«تنازلت علشان هما زى إخواتى.. وأنا بحب مصر.. وأشكر رئيس الجمهورية والحكومة، ولما أروح مؤتمر شباب العالم بشرم الشيخ هقول إنى أحب لما أكبر أكون حقوقى وأدافع عن الإنسان، وأحب العالم كله يعيش في سلام».. هكذا بدأ جون منوت شول، طالب جنوب السودان بالصف الرابع الابتدائى، ضحية واقعة التنمر في مكنطقة حدائق القبة بالقاهرة، حديثه لـ«المصري اليوم».
طالب جنوب السودان استوقفه 3 شبان أثناء ذهابه لمدرسته شارلس لوانقا بالعباسية، التابعة للكنيسة الكاثوليكية، رغمًا عنه، وأجبروه على التقاط فيديو وهم يسخرون من مظهره ويتهكمون عليه، إنه تنازل عن بلاغه لنيابة حدائق القبة، مساء الثلاثاء، ضد الشبان الـ3، ويقول لـ«المصرى اليوم» إنه لا يحب إثارة المشاكل وجلبها لأهله، وسبب تنازله عن البلاغ أنه يُشعر أننا كلنا واحد «مصريون وسودانيون»، معتبرًا ما حدث له «شئ عابر كان ماضى وانتهى لابد أن ننساه».
الطفل المولود في القاهرة، عقب نزوح والديه من جنوب السودان قبل 19 عامًا، أشار إلى أنه لم يز بلاده من قبل، ويعتبر نفسه مصريًا، وتنازله عن البلاغ ليس ورائه، كما يُردد البعض «حصولنا على أموال من أهل المتهمين»، معقبًا: «ليس لنا أية علاقة بالمتهمين، ولا سابق معرفة لىّ بهم».
ولفت إلى أن الواقعة «حدثت قبل أسبوعين بالتمام»، لكن «نشرها على الشوسيال ميديا كان وراء تدخل الشرطة»، ولولا ذلك الاتنشار لما حكى لأسرته ولا قدم بلاغًا ضد الشبان المتنمرين به.
وتابع: «فى طريقى للمدرسة استوقفنى الشبان الـ3، واتخانقوا معايا، لأنهم كانوا يريدون تصويرى عنوةً، وأنا رفضت طلبهم، وضربونى، وشدوا الشنطة منىّ، ومزقوا الكتب، وأنقذنى رجل كبير، وأبعدهم عنىّ».
مضى الضحية لمدرسته وكأن الواقعة لم تحدث- ووفقًا لحديثه-، فوجئ قبل 4 أيام، بذات الشبان يحضرون إليه بينما يجلس لدى صديقه (ريجون)- بمحل منظفات، ويجبرونه مرة ثانيةً على تصوير فيديو، ويقولون له: «قول إننا كنّا بنهزر معاك. وإحنا أصدقائك»، مستدركين: «لو عاوز فلوس قول لنا اللى أنت عاوزه»، ليرد عليهم الطفل: «مش عاوز فلوس، عاوزكم تحترموننى، ولا تفعلون شيئا يضايقنى».
والد «جون» الرجل الخميسنى، وهو يعمل بأحد الفنادق، فوجئ بحديث صديقه عن الواقعة: «شوفت في عيال بتسخر من طفل سودانى»، وبمطالعه الأب للفيديوهات، قال لصديقه: «دا ابنى».
الأب عرف بالواقعة عقب ذلك من ابنه، والذى روى له تفاصيليها بحذر: «يا بابا مكانتش عاوز أعمل لكم مشاكل»، وأثناء هذا الحديث، حضرت الشرطة لمنزل الطفل، لاصطحابه مع والده، للنيابة العامة، للإداء بأقوالهما.
منوت شول، والد الضحية، أخبر وكيل النائب العام: «الشبان الـ3 مثل أولادى تمامًا، ولا أريد بلاغًا ضدهم، أنا متنازل عنه، رغم أن الواقعة لم تكن هزارًا كما يقول المتهمون»، معللاً بقوله: «كل إنسان بيخطئ، والشبان لم يعرفوا بأن خطأهم كبيرًا، وما أريده في المحضر إثبات عدم تكرار ما حدث ثانية، ونحن نحب السلام لا المشاكل».
انجلينا قير، والدة جون، قالت: «الواقعة لم تكن الأولى، كثيرًا ما نتعرض للتنمر والسخرية من لون بشرتنا»، ويقابلون تلك الوقائع بقولهم: «ما حدث في الماضى خلاص، الحاضر أولى بالتفكير به»، مشيرة إلى أن تنازل جون عن البلاغ:«ليس ورائه الحصول على فلوس، ولكن لأننا لا نحب المشاكل».
أم جون تؤكد أنهم أسر بسيطة الحال، ولديها 7 أولاد بمراحل تعيلمية مختلفة، فيما عدا «وليم»، نجلهم الأكبر، الذي يعمل بإحدى الشركات: «بيساعدنا في مصاريف البيت».
الطفل الضحية يقطع الحديث، ليقول إنه ينوى «أعمل في حقوق الإنسان وأدرس القانون»، لكى يدافع عن «كل الناس المظلومة، واللى بيتم التنمر بها في الشوارع»، قالها مبتمسًا، وهو ممسكًا بكتاب مدرسى لاستكمال استذكاره، استعداد لامتحانات منتصف العام الدراسى، مضيفًا: «هقف في مؤتمر الشباب بشرم الشيخ، وأقول:(شكر مصر والرئيس. وربنا يحمى مصر ورئيسها).
أصدقاء جون سمعوا بالواقعة، وأكدوا استيائهم: «عمرنا ما قولنا له كلمة وحشة، وبنحبه لأنه طيب والقلب وبشوش».
تروي عائلة جون أنها لم تنوى مغادرة مصر يومًا ما: «دى بلادنا التانية، وعمرنا ما نفكر نرحل منها أبدًا، ونتمنى لرئيس الجمهورية التوفيق ودوام الصحة».
عائلة سيد حسن، أحد المتهمين، قالوا: «ابننا غلط، والعيال كان قصدها الهزار، وهنأخذ بالنا من سلوكهم».
كانت أجهزة الأمن ضبطت المتهمين عقب تداول فيديو لهم بمواقع التواصل الاجتماعي، ما أثار حالة من السخط والغضب، وأحالتهم للنيابة العامة.
وتداول مستخدمو موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» مقطع فيديو لشابين اعترضا طريق شاب يتضح من ملامحه أنه أفريقي، حيث اعتديا عليه لفظيًا بالتنمر عليه بسبب بشرته السمراء.
وظهر بالفيديو شابان أحدهما يدعى «سيد حسن»، واعترضا طريق الشاب أثناء ذهابه إلى المدرسة، وقاما بالتنمر عليه، مطالبين منه التصوير معه بنوع من الاستهزاء والسخرية منه، فيما طالب الشاب الإفريقي تركه لتأخره عن ميعاد المدرسة، ليرد عليه الآخر قائلًا: «مستر محمود ده حبيبي وصاحبي.. وأنا عايز اتصور الصورة الجميلة بس»، في إشارة للسخرية منه.