أمين مجلس الوحدة الاقتصادية العربية: مساعدة الاقتصاد المصرى واجب

كتب: أشرف فكري الأربعاء 20-07-2011 20:00

قال السفير محمد الربيع، أمين عام مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، إن الثورات العربية ستكون نقطة فارقة فى مسيرة العمل العربى خاصة فى المجال الاقتصادى، فرغم المخاوف الحالية لدى الكثيرين من حدوث تأثيرات سلبية لهذه الثورات على اقتصاديات الدول العربية، فإن أمين عام مجلس الوحدة الاقتصادية العربية شدد على أن إيجابيات هذه الثورة ستكون أفضل للدول وللمواطن العربى على المدى البعيد. وقال الربيع فى حوار مع الـ«المصرى اليوم» إن الدول العربية فى حاجة إلى إعادة تصحيح للمسار الاقتصادى ووضعه فى مقدمة أولوياتها، لتوفير ما تحتاجه من تكامل ووحدة اقتصادية تبحث عنها منذ أكثر من 50 عاماً.


وكشف عن أن خسائر العرب خلال الأزمة المالية العالمية تجاوزت فى بعض التقديرات غير الرسمية حاجز الـ2.5 تريليون دولار، فى حين أن تلك الدول تحتاج فقط 200 مليار دولار لتوفير التمويل اللازم للخروج من نفق الفقر والجوع والبطالة.


وقال إن التاريخ لن يكون رحيماً بالجيل الحالى من العرب حال تقاعسهم عن تحقيق التكامل الاقتصادى المنشود، حتى لو ساقوا مئات الأعذار.


وإلى الحوار التالى:

■ ما تأثير الثورات العربية على اقتصاديات الدول الأعضاء بالجامعة العربية؟


ـ هناك تأثيرات متعددة لهذه الثورات يمكن حصرها فى نطاقين، الأول سلبى على المستويين القصير والمتوسط، فبسبب هذه الثورات ارتفعت فاتورة العجز فى موازنات دول مثل مصر، وتونس، واليمن، وننتظر ما يحدث فى اليمن، وسوريا، وليبيا، والآخر إيجابى على المستوى الطويل، فالربيع العربى سيكون له نتائج إيجابية باهرة للمواطن والدول العربية.


■ هل يمكن فى الوقت الراهن حصر الخسائر الناجمة عن ثورات الربيع العربى، وتحديداً فى دولة مثل مصر؟


ـ من المبكر جداً تقديم أى بيانات شاملة أو إجمالية لحجم الخسائر ولكن فى العموم يمكن التعرف بوضوح على النتائج من خلال بيانات رسمية للحكومات، ففى مصر على سبيل المثال ما أعلنه وزير المالية عن انخفاض الاحتياطى النقدى فى البنك المركزى من 36 مليار دولار إلى 25 مليار دولار، فضلاً عما شهده قطاع السياحة على سبيل المثال والذى ساهم فى حدوث حالات بطالة واسعة النطاق ـ أثر على ملايين من العاملين وغيرها من المؤشرات المقلقة للاقتصاد المصرى.


■ يتخوف الكثيرون من عدم قدرة الدول العربية على الخروج بسهولة من تداعيات هذه الثورات على المستوى الاقتصادى؟


ـ دعنى أكن صريحاً.. فى حالة استمرار الأوضاع على ما هى عليه قبل اندلاع هذه الثورات، لا يوجد أمل ولا تنمية، فلابد من إصلاح العيوب التقليدية فى اقتصاديات الدول العربية، فأغلبها كما نعرف «هشة» تعتمد على موارد وخدمات طبيعية دون تصنيع أو تطوير حقيقى للقدرات، ودون التعامل مع تلك المشكلة لن نستطيع النهوض.


■ هل أثرت ثورات الربيع العربى فى نوعية الخدمات المقدمة من جانب المجلس؟


ـ بالفعل أثرت الثورات العربية فى مستوى الخدمات التى يمكن تقديمها من جانب المجلس، فعلى سبيل المثال، قرر مجلس التدريب التابع لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية تقديم خدمات نوعية جديدة تصب لصالح المواطن العربى، وبدأنا بالفعل مع بعض المراكز الخاصة تقديم دورات لموظفى هيئات حكومية فى كيفية متابعة تنفيذ الموازنة العامة للدولة.


