قال السفير علاء يوسف، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف، إن أحد التحديات التي تواجه قضية حقوق الإنسان عالمياً، تسييس الملف من قبل بعض الدول، وازدواجية المعايير والانتقائية التي يشهدها، موضحا «نجد البعض يستخدم حقوق الإنسان كورقة ضغط وفرض أجندات خاصة وكذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، ومحاولات للضغط عليها، وإملاء الدروس، وهذا أمر مرفوض».
وأضاف في حواره لـ«المصرى اليوم» على هامش مشاركة وفد مصر الرسمى، في عملية استعراض التقرير الوطنى أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، «نقول دائما للدول الصديقة يجب أن تنظروا إلى الواقع الذي نعيشه، وما يحدث في الحقيقة، وليس الواقع الذي يرونه هم دون مراعاة الظروف المحيطة بنا».. وإلى نص الحوار:
■ بداية ماذا عن تقييمك لأداء الوفد المصرى خلال الجولة الثالثة لجلسة الاستعراض الشامل لمصر أمام هذه الآلية الأممية؟
- أداء الوفد كان أكثر من رائع، ونموذجاً للتنسيق المتميز بين الفريق الواحد، تحقيقاً لهدف وحيد هو مصلحة الوطن، إذ كان هناك تنسيق وتناغم واضح من اللحظة الأولى لإعداد التقرير الوطنى، والذى أكد على رؤية الدولة ورسالتها إلى الداخل والخارج، بأن مصر منفتحة على العالم، وعلى كافة الآليات الدولية وليست فقط المعنية بحقوق الإنسان.
■ كيف جرى الاستعداد لجلسة التحضير عقب الحضور إلى جنيف؟
كان هناك جهد مبذول منذ شهور قبل الحضور إلى جنيف من جميع الجهات المعنية بالدولة، للتحضير والاستعداد لجلسة الاستعراض، والتى شهدت تعاوناً بين كافة الجهات والوزارات بهدف تقديم تقرير قوى يعبر عن واقع الحالة المصرية، وما قمنا به في جنيف من عقد لقاءات مع المجموعات الجغرافية والسياسية يعد استكمالاً لما تم من لقاءات أجراها قطاع حقوق الإنسان برئاسة السفير إيهاب جمال الدين، مساعد وزير الخارجية، مع سفراء وممثلى الدول في القاهرة، بهدف إطلاعهم على محتوى التقرير المصرى، وتم خلال اللقاءات مع المجموعات المختلفة عرض ما تم تحقيقه من إجراءات وما تم تنفيذه من نتائج على أرض الواقع فيما يتعلق بوضعية حقوق الإنسان.
■ ما أبرز ما لمسته خلال تلك الاجتماعات مع مندوبى الدول؟
- هناك تقدير من جانب الدول للمنهجية التي قام عليها التقرير والتى ارتكزت على عرض ما تم بالفعل، وليس ما سنقوم به، وكان هذا بشهادة ممثلى الدول في لقاءاتنا قبل جلسة الاستعراض، وأثناء الجلسة، حيث تم تنفيذ ما يقرب من 92% من التوصيات التي قبلتها مصر في جلسة المراجعة السابقة عام 2014.
■ ما الرسالة والهدف من تنفيذ تلك التوصيات؟
- رسالتنا أن هناك تأكيداً على أن الدولة المصرية جادة وحريصة على المضى قدماً في تنفيذ برنامج الإصلاح الشامل الذي يقوده الرئيس عبدالفتاح السيسى، بأركانه وعناصره الشاملة، وكانت فرصة لإطلاع الدول على أمور كثيرة أبرزها الخطوات التي تم اتخاذها فيما يتعلق بعدد من التشريعات الوطنية والقوانين المهمة، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر منها قوانين التظاهر، الجمعيات الأهلية الجديد، دور العبادة.
■ لاحظنا خلال جلسة الاستعراض قيام رئيس الوفد بمشاركة جميع أعضاء الوفد وممثلى الحكومة والمجالس القومية بالرد على بعض الاستفسارات من الدول؟ ما أهمية ذلك؟
- هذا يعنى أنه كان هناك تنسيق وتوزيع للأدوار بين أعضاء الفريق الواحد، وكل أعضاء الوفد تحدثوا وردوا على الأسئلة والملاحظات والاستفسارات، مما أعطى انطباعاً جيداً لمسناه جميعاً بالترحيب بالوفد والثناء على أدائه من قبل وفود الدول المشاركة.
■ كيف ترى مشاركة هذا العدد الكبير من الدول في جلسة المراجعة الخاصة بمصر؟
- نود الإشارة هنا إلى أن تلك الجلسة تعتبر من أكبر الجلسات التي شهدت مشاركة وفود الدول أعضاء بالأمم المتحدة، وعلى مستوى رفيع، بمعنى أن سفراء الدول الكبرى حرصوا جميعاً على المشاركة في تلك الجلسة، وليس نواب عنهم، وهى ظاهرة لا تحدث كثيراً داخل المجلس وأثناء الاستعراض، حيث تكتفى بعض الدول بمشاركة وتمثيل أقل لممثلى الوفود، وهذا يعكس قيمة وحجم مصر على المستوى الدولى ومكانتها عالمياً.
