سمير سيف.. عاشق في محراب الفن

كتب: هالة نور الثلاثاء 10-12-2019 23:45

كنسّاج ماهر، حاك أفلامه بحب وواقعية، اقتربت من الجميع، نقادا وجمهورا، وبدا خلالها صانع المحبة، الذي أحب السينما، فأحبته، منحها من روحه وبشاشته، ليقدم أعمالا لها ذائقة وبصمة ميزته بين أبناء جيله من المخرجين، بعدما تتلمذ على أيدى أبرز مخرجى السينما المصرية حسن الإمام وشادى عبدالسلام في بداياته. جمع سمير سيف بين العمل مخرجا وكاتبا للسيناريو بخلاف تدريسه للسينما، فأصبح الأستاذ الذي نهل من علمه وإبداعه وخُلقه الجميع محترفون وهواة.

تميزت أفلام سمير سيف بأنها كانت تجمع بين الرضا النقدى والجماهيرى، مسك العصا من المنتصف، رغم أن البعض كان يرى أنه يغلب الطابع التجارى عليها أكثر، واستطاع إثراء مشواره بالعمل مع أكبر نجوم السينما المصرية وقتها وتقديمهم في شخصيات جديدة عليهم، عادل إمام ابتعد عن الكوميديا في «المشبوه» لأول مرة، نور الشريف أضحكنا في «غريب في بيتى»، أحمد زكى كشف كواليس لعبة السياسة في «معالى الوزير»، وغيرها من إبداعات فارس ترجل عن جواد الإبداع مُرغما قبل سنوات بسبب ظروف الصناعة السينمائية خلال العقد الأخير والتى دفعت بعدد من المبدعين لعدم التواجد، لكنه لم يترك الساحة، فأكاديميا ظل يتحدث عن معشوقته الأولى السينما ويُدرسها ويعلم أجيالا جديدة.

نجوم السينما يشيعون المخرج الكبيرجنازة المخرج الراحل سمير سيف

شارك عدد كبير من نجوم الفن والشخصيات العامة في تشييع جثمان المخرج الراحل سمير سيف أمس من كنيسة مريم العذراء بمصر الجديدة، بحضور كل من الفنانين ليلى علوى ومحمود حميدة وميرفت أمين ودلال عبدالعزيز، وسمير صبرى وعايدة رياض ومحمود قابيل وندى بسيونى، والمخرجين يسرى نصر الله ومروان حامد وأمير رمسيس، ود.أشرف زكى نقيب المهن التمثيلية والكاتب وحيد حامد، بجانب عدد كبير من معارفه وأصدقائه وأسرته.

وتوفى «سيف» أمس الأول عن 72 عاما إثر أزمة قلبية مفاجئة صدمت الوسط الفنى الذي اقترب من المخرج الراحل ولمس إبداعاته كمخرج وكاتب سيناريو ومحاضرا أسهم في تأسيس أجيال من المبدعين الشباب من خلال محاضراته السينمائية في المعهد العالى للسينما وغيره من الورش الفنية المتخصصة.

ونعت جموع القطاعات الفنية والثقافية، المبدع الراحل، وقالت د.إيناس عبدالدايم، وزير الثقافة، إن السينما المصرية والعربية فقدت صاحب النماذج الإبداعية الخالدة، مضيفًة أنه كان معلمًا للأجيال وتتلمذ على يديه الكثير من المبدعين في عالم الإخراج، لافتًة إلى أن الفن فقد أحد قاماته العظيمة في مصر والوطن العربى، وأكدت «عبدالدايم» أنه ترك علامة بارزة على الشاشة الفضية وأشارت إلى البصمات المميزة التي تركها في عالم الإخراج السينمائى والتليفزيونى، ونجحت في تناول الكثير من القضايا الإنسانية والمجتمعية، مؤكدة أن أعماله شكلت جزءا مهما من ملامح الفن السابع باعتبارها نماذج إبداعية خالدة ستظل محفورة في ذاكرة الوطن.

وأعرب د.أشرف زكى، نقيب المهن التمثيلية، مستعرضًا العديد من أعمال الراحل التي تركت علامة كبيرة من خلال الكثير من الأعمال الفنية، منها «الغول، المشبوه، الهلفوت، شمس الزناتى».

وقالت د.سعاد شوقى، رئيس المركز القومى للسينما إن خبر وفاته صدمة للوسط الفنى بالكامل وأنه سيبقى بيننا بأعماله وتاريخه السينمائى الكبير.

«المشبوه»: أخضع نجومية عادل إمام لمتطلبات الشخصيةجنازة المخرج الراحل سمير سيف

قدم سمير سيف الفنان عادل إمام في أهم أفلامه بعيدًا عن الكوميديا بفيلم «المشبوه» أمام سعاد حسنى عام ١٩٨٢، كانت مجازفة لم يتوقعها أحد، مثلما لم يتوقعوا أن يحقق الفيلم مثل هذا النجاح، وأراد إعادة تقديمه في عمل درامى، لكنه اضطر لإلغاء مشروعه التليفزيونى، وهو ما برره وقتها بأن عددا من فنانى الجيل الحالى رفضوا وضع أنفسهم في مقارنة مع سعاد حسنى وعادل إمام، لارتباط الجمهور بهما. وقدم «سيف» مع «إمام» عددا من الأفلام والتى قال عنها «سيف» في أحد حواراته: «فترة كانت من أهم فترات حياتى المهنية عادل إمام خضع فيها للشخصية ولم يخضعها لشخصيته.

«معالى الوزير»: فيلم وحيد جمعه بـ«أحمد زكى» طوال 30 عامًاجنازة المخرج الراحل سمير سيف

أحمد زكى أعرفه منذ تخرجه، وكان هناك مشروعات مشتركة، إما هو مشغول أو أنا مشغول، فأعاقتنا ظروفنا، وتقابلنا في إشارة ففاجأنى بعفويته «بقالنا 30 سنة مش هنتقابل في فيلم؟»، إلى أن جاء فيلم «معالى الوزير»، وكانت تجربة بالنسبة لى غيرت أشياء كثيرة، أحمد زكى من الممثلين الصعبين، فهو ممثل متطلب، دائما كان يريد الأحسن ويهمه الكمال، ويسخط أو يغضب إذا شعر بنوع من التنازل، وقضينا80 ساعة متفرقة كى نقدم شخصية الوزير «رأفت رستم» ويمسك بها جيدا، وأعتقد أن آخر أفلام أحمد زكى كانت معى.

«غريب في بيتى»: «الخطيب» كان المرشح الأول لـ«شحاتة أبوكف»

كان من المقرر أن يقدم شخصية شحاتة أبوكف في فيلم «غريب في بيتى» محمود الخطيب، رئيس النادى الأهلى، الذي عرض عليه سمير سيف الفيلم بعد اعتزاله لعب كرة القدم في مطلع الثمانينيات من القرن الماضى، وظل الخطيب يقرأ السيناريو الخاص به لمدة 3 أشهر أمام المرآة، بحسب تصريحه في لقاء تليفزيونى له، ليشعر وقتها بالغرابة مما يفعله، خاصة أن البطل «شحاتة أبوكف» كان لاعبا في نادى الزمالك وليس النادى الأهلى الذي ينتمى إليه «الخطيب»، فقرر الاعتذار عنه، وتم إسناد الدور إلى الفنان الراحل نور الشريف وحقق من خلاله نجاحا كبيرا.