أكد المفكر الكبير الدكتور جلال أمين أن الحديث عن الدستور المصرى الجديد ليس مهما لأن مصر لم تحترم دساتيرها السابقة، موضحا أنه غير مقتنع بفكرة المجلس الاستشارى الذى يدخل ضمن القرارات المسكنة التى تم اتخاذها لتهدئة الناس.
وقال الدكتور جلال أمين فى حواره لـ«المصرى اليوم» إن أجندة المجلس العسكرى مختلفة تماما عن مطالب الثوار باستثناء الاتفاق على «خلع» مبارك، مشيراً إلى أن متخذى القرار فى مصر حاليا ليسوا ممن يظهرون فى الصورة.
وإلى نص الحوار..
■ ذكرت فى أحد مقالاتك أنه من غير المنطقى أن نرفع مطالبنا للمجلس العسكرى، كيف ذلك وهو يمثل السلطة الحاكمة؟
- المجلس العسكرى لديه أجندة مختلفة عن أجندة الثوار، وعلى كل شخص أن يفسر طبيعة هذه الأجندة حسب هواه، لكن الناس لا تريد تصديق ذلك وظلوا يرفعون مطالبهم للمجلس العسكرى ظنا منهم أنه سيستجيب لمطالبهم.
■ ولكن المجلس العسكرى استجاب للعديد من مطالب الثوار؟
- لأنه من الطبيعى أن تتفق بعض مطالب الثوار مع أجندة المجلس العسكرى فتنفذ، أما ما لا يتفق معها فلن ينفذ.
■ وما الذى اتفق من مطالبهم مع أجندة المجلس العسكرى؟
- خلع مبارك.
■ إذن، أنت ضد فكرة أن أخطاء المجلس العسكرى سببها قلة خبرته بالشأن السياسى؟
- غير صحيح أن كل هذه الأخطاء ناتجة عن قلة الخبرة، فضباط ثورة 23 يوليو كانوا أقل خبرة من الضباط الحاليين وأصغر منهم سنا، ومع ذلك أصدروا قرارات مهمة تتفق مع آمال الناس، منها إعلان الجمهورية وقانون الإصلاح الزراعى وإلغاء الألقاب، وعلى أى حال فالحق بيّن والباطل بيّن، والقرارات الصائبة فى مثل الوضع الذى نعيشه لا تحتاج إلى خبرة كبيرة.
■ ولماذا يقال إن الجيش حمى الثورة؟
- الأمران لا يتعارضان، فلو كان الجيش أخذ موقفا سلبيا كان سيتم ضرب الثوار، فبهذا المعنى هو الذى حمى الثورة، خاصة أنه كان يريد نفس النتيجة، وهى خلع مبارك.
■ وهل كان ضرب المتظاهرين وقنص العيون مجرد تصرفات فردية من بعض الضباط أم بناء على أوامر عليا؟
- هناك أوامر بالعنف أحيانا وأوامر أخرى باللين على حسب كل حالة، والمدهش أن الشباب يتصرف طبقا للقانون فليس هناك ما يحرم المظاهرات والاعتصامات السلمية ولكن السلطة الحاكمة هى التى تخرق القانون.
■ ما رأيك فى تفسير البعض للعنف بأنه رد فعل أسد جريح بسبب النقد والسباب الذى تعرض له المجلس العسكرى؟
- لا أقبل هذا التفسير، ففى السياسة لا توجد أسود جريحة، إضافة إلى أننى أعتقد أن من يتخذ القرارات رجل هادئ ويملك زمام نفسه وليس من النوع الذى يقول «إنهم يسبوننا فى التحرير فلنضربهم»، فأى شخص لديه سلطة كبيرة تجعله الظروف يتصرف بذكاء، ولكنه قد يكون ذكاء شريرا فمثلا الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش الابن لم يكن ذكيا باعتراف الجميع ولكنه لم يكن متخذ القرار بل كان هناك من يفكرون له ويتخذون القرارات.
■ ومن يتخذ القرار للمجلس العسكرى؟
- متخذو القرار فى مصر حاليا ليسوا ممن يظهرون فى الصورة.
