لقى قرار الحكومة منح تراخيص جديدة لإنشاء مصانع للحديد قبولاً بين عدد من الخبراء والعاملين فى المجال العقارى، وأكدوا أن هذه التراخيص من شأنها القضاء على الاحتكار، إذ تحتكر إحدى شركات الحديد 67% من الإنتاج، وطالبوا بتفعيل دور القطاع العام فى الرقابة على الشركات، وإحكام الرقابة على السوق، ومنح تراخيص جديدة لبقية مواد البناء.
يقول محمود عزت، موزع: «كنا نتأثر كثيراً باحتكار أشخاص بأعينهم للحديد الذى كانت أسعاره ترتفع، خاصة مع استحواذ شركة واحدة على 67% من إنتاجه، ما كان يتسبب فى توقفات كثيرة فى حركة البيع، سواء بعزوف المستهلكين عن الشراء لارتفاع الأسعار، أو عند تعطيش السوق، لكن منح التراخيص الجديدة سينعش تجارة الحديد، ويفيد الموزعين، خاصة بعد عودة التنافس بين الشركات، الأمر الذى يسهم فى تقليل الأسعار وينعكس بالإيجاب على عمليات البيع والشراء».
يؤكد محمد الفولى، مدير التسويق بإحدى شركات المقاولات، أن القرار سيقضى على الممارسات الاحتكارية التى سببها جشع التجار، حيث كان كل من الحديد المحلى والمستورد محتكرين، وهو ما كان ينعكس سلبا على عمل الشركات، «فكثيراً ما كنا نرفض مناقصات لمشروعات بناء بسبب التكلفة العالية للخامات المستعملة».
ويضيف «الفولى»: «نتمنى أن يمتد القرار أيضاً إلى الأسمنت، الذى تحتكر معظم إنتاجه الشركات الأجنبية وارتفع سعره من 240 جنيها للطن كأقصى سعر منذ خمس سنوات إلى 500 جنيه وأكثر حالياً، لذا يجب موازاة إجراءات الحد من احتكار الحديد مع الأسمنت بمنح تراخيص جديدة للشركات، لأن ارتفاع أسعار جميع مواد البناء تؤثر على العمل فى قطاعنا، فلا يصح أن نقضى على مشكلة الحديد الذى تحتكر إنتاجه شركات مصرية، ونترك الأسمنت الذى يحتكره الأجانب، وعندما يزيد إنتاج السلعتين ستنخفض الأسعار، فضلاً عن توفير العملة الصعبة التى نتعامل بها مع المواد المستوردة، خاصة لو كانت التراخيص لمصانع مصرية، وهو ما سيؤدى لتزايد الطلب على مواد البناء، ما سيؤدى لتوسعات عمرانية تغطى حاجة السوق».
ويقول الدكتور رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد التمويلى بجامعة القاهرة: «سبب ارتفاع سعر أى سلعة وجود خلل بين العرض والطلب، وفى حالة الحديد فكثيراً ما كانت الأسعار ترتفع لوجود حركة بناء، تقابلها قلة فى العرض بسبب جشع التجار الذين يعلمون جيداً مدى احتياج المستهلكين للوحدات السكنية، الأمر الذى جعل من السوق المصرية سوق احتكار القلة، وعندما كان التجار يتفقون معا، كان الأمر ينقلب إلى احتكار مطلق».
ويضيف عبده: «رغم أن السوق المصرية تتعامل وفق النظام الرأسمالى كالولايات المتحدة والدول الأوروبية فإن الوضع مختلف هنا، فنسبة التضخم فى أمريكا مثلاً صفر، ولا يوجد ارتفاع فى الأسعار، ويرجع السبب إلى أن نظام السوق لديهم يعتمد على المنافسة الكاملة، حيث إن عدد المستوردين والمنتجين كبير، وكذلك المستهلكون، فلا أحد يستطيع التصرف بشكل يؤثر على السوق، عكس الوضع لدينا، حيث الاحتكار واستغلال حاجة الناس، من هنا لابد- فضلا عن القرار الخاص بتراخيص الحديد- أن يتم فتح مجال المنافسة من خلال استيراد القطاع الحكومى جميع مواد البناء، على أن تطرح فى المنافذ الحكومية بأسعار أقل، ما سيجبر القطاع الخاص على تخفيض الأسعار».
ويتابع: «يجب تفعيل دور القطاع العام فى الفترة المقبلة لخلق الدور التنافسى حتى لو خصصت بعض هذه التصاريح لدعم المصانع الحكومية، على أن تكون للحكومة ثلاثة أدوار رئيسية فى ظل نظام الاقتصاد الحر، هى: تحسين البيئة التشريعية، وتحسين المناخ الجاذب، وتفعيل الرقابة، وللأسف كان الأمر فى السابق يقتصر على الأولى والثانية فقط، مما أدى للفساد والاحتكار».