«عاش ومات لأجلنا».. هكذا قالت الأرملة المكلومة لسائق الـ«توك توك»، الشهير بـ«باسم الجوكر»، الذي قتله شقيقان، أحدهما «حدث»، يعملان بمصنع حلوى، كان يمتلكه والد المجنى عليه، لأجل سرقة التوك توك في بولاق الدكرور بالجيزة.
وقال المتهمان، في اعترافاتهما للنيابة العامة: «كنا هنبيعه وبفلوسه نجهز نفسنا للزواج»، وأقر والدهما بمعاونتهما على الهروب إلى مسقط رأسيهما في المنيا.
السبت قبل الماضي، زار القلق قلب منار عبدالمقصود، زوجة المجني عليه: «أول مرة يتأخر لبعد نصف الليل»، تؤكد أنها اتصلت به: «مالك اتأخرت ليه؟!»، وأغلقت الزوجة المكالمة، وبعدها بدقائق عاودت الاتصال: «قلت يمكن الشبكة ضعيفة»، لكن الزوج، صاحب الـ 45 سنة، لم يرد عليها، تقول الزوجة إن ابنتهما «جنى»، 17 سنة، كانت «زعلانة» لتأخر والدها، ولم تتصور غياب والدها إلى ما بعد منتصف الليل، وتردد: «بابا المفروض كان جاى ليتحدث مع خطيبى لإعداد التجهيزات لحفل الخطوبة».
«ضياء»، نجل المجني عليه، قال إنه اتصل بوالده ليرد أحد الأشخاص، ويسأله الأخير: «انت ابن سواق التوك توك؟»، لتزيد نبضات قلب الابن: «أيوة ماله؟!»، لتباغته كلمات الرجل: «أبوك لقينا جثته متقطعة في الشارع».
سائق الـ«توك توك»، الذي أوصل الابن إلى مكان جثة أبيه، حاول طيلة الطريق يهدئ من روعه: «هتلاقيه أُغمى عليه»، بوصول الابن إلى المكان، كان هناك تجمهر للناس وفريق البحث الجنائى، وجثمان الأب مسجى على الأرض، السائق احتضن نجل المجنى عليه، وأجهش بالبكاء، وقال له: «شدّ حيلك انت راجل»، مصابًا بـ8 طعنات بالرقبة والظهر والبطن، هكذا عثر «ضياء» على جثة أبيه، ليبدأ تفكيره في مصير الأسرة: «عندى أختان إحداهما مخطوبة، والثانية نُعدها للزواج، وشقيقى الأصغر طالب في أولى إعدادي».
وأحمد علي، خطيب ابنة المجنى عليه، توجه إلى مقهى قال له حماه إنه يجلس عليه، سأل العاملين وصاحب عربة كبدة: «ألم تروا عمى باسم؟»، جميعهم أفاد: «حضر وأكل وشرب شايًا مع شاب عشرينى، لكننا لم نعرفه».
كاميرات المراقبة لم ترصد وجه الجالس مع سائق الـ«توك توك»، المجنى عليه، يقول «أحمد»: «كان يتفادى الجلوس تجاه الكاميرا.. كل شىء كان مُدبرًا بعناية.. واتضح فيما بعد أن مَن أكل مع حماى في طبق واحد أحد المتهمين».
«الحاجة دليلة»، والدة المجنى عليه، عاشت أسبوعًا تصفه بـ«الكابوس» لحين ضبط المتهمين الشقيقين اللذين يعملان بمصنع حلوى، وضبط والدهما الذي عاونهما على الهروب إلى مسقط رأسيهما في المنيا.
عقب ضبط المتهمين بقتل نجلها، خرجت إلى شرفة شقتها وصرخت: «أزغرد يا (باسم) حقك جه؟!.. نام وارتاح، خانوا أكل العيش والملح وقتلوك علشان يسرقوك يا ضنايا»، ثم أُغشى عليها، متابعة: «زوجى لما مات بعنا مصنع الحلوى، لكننى وابنى كنا نعمل لدى المشترى الجديد خلال المواسم.. والشقيقان المتهمان نعرفهما ويعرفاننا».
«تشرب شاى يا باسم.. نجيب لك أكل يا حاجة أم باسم؟».. تصف والدة المجنى عليه معاملة المتهمين الشقيقين (أشرف) و(عمرو) لهما بـ«الجيدة»، لكن بقلب أم، قالت- عقب العثور على جثة نجلها: «لما ابنى لقوا جثته.. قلت الجناة لا يمكن إلا أن يكونوا من العاملين بالمصنع».
كلمات الحزن والحسرة والألم خرجت من فم الأم: «(باسم) كان يودعنى، حضر إلى منزلى، قبل قتله بيومين، وقلت له: ربنا يستر طريقك وقلبى راضٍ عنك.. ابنى كان الأَحَنّ من بين أشقائه، تَحَمّل مشقة تزويج شقيقتيه عقب وفاة أبيه.. جنازته ظنها الناس زفافًا».
أرملة المجنى عليه تعاود حديثها، وبكلمات تسبقها الدموع، رَوَت أن زوجها اشترى الـ«توك توك» بالتقسيط، بعدما أنهى عمله بأحد المطاعم: «المرتب لم يكفِ لتجهيز البنتين للزواج»، ثم تضيف في أسى: «(باسم) عاش لأجلنا ومات لأجلنا».
جيران المجنى عليه أثنوا على أخلاقه، وأكدوا شهرته بـ«الجوكر» لأنه كان يعمل، وعمره 6 سنوات، بمكتبة أدوات مدرسية تحمل الاسم ذاته، وتركها بعد زواجه، ويصفون أخلاقه: «كان آية تمشى على الأرض»، ويقولون: «جنازته أُعدت وكأنها لشخص ذى رتبة كبيرة، وعزاؤه كان يفيض بالمُعَزِّين».
فيما قال المتهم الأول، خلال التحقيقات: «قتلت الضحية لكى أُكوِّن نفسى، والدنيا كانت صعبة، وعايزين أي فلوس لأجل الزواج، قمت باستدراج الضحية أنا وشقيقى، وبالفعل ركبنا مع المجنى عليه التوك توك الساعة 3 الفجر، وقتلناه، ورمينا جثته في الشارع، وأخذنا التوك توك إلى والدنا الذي ساعدنا على الهرب، مستقلين سيارة ربع نقل، إلى المنيا»، وأكد المتهم الثانى ما جاء على لسان الأول، كما أقر والدهما بمساعدتهما على الهرب.