■ هل هم رجال أعمال أم عسكريون؟
- ربما يكون هناك تعاون بين مجموعة من هؤلاء وهؤلاء.
■ إذا كانوا بهذا الذكاء، لماذا نواجه حاليا كل هذه الأزمات؟
- ربما يكون ذلك هو المطلوب، هل تتذكرين كلمة كوندوليزا رايس عن الفوضى الخلاقة، نحن حاليا فى الفوضى الخلاقة.
■ هل تعتقد أن المجلس العسكرى يفتعل بعض الأزمات لإلصاق التهم بالمتظاهرين؟
- المؤكد فى رأيى أن هناك اتهامات ظالمة توجه للمتظاهرين وهناك دلائل كثيرة على أنها اتهامات غير صحيحة.
■ من المسؤول عن حريق المجمع العلمى؟
- لا أتهم المجلس العسكرى، ولكن الأجهزة الأمنية المختلفة تهاونت فى حماية المجمع العلمى، وهذه مسؤولية كبيرة.
■ هل تراها مصادفة أن تتخذ مؤسسة القضاء قرارا أو تصدر حكما يهدئ من غضب الشارع عقب كل أزمة؟
- جزء من مؤسسة القضاء يأخذ أوامر من المجلس العسكرى وهذا مخيف ومؤسف، ولكنه ليس وليد اللحظة وإنما يعود إلى أواخر عهد عبدالناصر ومذبحة القضاء.
■ هل تتفق مع استمرار المظاهرات التى تطالب بسقوط حكم العسكر وتسليم السلطة للمدنيين بشكل فورى؟
- الأساليب التى أسقطت نظام مبارك ربما لا تنفع مع العسكر، فالأمر مختلف، وأنا مع الانتظار حتى نهاية المرحلة الثالثة من الانتخابات، وأؤيد إلغاء انتخابات مجلس الشورى لأنه عديم الفائدة وكلنا نعرف أن السادات أنشأه لوضع بعض المقربين والمحظوظين فيه وحتى تزداد حالة الدردشة التى ليست منها فائدة.
■ ما رأيك فى فكرة إنشاء المجلس الاستشارى كمحاولة للتواصل مع الشعب عن طريق النخب السياسية؟
- أنا غير مقتنع على الإطلاق بفكرة المجلس الاستشارى، وإن كان أمره مفهوما بالنسبة لى أكثر من إجراءات أخرى سابقة اتخذت ولم أفهمها، فقد اتضح لى الآن أن المجلس العسكرى كلما واجه ورطة بحث عن نصف حل، فاختيار عصام شرف لرئاسة الوزراء كان نصف حل، وكذلك اختيار كمال الجنزورى، ولذلك المجلس الاستشارى نصف حل، فالمجلس العسكرى لا يجد حلا للورطة ولكنه يتخذ قرارات مسكنة آملا فى تهدئة الناس ولو مؤقتا، وكذلك كان سبب إنشاء المجلس الاستشارى هو تهدئة الناس، من خلال ضم مجموعة من الوجوه الجيدة وأخرى محبوبة لدى الناس ومجموعة ثالثة «نص نص»، وهم يعرفون جيدا كل شخصية، ومن هو الشجاع و من يجد صعوبة فى قول لا، ولكن على ما يبدو فإن هذا المجلس لن يهدئ الناس كثيرا، لأن الشعب بدأ يفهم ويدرك اللعبة، ثم إن آراء كل هؤلاء معروفة ويطرحونها يوميا فى وسائل الإعلام المختلفة وليست غائبة عن المجلس العسكرى، فلماذا تم إنشاء مجلس استشارى؟ كان من الممكن أن يعطى للمجلس الاستشارى صلاحيات حقيقية ولكنه فى هذه الحالة لن يكون مجرد مجلس استشارى.
■ ما هى فى رأيك أسباب الفتنة الموجودة بين التيارات السياسية؟
- ما يحدث سببه تصرفات المجلس العسكرى.
