصل عليه وتتزوجه تبدأ الخلافات التى تنتهى بالطلاق، هذه الفتاة قد تتنازل فى المرة الثانية عن شرط اليسر المادى فتقع فى يد هلفوت بلا مال ولا أخلاق. والفشل للمرة الثانية لا يعنى بالضرورة وقوع الانفصال، لكنه فى الغالب يعنى الرضوخ للتعاسة وذلك لعدم وجود القدرة النفسية على الانسلاخ من حياة هذا الشخص والبدء من جديد.

ليست هناك روشتة فى واقع الأمر تضمن الفَلَاح فى الاختيار.. وكل نصائح الحكماء أو الذين يدّعون الحكمة لن تجلب السعادة لأحد، فكل شخص يختار تبعًا للمتاح وتبعًا لظروفه النفسية والعقلية.. وبالنسبة للاختيار فى المرة الثانية، فإن الخوف قد يقود إلى نتائج وخيارات لا يحكمها المنطق قدر ما تحكمها الرغبة فى تجنب الفشل، وهو ما يقود فى كثير من الأحيان إلى تكرار الفشل.