أودعت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد فتحي صادق، حيثيات حكمها الصادر ببراءة وزير الإعلام السابق، أنس الفقي، ووزير المالية السابق، الهارب يوسف بطرس غالي، في قضية اتهامهما بإهدار المال العام المخصص لاحتياطيات السلع الاستراتيجية، على أعمال دعاية للحزب الوطني «المنحل» والرئيس المخلوع، حسني مبارك.
استهلت المحكمة أسباب الحكم بتأكيد أنها أصدرت حكمها «دون أن تتأثر بالرأي العام»، مشددة على أن الأحكام صدرت «وفقا لضميرها فقط».
وقالت المحكمة في أسباب حكمها، الواردة في 26 صفحة مشتملة على 9 أسباب جوهرية، إن الـ 9 ملايين جنيه، التي أنفقت على الدعاية لانتخابات البرلمان، تم صرفها بعد موافقة رئيس الوزراء الذي استخدم صلاحياته وفقا للقانون.
وأشارت المحكمة إلى أنه تبين لها أن الحملة الانتخابية استهدفت حث الناخبين على التوجه لصناديق الاقتراع وإبراز الإيجابيات التي قامت بها الحكومة، لافتة إلى أن المبالغ التي أنفقت في هذا الصدد يحصل عدد من الصحف الخاصة المعارضة على جانب منها، ومن بينها جريدة «الأسبوع» التي حصلت على 130 ألف جنيه، و«الأهالي»، التي حصلت على 120 ألف جنيه وجريدة «الفجر» وصحف أخرى.
وذكرت المحكمة أن المكاتبات التي جرت بين وزيري الإعلام والمالية ورئيس الوزراء بشأن القضية لم تتضمن أي إشارة إلى الانتخابات الرئاسية التي كان مزمعا إجراؤها نهاية العام الحالي، وأن برنامج الدعاية الانتخابية عرض قبل تنفيذه على اللجنة العليا للانتخابات برئاسة المستشار السيد عبد العزيز عمر، رئيس محكمة استئناف القاهرة ورئيس اللجنة، وتمت الموافقة عليها وكانت تستهدف توسيع المشاركة السياسية لدى المواطنين.
وأضافت المحكمة أن المبلغ الذي صرف للقيام بالحملة كان 36 مليون جنيه وأن ما تم صرفه منه هو 9 ملايين و519 ألفا فقط، والمبلغ المتبقي تمت إعادته إلى الموازنة العامة.
وأوضحت المحكمة أنها استندت إلى قانون اتحاد الإذاعة والتليفزيون رقم 13 لسنة 79 ومرفقاته وتعديلاته، والتي أوضحت أن دور يوسف بطرس غالي، وزير المالية السابق، كان الموافقة على قرارات رئيس الوزراء بتحويل المبالغ لوزارة الإعلام.
وأضافت المحكمة في أسباب حكمها أن وزارة الإعلام هي المنوط بها تنفيذ الحملة الانتخابية، موضوع القضية، رغم أن الموازنة العامة لا تتوفر لها أي اعتمادات مالية لتنفيذها، وأن المبالغ موضوع القضية لم يصرف منها شيء من موازنة وزارة الإعلام.
وأشارت المحكمة إلى أن أنس الفقي لم ينفذ الحملة الانتخابية إلا بعد موافقة رئيس اللجنة العليا للانتخابات، المستشار السيد عبد العزيز عمر.
يذكر أن النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، فور صدور حكم البراءة للفقي وغالي، كلف نيابة الأموال العامة العليا، برئاسة المستشار علي الهواري، المحامي العام الأول للنيابة، بالطعن على الحكم أمام محكمة النقض لإلغاء حكم الجنايات الصادر بالبراءة، وإعادة محاكمتهما من جديد أمام دائرة مغايرة من دوائر محكمة جنايات القاهرة.
وجاء بقرار النائب العام أن النيابة ستطعن على هذا الحكم على أساس «عدم اتفاق أسباب البراءة مع أدلة الاتهام التي توافرت نتيجة التحقيقات، وذلك استعمالا لحق النيابة العامة في طلب نقض الأحكام وإعادة محاكمة المتهمين أمام دائرة أخرى».
وكانت النيابة قد أحالت أنس الفقي ويوسف بطرس غالي، «هارب» للمحاكمة في القضية التي قضي فيها ببراءتهما، بعدما أن أسندت للأول طلبه مبلغ 36 مليون جنيه من وزارة المالية، للإنفاق على التغطية الإعلامية لانتخابات مجلسي الشعب والشورى، وتمويل الحملة الإعلامية الخاصة بتغطية الأحداث السياسية المهمة والإنجازات التي تحققت خلال الفترة من عام 1981 وحتى العام الماضي 2010، التي تولى فيها مبارك إدارة البلاد، فوافق وزير المالية السابق على صرف هذا المبلغ من الأموال المخصصة لاحتياطات السلع والخدمات الاستراتيجية.
وأشارت تحقيقات النيابة إلى أن الفقي أنفق جانبا من تلك المبالغ بالمخالفة للمعايير المعتمدة من مجلس الوزراء، التي قصرت الإنفاق منه على المتطلبات الحتمية القومية والطارئة والالتزامات المستجدة، دون الأغراض التي تم الصرف عليها.
كما خالف هذا الإنفاق، بحسب تحقيقات النيابة، أحكام قانوني انتخابات مجلس الشعب والانتخابات الرئاسية، التي تحظر استخدام المال العام في الإنفاق على أغراض الدعاية الانتخابية.
يذكر أن الفقي يقضي فترة حبس احتياطي على ذمة محاكمته في قضية أخرى أمام الدائرة 15 بمحكمة جنايات شمال القاهرة برئاسة المستشار عبد الله أبو هاشم، تتعلق بإهداره المال العام والإضرار العمدي بأموال اتحاد الإذاعة والتليفزيون بمبلغ قيمته مليون و888 ألف دولار أمريكي، بجانب صدور قرار من جهاز الكسب غير المشروع بحبسه احتياطيا على ذمة التحقيقات في شأن اتهامات تتعلق باستغلاله نفوذه كوزير للإعلام في تحقيق كسب غير مشروع.