■ ألا يقع على النخب السياسية أى خطأ؟
- من المؤكد أنهم أخطأوا ولكننى أجد لهم أعذارا، فهم محرومون منذ 60 عاما من أى نشاط سياسى، تماما مثل أهل الكهف الذين ناموا 300عام ثم استيقظوا مرة أخرى ليجدوا النور ساطعا، فلم يستطيعوا الرؤية، هناك أحزاب نسيت لماذا أنشئت من الأساس؟ ألم ينشأ حزب التجمع من أجل الفقراء والمبادئ الاشتراكية؟! ومع ذلك عقد صفقة مع النظام السابق، ألم ينشأ الوفد من أجل حماية المبادئ الليبرالية ومع ذلك تفاهم بعد الثورة مع الإخوان المسلمين؟ كذلك بعض الأشخاص المناضلين يصيبهم التعب بمرور الوقت، فهناك من كانوا شرفاء جدا، ومع الوقت شعروا بأنه لا نهاية للنضال، فقرروا «عمل قرشين للأولاد»، وهناك من قاموا بأدوار الشرفاء وهم ليسوا كذلك على الإطلاق، وآخرون كانوا دائما شرفاء وأمضوا عمرهم كذلك ولم يستطيعوا التحمل فانسحبوا من الحياة إما بالاختفاء أو الاكتئاب أو الوفاة.
■ هل تعتقد أن هناك صفقة بين الإسلاميين والمجلس العسكرى تقضى بأن البرلمان للإسلاميين والرئيس للعسكرى؟
- أفضل تسمية ذلك تفاهما، لأننا لا نعرف ما هو نوع العلاقة التى ستنشأ بين الطرفين فى المستقبل، ولكن بربط الأحداث ببعضها سنجد أن هناك تفاهما ما قد حدث، فمن سمح لعبود الزمر أن يصبح نجما فى الفضائيات وأن يروج لأفكاره؟ أنا سمعته وهو يبرر اشتراكه فى مؤامرة قتل الرئيس السادات قائلا: «مادام لم يكن هناك مخرج قانونى فعلينا أن نقتله»، هذا الكلام لا يجوز أن يسمح به حتى فى أكثر تليفزيونات العالم حرية، لذلك أعتبر أنه كان مقصودا كجزء من الفوضى المدبرة، بمعنى أن تخرج القوى السلفية من الجحور، وأن يسمح لهم بالدعاية لصالح الاستفتاء على الدستور بالادعاء بأن من سيقول لا «كافر»، كما أن الشرطة تركت الناس تقطع الطريق لرفضهم محافظا مسيحيا، وكانت تستطيع منعهم لكنها لم ترد، كل هذا جزء من مخطط الفوضى فضلا عن العديد من الممارسات التى كانت فى صالح التيارات الإسلامية.
■ لكن الناس صوتت لصالحهم فى الانتخابات، فماذا حدث للمصريين؟
- تغير المصريون خلال الأربعين عاما الماضية مع تردى الأحوال الاقتصادية وتدهور التعليم، والتفاوت فى الدخول، والظروف الاقتصادية التى منعت الشباب من الزواج، فما الذى نتوقعه من شعب هو أصلا متدين فى ظل كل هذه الظروف، ومع تليفزيون ترك له الحبل على الغارب؟ كلها أسباب أدت إلى المد الدينى، نعم تغير المصريون، وبعض هذه التغيرات جيدة وكثير منها سيئ، وعندما عشنا فترة ظاهرها الحرية خرج إلى السطح كل ما كان فى الباطن، وفى أى ثورة عقب إسقاط النظام تظهر الفوضى، ولكن كان على المجلس العسكرى الذى تسلم السلطة بموافقة الثوار أن يأخذ الأمور بحسم، وألا يترك الفوضى تجتاح البلاد، خاصة أن الناس ظلت لسنوات طويلة تعانى من الكبت، وأنا لا أنكر أن الناس صوتت للإسلاميين، ولكن الواقع يقول إن القانون يمنع استخدام الشعارات الدينية داخل اللجان وتأسيس الأحزاب على أساس دينى، ومع ذلك لم يطبق القانون.
