منذ زمن بعيد نرى ونسمع الحكومات المتعاقبة تضع في برامجها خطة لمحو أمية الأميين وإلى اليوم. تقول الإحصائيات إن 27% من الشعب المصرى أميون، وإذا كانت البرامج التي يرجع تاريخها لأكثر من سبعين عاماً لم تنجح في محو أمية الأميين فمعنى ذلك أن هناك شريحة كبيرة في الوقت الحاضر من الشباب أو نصف شباب (ما بين 40 و50 سنة) أميون مما يعطل مسيرة تطورهم ونضوجهم ويظلون في حياتهم وأعمالهم المتواضعة دون ارتقاء، وبالتالى يعطل تنمية بلادنا، لأن التنمية ليست فقط عدد الكبارى والأنفاق والأراضى الزراعية ولكن التنمية تحتاج لمن يديرها بطريقة علمية مستخدماً كل الوسائل التكنولوجية الحديثة والفكر السليم الراجح ولن يتأتى ذلك بالأمية.
لذا تعد الأمية قضية وطنية بامتياز، فالجهل يلتهم الأخضر واليابس في أي تنمية حقيقية تحدث، كما أن الإرهاب يستغل الأمية؛ فهما وجهان لعملة واحدة، ولهذا لا بد من التكاتف وإقرار عدد من التشريعات للقضاء على الأمية وتوفير حوافز إيجابية تلزم الأمى بأن يتعلم.
أعلن الدكتور عاشور عمرى، رئيس الجهاز التنفيذى للهيئة العامة لتعليم الكبار ومحو الأمية، عن إطلاق الهيئة مشروعاً ضخماً «التعاقد الحر» لتشغيل الخريجين، يُمكّن كل شاب طالب أو خريج جامعة من الحصول على حافز قدره 300 جنيه لكل دارس أمى نجح في محيطه السكنى بمعنى أنه لو قام بمحو أمية 20 دارساً سيحصل على مكافأة مالية قدرها 6 آلاف جنيه. وأكد أن الهيئة بصدد إعداد مشروع قانون لمحو الأمية سيعرض قريباً على مجلس النواب بعد العرض على مجلس الوزراء لتفعيله مع المؤسسات الحكومية والمجتمع المدنى الذي بدوره يعطى القوة للهيئة خاصة أن الهيئة لا تمتلك مبانى تعليمية، ولا تمتلك موارد بشرية لمحو أمية 18 مليون فرد، وبالتالى نرجع لنص القانون ونصدر المشكلة للمجتمع لأنها ليست مشكلة الهيئة فقط ولكن هي مشكلة مجتمعية. وقال إننا نحاول إيجاد حلول للمشكلات التي تواجه عمل الهيئة وهى مشكلة التشريع، فلا بد من وجود تشريعات ملزمة للمجتمع المدنى والجهات الشريكة بمساعدة الهيئة في أداء مهمتها التي نص عليه القانون.
والتشريع الجديد سيلزم كل جمعية لترخيصها أو لتجديد ترخيصها بمحو أمية 200 شخص في السنة بمعدل 50 شخصا كل ثلاثة أشهر، خاصة أننا لدينا نحو 50 ألف جمعية في مصر، لافتا إلى أن 200 شخص في السنة ليس رقماً كبيراً، مما يعنى أنه يمكن محو أمية 10 ملايين شخص في السنة الواحدة، فالمجتمع المدنى قادر على القضاء على الأمية دون تحميل موازنة الدولة الكثير من الأموال.
لى اقتراحان الأول، ولا أعرف مدى صوابه، أن كل مجند إن كان في الجيش والشرطة أو هيئات أخرى لا يتم إنهاء تكليفهم إلا وقد محيت أميتهم حتى يستطيعوا أن ينخرطوا في الحياة؛ فالكثير منهم لا يعرف كيف يكتب اسمه. أما الثانى فهو أن الدولة تحدد تاريخاً يلزم الكل بأن تكون قد انمحت أمية كل المصريين مع إيجاد الوسائل المناسبة مثل المعلن عنه لمحو الأمية تماماً، فإذا تركنا الأمر مفتوحاً فلن يكون هناك إلزام أو التزام، كذلك التفكير في تجريم كل من يهرب من المدرسة ولا يحمل شهادة الإعدادية مع رفع التوعية بجميع الوسائل الممكنة خاصة الإعلام حتى نتخلص من هذه الآفة في أقرب وقت ممكن وبأحدث أسلوب.