■ ما الفائدة التى ستعود على المواطن العربى من هذه الدورات؟


ـ لا شك أن معرفة الموظف أوجه إنفاق الهيئة الاقتصادية التى يعمل بها وأوجه مراقبتها هى الطريق الوحيد لضمان عدم انتشار مظاهر الفساد المالى والإدارى فى الهيئات الحكومية المختلفة وبالتالى ضمان عدم تسرب الاعتمادات المالية التى يستحقها المواطن العربى لعدد محدود من الأفراد، فدون إعداد كاف للكوادر البشرية القادرة على التعامل بكفاءة لن نستطيع «دحر» عمليات نهب الموارد المالية المخصصة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للإنسان العربى.


■ ما جهود المجلس لمساعدة اقتصاديات دول الربيع العربى؟


ـ جهود مكثفة قرر المجلس اتخاذها خلال الفترة المقبلة لمساعدة اقتصاديات هذه الدول وعلى رأسها تنظيم مؤتمرات للترويج الاقتصادى، ومحاولة جذب استثمارات المؤسسات والشركات ورجال الأعمال خاصة العرب، الذين كان بعضهم يتطلع لدخول هذه الأسواق، لكن منظومة الفساد منعتهم أو أجلت هذه المشروعات وجاء دورها الآن.


■ ماذا عن مصر تحديداً وخطط إخراجها أو مساعدتها على الأقل فى تجاوز المحنة الحالية؟


ـ لابد أن أقول إن مساعدة الاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة واجب على كل العرب، وليست منحة أو فرضاً اختيارياً، فالحقيقة التى يعرفها الجميع أنه دون مصر قوية فلن يكون للعرب صوت مسموع، وفى المجلس قررنا تنظيم 3 مؤتمرات بالقاهرة من بينها مؤتمر مهم يحمل شعار «المصرى أولاً» يركز على إقناع المستثمرين العرب بضخ استثماراتهم فى مصر من خلال عرض فرص الاستثمار فيها فى قطاعات اقتصادية مختلفة.


■ ولكن جذب الاستثمارات المهاجرة مسألة يتحدث العرب كثيراً عنها دون تنفيذ ملموس؟


ـ لا أستطيع أن أخفيك سراً أن عودة نسبة من الاستثمارات العربية المهاجرة كفيلة بحل الكثير من المشاكل التى يعانى منها الوطن العربى من فقر وجوع وبطالة، فنحن فى المجلس لدينا دراسات تؤكد أن ضخ 60 مليار دولار فقط فى 7 دول عربية على الأقل هى الأكثر احتياجاً مثل اليمن، والسودان، وجيبوتى، وموريتانيا، وجزر القمر، والصومال، وفلسطين، كفيل بمساعدة هذه الدول فى الخروج من أزماتها الاقتصادية.


■ ولكن يقول بعض المدافعين عن هجرة الاستثمارات إنها تحقق عوائد أفضل فى الخارج؟


ـ غير صحيح، فالتعميم خطأ، البعض منها يحقق أرباحاً فى الأحوال العادية والمستقرة، ولكن عندما تحدث أزمة تكون هذه الاستثمارات أول من يدفع الثمن، ودعنى أقل إن بعض الدراسات غير الرسمية ذهبت لتقدير خسائر الاستثمارات العربية فى الأزمة المالية العالمية بـ2.5 تريليون دولار وهو رقم ضخم للغاية، كان توجيه 200 مليار دولار منها فقط إلى الدول العربية كاستثمارات وليس كمعونات كفيلا بحل الكثير من الأزمات التى تعانى منها بعض الدول العربية.