■ بناء على التفاهم الذى أشرت إليه، هل تعتقد أن الرئيس المقبل سيكون من التيار الدينى أم مدنيا؟
- لا أستبعد تماما أن يأتى من التيار الدينى، وربما يكون مدنيا ولكن سيتم حشد الإخوان والإسلاميين خلفه للعمل على فوزه خاصة إذا كان حائزا رضا المجلس العسكرى أيضا.
■ هل كنت تتوقع تغير نتيجة الانتخابات لو كان المجلس العسكرى حاسما فى القرارات مع التيار الدينى؟
- كانت النسبة ستكون أقل إلى حد ما، ولكنهم كانوا سيحصلون على نسبة التصويت الأكبر فى جميع الأحوال.
■ ولكن البعض يقول إن مناوشات الإخوان بشأن حقهم فى تشكيل الحكومة كانت بداية الصدام مع المجلس العسكرى؟
- لن يحدث أى صدام بين المجلس العسكرى والإخوان وما يحدث هو مجرد مناوشات سياسية، فطالما هناك تفاهم لن يحدث صدام.
■ هل يقلقك ترك اللجنة التى ستضع الدستور لمجلس الشعب دون وضع معايير اختيار أعضائها؟
- أنا أجد صعوبة حتى فى حفظ المسمى «تشكيل لجنة لوضع معايير لتشكيل اللجنة التأسيسية للدستور»، «لجنة إيه ومعايير إيه؟» الحق واضح والباطل واضح، والمسألة لا تحتاج إلى لجان، اتخذ قرارا مرة واحدة و«خلصنا»، فدائما أضرب المثل بالدكتور نبيل العربى الذى أصلح العلاقات المصرية الخارجية فى ثلاثة أيام، ثم قالوا له شكرا اذهب إلى جامعة الدول العربية، فعندما تكون هناك إرادة سياسية ينتهى الأمر فورا.
■ ما توقعاتك لشكل الدستور القادم؟
- صياغة مواد الدستور ليست مهمة إلى هذه الدرجة، فالدستور لم يحترم قط فى مصر، ولا فى بلاد أخرى كثيرة نص فيها الدستور على الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، فلم تحترم لا الديمقراطية ولا حقوق الإنسان، فمثلا دستور 23 يضرب به المثل فى الجودة حيث وضعه «فطاحل» القانون الدستورى من أفضل ما فى الدستورين البلجيكى والفرنسى وقدموا دستورا بديعا ثم لم يكن للملك من عمل سوى الخروج على الدستور وإقالة الحكومات المنتخبة وتشكيل حكومات من الأقلية، وجاء صدقى باشا عام 30 فألغى الدستور، ومع ذلك يقولون إنها أفضل فترة ديمقراطية فى تاريخ مصر لأنها كانت «لعبة ظريفة وكان شكلها جميل»، والحقيقة أن 2% من الشعب وهم الإقطاعيون كانوا يحكمون مع القصر والإنجليز بينما وضع الدستور على «الرف»، وعلى الجانب الآخر عبد الناصر حكم مصر واتخذ قرارات مهمة وتلقاها الشعب بالترحيب دون دستور ودون ديمقراطية، فالدستور فى حد ذاته ليس مهما بقدر إرادة احترامه، أما أن تجمع الشعب المصرى بالكامل للنزول إلى الشارع والاستفتاء على 6 مواد أهم ما فيها هو عدم التوريث رغم أن هذا لم يعد ممكنا بقيام الثورة التى أسقطت النظام والتوريث فهذا يسمى ضحكا على العقول، وأتفهم حالة العرس التى عاشتها مصر أثناء الاستفتاء لأنها المرة الأولى التى ينزل فيها الناس ويدلون بأصواتهم، ولكنى لم أنزل ولم أشارك فى هذا الاستفتاء لأنى لم أجد معنى واضحا سواء لقول نعم أو لا.
■ بما أن الدستور ليس مهماً، إذن فإصلاح البلد يكمن فى الرئيس القادم؟
- لا يهمنى أن يكون الرئيس القادم مدنيا أو عسكريا، المهم أن يقوم بتنفيذ أجندة الثوار، فهذا هو العمل الوطنى فى هذه الفترة.
