لبنان يَشقُ بطن العَتمة.. «العرَّافة» لأحمد علىّ الزين

د. أماني فؤاد الجمعة 29-11-2019 00:32

.

.

».

تتشكل الشخصيات في النص من خلال الراوى المشارك في الأحداث، فهو من يختار أسماءهم نتيجة لانطباعاته الشخصية، وعجزه عن التواصل الحقيقى، كما يرسم لكل منهم تشكيلا خاصا يلتقط فرادته في بورتريهات لغوية تتضمن تقنيات فن الكاريكاتير. وتعتمد رواية العرّافة على نسق سردى مغاير يلعب على خلخلة بنية النص التقليدى والخروج عن هيمنته ورسوخه، فليس هناك حبكة درامية معهودة تبدأ من مقدمة وتصل لذروة ثم تنتهى بشكل ما، تستشف الحبكة باكتمال قراءة العمل ومعايشة طقسه الكلى، حيث يكونها مجموع المشاهد وما تتركه من ظلال أثناء القراءة، كما يُكملها طريقة بنية شخصيات العمل فلها نسق مهيمن حيث تتشكل معظم الشخوص أبطالا إشكاليين نتيجة لطبيعة المحيط السياسى والدينى والاجتماعى، والتحولات التي تحدث للمكان وتغيراته. لقد باتت عملية تشكيل بنية فنية مواكبة لواقع غير نمطى معادل لواقع حياة ربما أفضل أوصافها كونها عبثية- همَّ الروائى في المقام الأول، فلو تتبعنا الرحلة التي قام بها سهيل العطار المصاب بالشلل، ومنى الممرضة، وبيتر2 لاعب الكرة الذي تخفف من كل شىء حتى اسمه، والشاعر «زمان» الذي يحاول الانتحار، والحارس الذي خرج معهم لحراستهم، حين أراد سهيل قضاء نزهة في شوارع بيروت لحنينه لعالمه السابق، لتلمسنا تلك المنطقة المنسحبة من الحياة لدى كل شخصية، حيث تفصح الرحلة عن مدى الانفصال واليأس اللذين يعانيهما الفرد في المجتمع اللبنانى.

.