قال شهود وجماعات حقوقية إن 28 شهيدًا سقطوا برصاص قوات الأمن السورية، الجمعة، في أكبر احتجاجات تشهدها المدن السورية تخطت المليون متظاهر يطالبون بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.
ويسعى الأسد الذي يواجه أكبر تحد لنحو 40 عاما من حكم حزب البعث إلى سحق الاحتجاجات التي بدأت في مارس. لكن بالرغم من أن جماعات حقوقية تقول إن نحو 1400 مدني استشهدوا منذ بدء الاحتجاجات فإن الاحتجاجات تتواصل بلا هوادة ويتزايد عدد المشاركين فيها.
وأعلن عبد الكريم الريحاوي رئيس الرابطة السورية لحقوق الانسان أن 28 شخصا استشهدوا برصاص قوات الأمن التي فتحت النار لتفرقة متظاهرين كانوا يطالبون بإسقاط النظام، معظمهم في دمشق وريفها.
وقال الريحاوي إن 18 شخصا قتلوا في أحياء مختلفة من دمشق (القابون 12، ركن الدين 3، القدم 2، برزة 1)، كما قتل طفل في جوبر و4 اشخاص في دوما وهما منطقتان مجاورتان لدمشق.
كما قتل 3 اشخاص في إدلب الشمالية واثنان في درعا جنوب البلاد، والتي انطلقت منها شرارة الانتفاضة الأعنف ضد النظام السوري، حسب المصدر نفسه.
وبذلك يكون 23 شهيدًا سقطوا في دمشق وريفها.
من جهته أعلن رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أكثر من مليون سوري تظاهروا الجمعة ضد نظام الأسد في مدينتي حماة، شمال البلاد، ودير الزور، شرقها، وحدهما.
وقال عبد الرحمن «أكثر من مليون شخص تظاهروا اليوم (الجمعة) في حماة ودير الزور». واعتبر أن هذه المشاركة الكثيفة تبعث «رسالة واضحة إلى السلطات أن التظاهرات في تصاعد وليست في أفول»، معتبرًا أنها «تحد صريح للسلطات لاسيما عندما تخرج كل هذه الأعداد في دمشق للمرة الأولى».
وأوضح أن «عدد المتظاهرين بلغ أكثر من نصف مليون في حماة وقراها في حين بلغ في دير الزور ما بين 450 و550 ألفا».
وهذا الرقم يعتبر الأعلى الذي يتحدث عنه المعارضون خلال يوم واحد من التظاهرات ضد النظام في سوريا منذ 15 مارس عندما بدأت حركة الاحتجاج.
وأضاف عبد الرحمن أن قوات الأمن فتحت النار في دمشق وإدلب (شمال غرب) ودرعا (جنوب) في محاولة لتفريق التظاهرات.
وأوضح أن قوات الأمن أطلقت النار في حي القابون بعد أن نزل 20 ألف شخص الى الشوارع وحدث الشيء نفسه في حي ركن الدين.
وقال شاهد من منطقة ركن الدين في دمشق إن مئات الشبان الملثمين اشتبكوا مع قوات الأمن بالعصي والحجارة.
وهتف المحتجون قائلين «يسقط يسقط بشار الأسد».
وقال شاهد عبر الهاتف من وسط دمشق «نحن في حي الميدان وهم يطلقون قنابل مسيلة للدموع علينا والناس يهتفون».
من جهتها أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن «مدنيا استشهد برصاص مسلحين في ادلب وأصيب عنصران من قوات حفظ النظام بإطلاق النار عليهما من قبل مسلحين في جوبر».
وأضافت «كما أطلق مسلحون النار على قوات حفظ النظام والمواطنين في القابون وركن الدين ما أدى إلى استشهاد مدني وجرح اثنين من قوات حفظ النظام».
وبحسب المعارضين فان مئات الآف الاشخاص الذين نزلوا إلى الشوارع بعد الظهر في سوريا كانوا يطالبون بالإفراج عن المعتقلين وسقوط النظام بدعوة من الناشطين المطالبين بالديموقراطية في يوم أطلقوا عليه اسم «جمعة أسرى الحرية».
وسار أكثر من سبعة آلاف شخص في تظاهرة أمام جامع الحسن في حي الميدان في العاصمة السورية، الذي أصبح نقطة تجمع المتظاهرين في دمشق كما أفاد ناشطون في المكان.