■ معنى هذا أنه ليس لديك مانع من ترشح المشير طنطاوى للرئاسة؟
- أظن أنه فى ظل تفاهم التيار الإسلامى والمجلس العسكرى، فإننى لا آمل خيرا لأنه ربما سنشهد رئيسا يحركه المجلس العسكرى من وراء ستار وكأن الثورة لم تقم.
■ وكيف ترى أداء الإعلام ما بين مفجر للثورة ومشعل للفتن؟
- فى رواية «أورويل 1984» التى كانت تتخيل العالم فى المستقبل تجدين أن البطل كان يكتب فى مذكراته قبل القبض عليه: «إننى لو استطعت أن أحتفظ ببضعة سنتيمترات من مخى حتى أتمسك بالاعتقاد بأن 2+2=4 فقد نجحت»، وهذا يعنى أن وسائل الخداع التى تسلط الآن على عقول الناس كثيرة وقوية، ومهمتنا ككتاب وإعلاميين الاحتفاظ للناس بعقولهم وإظهار الحقائق، فالناس مغيبة وتحاول وسائل الإعلام شغلهم بقضايا تافهة، خاصة من قبل الإعلام الرسمى، أما الإعلام الخاص فخداع الناس فيه يأتى عن طريق الإثارة لجلب الإعلانات.
■ وكيف ترى موقف الغرب مما يحدث فى مصر حاليا؟
- الغريب أننا نتناقش فى كل الأمور وكأن مصر أصبحت حرة مستقلة فى سياساتها الداخلية والخارجية وهذا غير صحيح، أمريكا كانت هى التى تتحكم فى سياسة مصر حتى 25 يناير، أما الآن فلا أعرف بالضبط لكنها ليست بعيدة عن المشهد ومن السذاجة أن نظن أن الغرب ليس له دور.
■ وكيف ترى الوضع الاقتصادى؟
- الوضع الاقتصادى سيئ ولكنه ليس خطيرا، والرعب المتعلق بتدهور الاقتصاد جزء من المخطط المنشود لأن الشخص المرعوب هو أسهل من تستطيع السيطرة عليه، ولاحظت أيضا أن الجنزورى فى بداية تصريحاته بدلا من أن يطمئن الناس قال إن الوضع الاقتصادى أسوأ مما توقعنا بكثير، فهل مثل هذا الترويع هو المطلوب الآن؟
■ أخيرا ما هو المخرج الآمن للشعب؟
- السلطة قل خوفها من الشعوب، ليس فى مصر فقط ولكن فى العالم المتقدم أيضا، لأن الدولة الحديثة توحشت، والمفكر الأمريكى المرموق ناعوم تشومسكى وصف النظام الديمقراطى الأمريكى ذات مرة بأنه أفضل نظام سياسى تستطيع شراءه بالنقود، ومن يقول إن العالم تسوده الآن موجة من الديمقراطية أرد عليه بأن العكس تماما هو الصحيح، ولن أقول موجة ديكتاتورية، لأن الذى حدث أفظع بكثير، فمثلا ثلثا الشعب البريطانى خرج للشارع معارضا دخول بريطانيا العراق، ومع ذلك دخلت، أتريدين استهزاء برغبات الناس أكثر من هذا؟! كما أن أجهزة المخابرات الأمريكية حاليا تستطيع معرفة كل كتاب يقرؤه المواطنون فى المكتبات العامة إذا أثيرت حوله أى شكوك، انظرى كيف يعاملون المواطنين فى المطارات من تفتيش قاس وتجريد للملابس، ثم يتكلمون عن ديمقراطية العالم المتقدم! هذه أكبر خدعة، فما بالك بنا نحن حديثى العهد بالحرية؟
أنا لم أفقد الأمل، فالإنسان فى النهاية هو الأقوى وقضية سميرة إبراهيم الفتاه الصعيدية التى وقف والدها مساندا لها، أظهرت أن مصر تغيرت رغم كل المصاعب التى مرت بها خلال الأربعين عاما الماضية، وأنا متفائل بالجيل الجديد الذى يبعث على الأمل، والطبقة الوسطى تغيرت وانفتحت على العالم وتخلت عن سلبيتها.