عاش بوريس جونسون طفولة لم تعرف الاستقرار، رغم انتماء عائلته إلى قمة الطبقة الوسطى، فقد وُلد في 19 يونيو 1964 في نيويورك.
درس والده، ستانلى جونسون، الاقتصاد في جامعة كولومبيا الأمريكية، وعمل في البنك الدولى، فانتقلت الأسرة للإقامة في واشنطن، ثم عادت العائلة إلى بريطانيا، قبل أن يحصل على عمل بالمفوضية الأوروبية ويقيم في بروكسل ببلجيكا.
أما والدته شارلوت فاوست فكانت فنانة درست في جامعة أوكسفورد، لكن تم الطلاق بين والديه عام 1980 بعد زواج دام 17 عاما.
كان بوريس جونسون يُوصف بأنه طالب متفوق وهادئ تماما، وكان معروفا في مدرسته رغم التقارير المدرسية التي تشكو من كسله وتأخره المستمر. وذاع تفوقه في اللغة الإنجليزية واللغات والآداب الكلاسيكية حتى بات يحصد الكثير من الجوائز فيها، ثم أصبح رئيس تحرير صحيفة مدرسته «ذا إيتون كوليدج كرونيكل».
وحصل بوريس على منحة من جامعة أوكسفورد مدتها 4 سنوات، ليصبح بعد ذلك واحدا من جيل خريجى أوكسفورد الذين هيمنوا على الساحة السياسية في بريطانيا، في العقد الثانى من القرن الـ21، والذين كان من بينهم: رئيس الوزراء البريطانى السباق ديفيد كاميرون، ووزير الخارجية السابق ويليام هيج، ووزير البيئة مايكل جوف، ووزير الخارجية الحالى جيريمى هانت.
في الجامعة احترف بوريس لعبة الرجبى، ثم شارك في تحرير مجلة ساخرة تصدرها الجامعة باسم «تريبوتارى». وفى عام 1984 تم انتخابه أمينا لاتحاد الطلاب في جامعة أوكسفورد، قبل أن يصبح رئيسا للاتحاد. ورغم تخرجه في الجامعة متخصصا في الأدب القديم والفلسفة الكلاسيكية، كان حزينا لحصوله على المركز الثانى بين أقرانه وليس الأول.
في سبتمبر 1987 تزوج بوريس من «موستين أوين»، وقضيا شهر العسل في مصر، ثم حصل على وظيفة بشركة استشارات إدارية استقال منها بعد أسبوع واحد فقط. وبفضل علاقات عائلته أصبح بوريس صحفيا تحت التمرين في صحيفة «ذا تايمز» البريطانية العريقة، لكن تم طرده مبكرا بعد فضيحة صحفية حين كتب تقريرا عن اكتشاف أثرى يتعلق بقصر إدوارد الثانى، الذي كان ملك إنجلترا من العام 1307 إلى 1327، واختلق عبارات نسبها كذبا إلى المؤرخ كولين لوكاس.
حصل بوريس على فرصة عمل أخرى حين أصبح محررا في صحيفة «ديلى تليجراف»، وتميزت كتاباته بأسلوب أدبى عريق مستخدما مصطلحات قديمة.
في بدايات 1989 تم اختياره ليكون مراسل الصحيفة إلى المفوضية الأوروبية في بروكسل، وظل هناك حتى عام 1994، وذاع صيته بانتقاداته اللاذعة، وكان البعض يقول إنها كانت تحتوى أكاذيب كثيرة ضد المفوضية. ووصفه أحد المسؤولين البريطانيين بأنه «واحد من أعظم أنصار الصحافة المزيفة أو الكاذبة».
في عام 1991 انفصل عن زوجته قبل أن يقع الطلاق الرسمى عام 1993، ودخل في علاقة مع صديقة طفولته المحامية والكاتبة مارينا ويلر، وتزوجا في مايو 1993، وأنجبا 3 أطفال. وخصص بوريس وقتا كبيرا لأطفاله انتهى بإصداره كتابا بعنوان «مخاطر الآباء الانتهازيين- حكاية تحذيرية».
رفض رئيس تحرير «ديلى تليجراف» طلبا من بوريس بأن يكون مراسلا حربيا، وأمر بترقيته إلى منصب «مساعد رئيس تحرير» وكاتب عمود سياسى. وحظى عموده بالثناء لكتابته بأسلوب أيديولوجى مميز، بل إنه حصد جائزة أفضل عمود، رغم اتهامه بالعنصرية والتعصب، حيث وصف الأفارقة مرة بأنهم «أصحاب ابتسامات البطيخ»، ودافع عن الاستعمار الغربى في أوغندا، كما سخر من المثليين.
بدأ مسيرته السياسية عام 1993، بالسعى ليكون مرشحا عن حزب المحافظين في انتخابات البرلمان الأوروبى، لكنه فشل في إيجاد دائرة انتخابية يمكنه الفوز بها، ثم تحول اهتمامه إلى الفوز بمقعد في مجلس العموم البريطانى، وبينما تم استقطابه للترشيح عن حزب العمال خسر الانتخابات.
وفى العام 1999 عرض عليه مالك صحيفة «ديلى تليجراف» رئاسة تحرير مجلة «ذا سبيكتاتور» التابعة للصحيفة، بشرط التخلى عن تطلعاته البرلمانية، فوافق جونسون، الذي فتح المجلة أمام الكُتاب ورسامى الكاريكاتير اليساريين، وحققت في عهده أرباحا وزاد توزيعها بنسبة 10% إلى 62 ألف نسخة. لكن مسيرته لم تخل من الانتقادات، ومن بينها أن المجلة بدأت تتجنب تناول الموضوعات الجادة، فضلا عن تغيبه الدائم عن الحضور والاجتماعات والمقابلات، فضلا عن سماحه بالأساليب العنصرية والمعادية للسامية في بعض التقارير. كما كتب افتتاحية اتهم فيها الإسلام بأنه مسؤول عن تخلف العالم الإسلامى بقرون عن الغرب. وعاد بوريس إلى حلمه السياسى وخاض الانتخابات عام 2001 وفاز بها ليصبح عضوا في مجلس العموم. وكان من أشد مساندى الانضمام إلى الولايات المتحدة في غزو العراق عام 2003، وزارها بعد الغزو.
وفى العام 2008 فاز بالانتخابات ليصبح عمدة لندن حتى مايو 2016، قبل اختياره ليكون وزيرا للخارجية حتى يوليو 2018، ليصبح بعد ذلك رئيسا للحكومة في يوليو 2019، كخليفة مؤقت لتيريزا ماى التي أعلنت استقالتها، على خلفية فشلها في خطة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.
وكانت المفاجأة أن حقق انتصارا غير متوقع، وقاد حزب المحافظين للفوز بأغلبية واضحة في الانتخابات الأخيرة.