أوكازيون القلب المفتوح

أسامة غريب الجمعة 08-11-2019 00:34

في العادة يشعر الناس بالغضب عندما يتلقى الواحد منهم مكالمة تليفونية من شخص طال انقطاعه يطلب فيها خدمة. يزداد الغضب لو كان هذا الشخص الذي لم يسأل عنا من زمن عزيزاً أو ذا مكانة متميزة في النفس.

ليس من بيننا من لم يقل لنفسه: الآن فقط قرر أن يكلمنى بعد أن احتاجنى؟ أين كان طيلة هذه المدة؟. أنا شخصياً لا أنكر أن الغضب قد دفعنى في السابق لإنهاء صداقات مع أشخاص اختفوا لفترات من حياتى بدون إنذار وعندما عادوا كانت لهم في كل مرة مطالب متعلقة بخدمات يرجونها، وبعد أن يتحقق المطلوب يختفون من جديد!. لكن يبدو أن الإنسان يتغير مع السن والتجربة فتنكشف له زوايا للرؤية لم تكن مرئية عندما كان يستسلم للغضب و«تصعب» عليه نفسه من الأصدقاء الذين لا يعرفونه إلا في الزنقات ولا يتصلون به إلا مستنجدين.

تغيرتُ إلى الحد الذي صرت فيه أشعر بالامتنان حينما يطلبنى صديق طال بعده ليقصدنى في خدمة. أصبحت أرى الأمر على نحو آخر.. هؤلاء الذين انقطعوا عنا لابد أن لهم أسبابهم التي يجب أن نعذرهم فيها دون حتى أن نحاول معرفتها، لا شك أن الحياة جرفتهم كما جرفتنا وطحنتهم كما طحنتنا ودفعت في سكتهم بأولويات لا يمكن التأخر عنها فباعدت بينهم وبين من كانوا يأنسون إليهم، ولا شك أن هذا لم يكن سهلاً عليهم ولا كانت نفوسهم تطيب بسببه. إن لجوءهم اليوم إلينا لا يعنى بالضرورة أنهم سيئون أو «بتوع مصلحة» وإنما هم يحملون من ذكرانا أطيب الأثر ويتوسمون الخير فينا وتشى نظرتهم إلينا بالمحبة والإكبار، وإلا لكانوا لجأوا لغيرنا ممن هم على اتصال يومى بهم. هم يروننا أهل مروءة وكرم، ولا يجب، والحال هكذا، أن نعاقبهم أو نردهم ونظن بذلك أننا نثأر لكبريائنا.

.

!