■ فى غياب الأمن وعدم الاستقرار فى بعض الدول العربية كيف تتوقع ضخ استثمارات جديدة حتى إن كانت عربية؟


ـ بالفعل، لابد من عودة الاستقرار والأمن للدول العربية لضمان عودة حركة الاستثمار عموماً، فدون هذا سيكون هناك شك كبير فى قدرة الدول العربية على جذب أو توطين استثمارات عربية أو محلية، فالحكومات والشعوب يجب عليها إدراك حقيقة أن رأس المال جبان لا يستقر فى بلد فيه مخاطر كثيرة وصعوبات سياسية، وفى تجارب دول عربية مثال على ذلك.


■ ولكن أين الثورات العربية من أجندة مؤتمرات مجلس الوحدة الاقتصادية العربية؟


ـ لدينا بالفعل مؤتمر شامل فى شهر نوفمبر المقبل يتضمن محورين رئيسيين الأول سيركز على 4 قضايا ترتبط باقتصاديات الدول العربية بشكل وثيق وهى الأزمة المالية وتأثيراتها على المنطقة، وعلاقة الدول العربية بدول اليورو، وانعكاسات حرب العملات، وارتفاعات أسعار الغذاء وتأثيراتها على الدول العربية خاصة النامية منها، فيما سيركز المحور الثانى على التغييرات التى أحدثتها الثورات العربية على اقتصاديات المنطقة ومستوى الدخل، وحركة تدفقات الاستثمار، لكن أهم موضوع سيركز عليه هذا المؤتمر هو إعادة توطين الاستثمارات العربية المهاجرة إلى الدول العربية أو بلدانها على الأقل.


■ هل هناك مشروعات محددة سيتم طرحها على القطاع الخاص لمحاولة مساعدته على ضخ استثمارات جديدة؟


ـ نعد حالياً قائمة بالمشروعات التى تستهدف القطاع الخاص لترويجها سواء من خلال المؤتمرات التى نعدها أو نشارك فيها، ومن بينها مشروع لتسويق المنتجات الزراعية والسمكية والحيوانية فى بعض الدول العربية ذات الوفرة من هذه الثروات، ولكنها تهدر لعدم قدرتها على تسويقها أو تصديرها لبعض الدول المجاورة على الأقل، كما نعد لمشروع تجميع وتصنيع «الجرار» باعتباره رمزاً للتنمية الصناعية، فثلاث دول عربية تتوافر لديها إمكانيات وقدرات تصنيعية متميزة لهذه النوعية من الصناعات وهى الجزائر، والمغرب، ومصر بما يشير إلى نجاح هذا المشروع المهم بالنسبة للشركات والدول العربية التى أعلنت عن عمليات تنمية زراعية لعشرات الملايين من الأفدنة الزراعية لمواجهة ارتفاع فاتورة الغذاء.


■ هل أنت متفائل بإمكانية تحقيق الوحدة الاقتصادية العربية رغم أن المجلس لا يضم سوى 10 دول من أعضاء الجامعة العربية؟


ـ نعم متفائل لأن الفكرة التى بدأت منذ 55 سنة على الأقل صمدت رغم كل المحن التى واجهت الدول العربية والأزمات السياسية التى ربما تكون قد أثرت على العمل السياسى وأخرته، لكنها على المستوى الاقتصادى زادته زخماً وقوة نحو تحقيق الهدف بدرجة دفعت القادة العرب إلى تخصيص قمم اقتصادية بعد أن أيقنوا أن الطريق الصحيح للتكامل يبدأ من الاقتصاد.


■ هل لدى أمين عام مجلس الوحدة الاقتصادية العربية كلمة يرغب فى توجيهها عبر «المصرى اليوم» للمواطن العربى؟


ـ كلمتى الأخيرة للحكام والمواطن العربى هى أن التاريخ لن يرحمنا فى حالة تأخرنا فى توحيد كلمتنا السياسية والاقتصادية بما يحقق تطلعات الشعوب العربية، وكفانا خلق أعذار ومبررات واهية، فرسولنا الكريم استطاع نشر رسالته فى 13 عاماً فقط ليصل عدد المؤمنين بها إلى 1.5 مليار حالياً، فيما ندعو منذ 55 سنة للوحدة الاقتصادية العربية ولم نحققها حتى الآن.