«الجيش والشعب إيد واحدة».. تميمة نجاح متكررة

كتب: محمد عبدالقادر الجمعة 22-07-2011 19:58

«جيش صنع ثورة فاتحد معه الشعب وشعب صنع ثورة فاتحد معه الجيش».. جملة تؤكد أنه إذا كان للثورات صناع، فلابد أن يكون لها مؤيدون يضمنون نجاحها فثورة 23 يوليو التى قام - بها مجموعة من الضباط الأحرار عن طريق انقلاب عسكرى، ما كانت لتنجح لولا تأييد الشعب لما فعلوه لذا تحول الانقلاب إلى ثورة، أما ثورة 25 يناير 2011 فما كان يكتب لها أيضاً النجاح لولا مساندة الجيش لها، ولنا مما يحدث فى ثورة سوريا وليبيا أكبر مثل على هذا الأمر.

ورغم أن أى ثورة فى العالم لابد أن يكون لها قائد فإن ثورة 25 يناير لم يكن لها قائد، لأن قائدها كان الشعب كله، فى مختلف محافظات الجمهورية، أما قائد »23 يوليو» فكان ظاهريا اللواء محمد نجيب والواقع أن الضباط الأحرار اختاروه كواجهة للثورة إبان ليلة 23 يوليو، لأنه الكبير ونظراً لسمعته الحسنة فى الجيش، لكن صراعاً على السلطة نشأ بينه وبين جمال عبدالناصر، استطاع جمال أن يحسمه لصالحه فى النهاية وحدد إقامة محمد نجيب فى قصر زينب الوكيل حرم مصطفى النحاس باشا بضاحية المرج شرق القاهرة لحين وفاته. وتولى جمال عبدالناصر بعد ذلك حكم مصر من 1954 حتى وفاته عام 1970 واستمد شرعية حكمه من ثورة يوليو، نفس الصراع الذى حدث داخل مجلس قيادة الثورة يحدث حالياً بين القوى السياسية فيما يخص الانتخابات أولا أم الدستور وغيرها من الأمور التى لا تأتى فى مصلحة الثورة، فثمة تخوف من استمرار العسكريين فى الحكم مثلما حدث فى ثورة 23 يوليو، وهو ما بسببه عانت مصر من الحكم العسكرى منذ 1952، حتى خلع الرئيس السابق حسنى مبارك.

هناك الكثير من العوامل المشتركة بين الثورتين يظهرها شعار «الجيش والشعب.. إيد واحدة».. شعار وإن كان ظهر خلال ثورة 25 يناير الشعبية، إلا أنه يصلح أيضاً لإطلاقه على ثورة 23 يوليو، خاصة أننا نستطيع وصف كلتا الثورتين بـ«البيضاء»، حيث لم تعتمدا على العنف الذى يحدث فى البلدان الأخرى، ورغم أن ثورة 25 يناير صنعها الشباب وأظهرت جيلاً جديداً كثيراً ما سخر منه النظام الذى كان يطلق عليه جيل «فيس بوك»، إلا أن ثورة 23 يوليو قام بها أيضاً جيل جديد من الضباط والشبان، وكان أمراً جديداً فى عالم الانقلابات العسكرية، وإذا كان تشكيل الضباط الأحرار ذا طبيعة خاصة لا تنفرد باتجاه معين، ولا تنتمى لحزب سياسى واحد، وكانوا من مختلف الاتجاهات السياسية، أيضاً اتسمت ثورة 25 يناير بأنها صناعة الشعب المصرى بكل طوائفه، ولم يقم بها فصيل سياسى واحد، بل كان البطل الحقيقى لها البسطاء والمهمشين.

ثورة 25 يناير التى قام بها الشعب وأجبرت مبارك على التنحى أسفرت عن خطاب تاريخى ألقاه عمر سليمان قال فيه «باسم الله الرحمن الرحيم.. أيها الإخوة المواطنون فى هذه الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد قرر الرئيس محمد حسنى مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد والله الموفق والمستعان».. أما ثورة 23 يوليو فأسفرت أيضاً عن خطاب تاريخى ألقاه الرئيس الراحل أنور السادات قال فيه «اجتازت مصر فترة عصيبة فى تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون المغرضون فى هزيمتنا فى حرب فلسطين، وأما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة على الجيش وتولى أمرهم إما جاهل أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا وتولى أمرنا فى داخل الجيش رجال نثق فى قدرتهم وفى خلقهم وفى وطنيتهم ولابد أن مصر كلها ستلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب أما عن رأينا فى اعتقال رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر وسيطلق سراحهم فى الوقت المناسب وإنى أؤكد للجيش المصرى أن الجيش كله أصبح يعمل لصالح الوطن فى ظل الدستور مجرداً من أى غاية وأنتهز هذه الفرصة وأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف لأن هذا ليس فى صالح مصر وأن أى عمل من هذا القبيل يقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله جزاء الخائن فى الحال وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاونا مع البوليس وإنى أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ويعتبر الجيش نفسه مسؤولا عنهم والله ولى التوفيق». وبالنظر إلى الخطابين نجد أنهما يعلنان صراحة عن تولى الجيش مقاليد الحكم، وإذا كان الشعب عاش عشرات الأعوام فى ظل الحكم العسكرى بعد ثورة 23 يوليو، فالجيش أعلنها صراحة بعد ثورة 25 يناير أن مصر سيحكمها مدنيون.. وعلى هذا الأساس تنتظر القوى السياسية بترقب حذر تحقيق هذا الوعد.