«الباشوات» و«الفلول».. أعداء الثورتين

كتب: ابتسام تعلب, محمود رمزي الجمعة 22-07-2011 20:18

على مدار التاريخ المعاصر ومع كل ثورة تقوم بها الشعوب فى مختلف أنحاء العالم تظهر مجموعات ضد هذه الثورات التى تقوم ضد الظلم والفساد والقهر، وتدافع هذه المجموعات عن مصالحها الخاصة التى تنبت مع الفساد وتنمو مع الظلم والتفرقة وإهدار حقوق الإنسان وكرامته، وبالتركيز على ثورتى 23 يوليو و25 يناير يتضح أن الأعداء أو كما أطلقت عليهم وسائل الإعلام مؤخرا «الفلول» هم: أصحاب اتجاهات واحدة يحملون نفس الرؤى ويتبعون ذات الأساليب ويستخدمون نفس الأسلحة التى تستهدف فى الأساس تدمير الثورات، وكان أول من استخدم مصطلح أعداء الثورة الرئيس السابق محمد نجيب، وأطلق عليهم اسم «أصحاب الكلمات المغرضة»، وبالتطور الزمنى تتغير مسميات أعداء الثورة، ولنبدأ من ثورة 23 يوليو التى كان من أول أعدائها أنصار النظام الملكى، وكان معظمهم من «الباشوات» والإقطاعيين وأقطاب الأحزاب السياسية الموالية للقصر مثل أحزاب الأقليات السياسية مثل حزب «الأحرار الدستوريين» وحزب «السعديين»، والاثنان من أحزاب القصر، إلى جانب الإقطاعيين الذين طبقت عليهم الثورة قانون الإصلاح الزراعى، وكل هؤلاء يوصفون بأنهم تسببوا فى إفساد الحياة السياسية وشجعوا الملك على طغيانه.


وعاقبت ثورة 23 يوليو أعداءها بوضع قوانين لمحاكمتهم وأنشأت محاكم الغدر ومحكمة الثورة لمحاسبتهم. ووفقاً للكاتب الصحفى صلاح عيسى زادت القائمة لتشمل بعض الصحف التى مهدت للثورة فى البداية مثل جريدة «المصرى»، وقدم الصحفيون بها لمحكمة الثورة وأغلقت الصحيفة، إلى جانب الشيوعيين الذين كانوا محسوبين فى بداية الثورة من الأعداء لدرجة صدور قانون عام بالعفو عن المسجونين السياسيين بعد الثورة، وأفرج عن جميع التيارات عدا الشيوعيين، واعتبرت جريمة الفكر الشيوعى اقتصادية وتم استثناؤهم من العفو.


وأضاف عيسى أن دائرة أعداء الثورة امتدت لتشمل الإخوان المسلمين رغم أنهم فى البداية تحالفوا مع الجيش فى بداية ثورته، واستمر الموقف لمدة عام ونصف، وبالتحديد مع بداية عام 1954 ليبدأ صدام عنيف بين الإخوان والسلطة متمثلة فى الجيش، وهو ما أدى لاعتقال غالبية أعضائها، وذلك بسبب أن عدداً كبيراً من أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا ضمن الإخوان، وكانوا القوة الشعبية الوحيدة الموجودة فى الشارع، ومع مطالبة الإخوان أن يكونوا شركاء فى الحكم وأن تشكل منهم لجنة فى مجلس قيادة الثورة وأن تعرض عليهم التشريعات التى يقررها المجلس، لكن عبدالناصر اعتبر ذلك وصاية على الثورة ومع رفض الإخوان حل أجهزتهم التنظيمية داخل الجيش، والتى كانت غالبيتها مسلحة بدأ الصدام العنيف مع الإخوان بحل الجماعة واعتقال قادتها وتم الإفراج عنهم بعد فترة ثم عادوا للسجن بعد محاولة اغتيال عبدالناصر.


ومن غرائب ثورة 23 يوليو أن يتحول الرئيس محمد نجيب الذى كان فى مقدمتها إلى عدو لها وأدرج اسمه ضمن قائمة أعداء الثورة بعد خلافه مع مجلس قيادة الثورة، إلى جانب حزب الوفد الذى كان حزب الأغلبية وقت الثورة، لكنه كان متمسكاً بضرورة إعادة الحكم الدستورى وأن يسلم الجيش الحكم للمدنيين وعندما قرر المجلس الاستمرار فى الحكم اعتبر كل من يطالب بعكس ذلك عدواً للثورة وأصدر قانوناً يقضى بالعزل السياسى لكل من تولى الوزارة من عام 1948 إلى 1959، وكان غالبيتهم من أقطاب حزب الوفد الذين شكلوا الحكومة مرتين قبل الثورة.


وقال عيسى إن الثورات كالقطط تأكل أبناءها وهو ما قاله أحد فلاسفة الثورة الفرنسية، وبالتطبيق على ثورة 25 يناير نجد أنه فى حال فوز الإخوان بالأغلبية فى البرلمان المقبل سيعتبرون كل من يعارضهم أعداء للثورة حتى لو كانوا شباب الثورة الذين قاموا بها من الأساس.


ومنذ اندلاع ثورة 25 يناير وتظاهر العديد من بقايا النظام السابق وبعض الشباب الذين أطلقوا على أنفسهم «شباب الاستقرار» وأعضاء جروب «إحنا آسفين ياريس» على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، وحركة «أبناء مبارك» و«ثورة غضب أبناء مبارك» أطلق رموز المعارضة وشباب الثورة مصطلح «الثورة المضادة»، بعد تنظيم هؤلاء عدداً من الوقفات والمظاهرات والمسيرات تطالب بعودة الرئيس مبارك إلى الحكم وتنال من الثورة وتتهمهم بالعمالة والخيانة للخارج تحت شعار «الشعب يريد عودة الرئيس» و«مبارك.. القائد والزعيم»، وكان ميدان مصطفى محمود هو الملاذ لهؤلاء فى تنظيم مسيراتهم ووقفاتهم.


وظهر أيضا مصطلح «الفلول» بعد قيام عدد من قيادات الحزب الوطنى المنحل وبعض رجال الأعمال الذين ارتبطت أعمالهم ومصالحهم مع النظام السابق وأعضاء المحليات وبعض الفنانين بتنظيم مظاهرات فى مصر الجديدة وميدان مصطفى محمود، بالإضافة إلى قيام بعض القيادات الحزبية فى المعارضة «الصورية» التى صنعها النظام السابق، وما أطلق عليه «الأحزاب الكرتونية» بالتقليل من قيمة الثورة والثوار، وما ترتب عنها من بعض الآثار السلبية.


وامتد مصطلح الفلول لينال بعض قيادات الداخلية بعد حالة الانفلات الأمنى وما نتج عنها من أعمال سلب ونهب والذين وصفهم الثوار والقوى السياسية والحركات الاحتجاجية بـأنهم «قادة الثورة المضادة»، بالإضافة إلى رؤساء الهيئات الحكومية الخدمية ورؤساء شركات قطاع الأعمال العام نتيجة لتوقف عجلة الإنتاج وتزايد الإضرابات عن العمل.


ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل وصل إلى الرموز الإعلامية فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون وبعض الفضائيات ورؤساء الصحف القومية التى اتهمت بمحاولة النيل من الثورة ووصفها بـ«الانقلاب على الشرعية وسيادة القانون».