كان عباس حلمى الثاني آخر من حمل لقب خديو بين من حكموا مصر من أسرة محمد على باشا، وكان سابع من حكم منهم، وقد جاء على الأريكة الخديوية خلفا لأبيه الخديو توفيق، وحكم مصر في الفترة من ٨ يناير ١٨٩٢ إلى التاسع عشر من سبتمبر ١٩١٤، وهو مولود في الإسكندرية في ١٤ يوليو عام ١٨٧٤، ووالدته هي أمينة هانم إلهامى، وبعد أن تم خلعه في ١٩١٤ ظل في منفاه بسويسرا ثلاثين عاما، حتى توفى «زي النهارده» فى ١٩ ديسمبر ١٩٤٤، ليجىء خلفا له على حكم مصر السلطان حسين كامل.
وعباس حلمى الثانى هو أكبر أولاد الخديو توفيق، وخلال عهده، وبالأخص في بداياته كحاكم، حاول أن ينتهج سياسة إصلاحية ويتقرب إلى المصريين ويقاوم الاحتلال البريطانى، حتى إنه شارك باسم حركى في جمعية سرية ضمته مع مصطفى كامل وأحمد لطفى السيد، وكان من أثر مناهضته الإنجليز قولا وعملا أن بيَّت الإنجليز النية للإطاحة به.
ويوجد في القاهرة كوبرى يحمل اسمه (كوبرى عباس)، وكان بعد عام من توليه الحكم قد أقال وزارة مصطفى فهمى باشا، فوقعت أزمة مع إنجلترا، وتحدى المندوب السامى البريطانى اللورد كرومر، فأدى ذلك إلى زيادة شعبيته، وفى عهده، وفى ١٩٠٦ وقعت حادثة في دنشواى، وعقدت محاكمة للأهالى، وصدرت ضدهم أحكام قاسية.
وسافر مصطفى كامل لإنجلترا وشرح المأساة وخلق رأياً عاماً ضد سياسة كرومر في مصر، واستجابت الحكومة البريطانية ومجلس النواب، وهاجم الأديب الأيرلندى جورج برنارد شو الاحتلال، وأعفى كرومر في ١٢ أبريل ١٩٠٧ وفى ٢١ مايو ١٩١٤ استقل يخت المحروسة في رحلة للخارج، وكان هذا آخر عهده في مصر، وحين زار تركيا في ٢٥ مايو، وبينما كان خارجا من الباب العالى قام الشاب المصرى محمود مظهر بإطلاق الرصاص عليه.
وتسبب هذا الحادث في تأخير عودته لمصر، حيث اندلعت الحرب العالمية الأولى ١٩١٤، فيما كان يتلقى العلاج من الإصابة التي لحقت به جراء محاولة الاغتيال، فضرب الإنجليز ضربتهم أثناء وجوده بالخارج مع بوادر نشوب الحرب العالمية الأولى وخلعوه وطلبوا منه عدم العودة ونصَّبوا عمه حسين كامل سلطانًا على مصر، وصدر القرار بعزله، وظل الشعب المصرى فترة طويلة من ١٩١٤ إلى ١٩٣١ يهتف في مظاهراته ضد الاستعمار بـ«الله حي ..عباس جاى» لكن عباس لم يعد ومات في منفاه.