■ ماذا عن صورة مصر في الخارج من خلال قراءتك لنتائج جلسة المراجعة الثالثة لمصر؟
- صورتنا مشرفة، والعالم كله ينظر إلينا باحترام وتقدير، خاصة أننا نجحنا في الخروج من أزمات كانت تواجهنا، بل وحققنا إنجازات كثيرة في مجال التنمية المستدامة شهدت بها المؤسسات الدولية، ونتحرك بخطوات واثقة نحو مزيد من التقدم.
■ لاحظنا الدول التي قدمت ملاحظات على التقرير المصرى لم تخل كلماتها من الإشادة والشكر كيف ترى ذلك ودلالاته السياسية؟
- أشاد الجميع بالجهود المصرية في ملفات الإصلاح سواء الاقتصادى أو التشريعى رغم ما نواجهه من تحديات، ما يدل على أن هناك تقديراً لما حققته مصر من خطوات متقدمة في هذا الطريق منذ 30 يونيو 2013، وعقب جلسة المراجعة الثانية عام 2014، حيث يرى العالم الآن أن مصر تسير على الطريق الصحيح، في ضوء وضعها وظروفها والتحديات المختلفة التي تواجهها.
■ ما أبرز تلك التحديات من وجهة نظرك؟
- تحدى الإرهاب، ونشير هنا إلى أن الظروف التي تمر بها مصر لم تشهدها أي دولة في العالم، في منطقة تموج بعدم استقرار وتوتر مستمرين، وحدود مفتوحة مع دول الجوار، وهنا أرسل رسالة إلى ذوى الشهداء من رجال الجيش والشرطة، وأقول لهم إنه لولا تضحيات هؤلاء الشهداء بأرواحهم الطاهرة والتى لا توفى الكلمات حقهم، ما كان لمصر أن تقف صامدة أمام تحدى الإرهاب الغاشم، والذى يستهدف أمن واستقرار وطننا، وحقيقة وبشكل شخصى، عندما أفكر في هذا الأمر، أشعر أن ما أقوم به أنا أو غيرى ضئيل جداً، أمام هذه التضحيات.
■ ماذا عن معركة التنمية التي تخوضها مصر وتأثيرها على ملف حقوق الإنسان؟
قضية التنمية تشكل تحدياً بالغاً لمصر، خاصة في ظل استمرار الزيادة السكانية، ومع ذلك حققنا نمواً اقتصادياً يقترب من نحو 6% سنوياً، ورأينا كيف تحدثت العديد من الوفود عن هذا الأمر، وكان محل إشادة دولية.
■ هذه الإشادة رصدتها مؤسسات اقتصادية وتقارير دولية كبرى كيف ترى التشكيك فيها؟
- القيادة السياسية لديها أجندة تنموية محددة وطموح، كما أن رؤية مصر 2030 واضحة المسار، وهو ما سيضع مصر في مكانة كبيرة تستحقها، ولكن أود أن أشير إلى أن الطريق ما زال طويلاً، ويجب أن نواصل العمل الجاد جميعاً على قلب رجل واحد لتحقيق ذلك.
■ قانون الجمعيات الأهلية كان مثار انتقادات عديدة كيف ترى الملاحظات على هذا القانون عقب تعديله؟
- حظى القانون بإشادة دول كثيرة خلال جلسة الاستعراض، خاصة أن عملية إصداره جاءت بناءً على طلب من منظمات المجتمع المدنى المصرى خلال أحد مؤتمرات الشباب، حيث استجاب رئيس الجمهورية لهذا الطلب، ودعا إلى اتخاذ الإجراءات لتحقيق ذلك بشكل فورى، وبناءً عليه تم طرح القانون للحوار المجتمعى، قبل إحالته إلى مجلس النواب لمناقشته واعتماده، وقد حمل القانون رسالة من الدولة بالأهمية التي توليها للشراكة مع المجتمع المدنى.
■ كيف ترى الانتقادات والملاحظات التي وجهتها بعض الدول لسجل مصر في مجال حقوق الإنسان؟
- نطالب دائما بعدم تسيس حقوق الإنسان، وللأسف نجد البعض يستخدم حقوق الإنسان كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، والضغط عليها، وإملاء الدروس وهذا أمر مرفوض. ونقول دائما للدول الصديقة يجب أن تنظروا إلى الواقع والظروف المحيطة بكل الدول والنتائج المتحققة على الأرض، ولا يجب أن تحكموا على الأمور من زاويتكم الخاصة وظروفكم وأوضاعكم. كما نحذر دائماً من ازدواجية المعايير عند التعامل مع هذا الملف، وهنا نتساءل: كيف يتم إبداء ملاحظات لدولة ما في مجال حقوق الإنسان وغض الطرف عن توجيه هذه الملاحظات إلى دول أخرى لديها انتهاكات صارخة، وهذا يرجعنا إلى ما ذكرناه من قبل حول خطورة تسييس هذا الملف.
■ ماذا عن تأثير بعض التقارير الصادرة من منظمات تعلن عدائها لمصر بالخارج؟
- هذه المنظمات أثبتت عدم تمتعها بأى نوع من الموضوعية والحيادية أو حتى المهنية، وللأسف كل هدفهم إلقاء الادعاءات بشكل مبالغ فيه، وبدون الاستناد إلى أية معلومات ذات مصداقية، أو تقديم وثائق ومستندات تُثبت صحة مزاعمهم وما يروجون له من افتراءات. ونحن نتواصل مع الجميع، حيث نسعى دائماً إلى إبراز الحقائق، ولا نفوت فرصة للرد على هذه الادعاءات بالحجة، ونؤكد زيفها وعدم صلتها بالواقع.