وجرت أيضا تظاهرات في العديد من أحياء حمص بوسط سوريا والرقة (شمال) وحلب (شمال) كما أوضح الناشطون.
وفي مدينة حماة التي نفذ الرئيس الراحل حافظ الأسد مذبحة فيها عام 1982 بدعوى القضاء على تمرد إسلامي مسلح أسفر عن استشهاد 30 ألف شخص، أظهرت لقطات فيديو صورها السكان حشدا كبيرا في ساحة العاصي الرئيسية بالمدينة يردد «الشعب يريد اسقاط النظام».
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن 350 ألفا على الأقل تظاهروا في محافظة دير الزور الشرقية. وقال سكان إن القوات السورية قتلت بالرصاص اثنين من المحتجين هناك الخميس.
وسار أيضا متظاهرون في عامودا بمحافظة الحسكة (شمال) وتجمع الآلاف في عين العرب (شمال) حيث اعتقل العديد من المتظاهرين كما اكد ريحاوي مشيرا إلى أن أكثر من 35 ألف شخص تظاهروا في دوما قرب دمشق.
ومثل كل نهار جمعة منذ بدء حركة الاحتجاج ضد نظام الرئيس السوري، دعا الناشطون المطالبون بالديموقراطية على صفحتهم على موقع «فيس بوك» إلى التظاهر من أجل الإفراج عن آلاف السجناء السياسيين والمتظاهرين المعتقلين في سوريا.
وبسبب القيود على حركة الصحافة الأجنبية، من الصعب جدا الحصول على تأكيد من مصدر مستقل لحجم التظاهرات أو حصيلة القتلى أو الاعتقالات في البلاد.
وخرجت الاحتجاجات الأكبر حتى الان في بلدات وقرى فقيرة خارج دمشق يعيش فيها واحد على عشرة من سكان سوريا البالغ عددهم 20 مليونا. ومن النادر أن تحشد الاحتجاجات في العاصمة أكثر من بضع مئات من الاشخاص.
وتستفيد دمشق من الاستثمارات الاجنبية الكبيرة وسكانها أغنى من سكان المحافظات الأخرى كما أن قبضة الامن اقوى في العاصمة.
ويقدر النشطاء أن عدد أفراد الشرطة السرية في شوارع دمشق زاد بأكثر من الضعف منذ بدء الاحتجاجات وساد الركود الاقتصاد السوري. وفي مواجهة عدم اليقين انسحب المستثمرون الأجانب بأعداد كبيرة وارتفعت نسبة البطالة.
ونقلت صحيفة «ليزيكو» الفرنسية المتخصصة في مجال الأعمال عن تقرير لمؤسسة طهران الفكرية التابعة للقيادة الإيرانية إن إيران حليفة سوريا تبحث تقديم مساعدات مالية لسوريا بقيمة 5.8 مليار دولار وتشمل قرضا فوريا بقيمة 1.5 مليار دولار.
وتستهدف عقوبات دولية الزعماء السوريين وليس بنوك وشركات سورية لكن فرنسا والولايات المتحدة تضغطان من أجل فرض عقوبات أكثر صرامة وصدور قرار من مجلس الامن الدولي يدين القمع بعد أن تعرضت السفارتين الفرنسية والأمريكية في دمشق لهجوم من مواطنين موالين للأسد.
وقالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون في مؤتمر صحفي بإسطنبول «قلنا إن سوريا لا يمكنها العودة إلى ما كانت عليه من قبل والأسد فقد الشرعية في أعين شعبه».
وأضافت «قلنا نحن وكثيرون آخرون في المنطقة وغيرها إننا ندعم بشدة انتقالا إلى الديمقراطية.. مصير النظام السوري والشعب السوري في يد الشعب نفسه».
ورد الأسد على الاحتجاجات بمزيج من استخدام القوة وقطع وعود بالإصلاحات ومنح الجنسية لآلاف الأكراد ورفع حالة الطوارئ. ودعا أيضا إلى الحوار لكن مجموعات وشخصيات كبيرة في المعارضة قاطعت مؤتمرا للحوار نظمته الحكومة بسبب استمرار العنف.
وبعد أن عزز استمرار الاحتجاجات قوة المعارضة يعقد معارضون ونشطون كبار مؤتمرا في إسطنبول السبت، وسيتم التنسيق بين المؤتمر ومؤتمر آخر في دمشق.