جنوب السودان بعد الاستقلال.. الجيش والعائلات المختلطة أبرز التحديات

كتب: خالد عمر عبد الحليم الأحد 10-07-2011 17:50


بعد استقلال دولة جنوب السودان عن الشمال، هناك العديد من الروابط الإنسانية والاقتصادية والسياسية التى تحتاج إلى بعض التعديلات لكى تتناسب مع الوضع الجديد باستقلال الجنوب.


ولعل أبرز تلك العناصر هى المتعلقة بوجود بعض العائلات الممتزجة ما بين الجنوب والشمال، حيث تتكون الأسرة من أب شمالى وأم جنوبية أو العكس. لذا قررت حكومة الجنوب أن تمنح جنسيتها لأى شخص يكون له أم أو أب جنوبى لحل تلك المسألة، خاصة مع وجود بعض العائلات التى تعيش فى الجنوب منذ فترة طويلة دون أن تحصل على جنسية الدولة الوليدة، التى غالباً ما يكون الأب فيها من الشمال والأم من الجنوب.


كما يحتاج الجنوب إلى أن يكون له «جيش موحد» بالمعنى الحديث، فى ظل وجود العديد من الفصائل المسلحة، يأتى على رأسها «الجيش الشعبى لتحرير السودان»، وبناء عليه قررت الدولة المستحدثة أن تقوم بعمل إجراءات لتعيين «لواءات» للجيش الجنوبى، بحيث يكونون النواة الأولى للجيش الذى ترغب الدولة فى أن يكون متماسكاً وصغيراً وقوياً، وفقا لما تؤكده حملات التليفزيون الجنوبى.


وتظهر هنا مشكلة وجود العديد من الأطفال فى الجيش الجنوبى، حيث يقومون بالقتال أو بتأمين الأماكن الحيوية، وتعهدت حكومة الجنوب بحل تلك المشكلة وبألا يكون هناك أطفال فى إطار الجيش المزمع إقامته بالكامل وأن يقتصر على العسكريين المحترفين، وذلك كأداة أولى لبناء الدولة الجنوبية الحديثة.


وتثار فى وسائل الإعلام الجنوبية هذه الأيام مسألة مقتل عدد من الأطفال المقاتلين خلال صدامات مع الجنوب حول منطقتى أبيى وجنوب كردفان، حيث كشفت وسيلة إعلام محلية عن مقتل 70 طفلا ممن يطلق عليهم محليا «الأطفال المظلومين» الذين يتم توجيههم للحرب فى سن مبكرة ثم يتركون للمخدرات والشوارع والقتال.


ويمكن تمييز تعدد الأزياء التى يرتديها المقاتلون فى جنوب السودان، فى إشارة إلى تعدد الجهات التابعين لها، كما يتصرف غالبيتهم بشكل عشوائى إلى حد بعيد خاصة فيما يتعلق بالإجراءات الأمنية لتأمين مختلف المنشآت فى المنطقة. ويقول وزير الإعلام، والمتحدث الرسمى باسم الحكومة الجنوبية، ماريال بنجامين لـ«المصرى اليوم» إن الحكومة أقرت برنامجا واسعا لكى تقلص من حجم حملة السلاح على أراضيها ولضمان أن تكون الدولة هى القوة الوحيدة التى تتمتع بمشروعية حمل السلاح، مضيفا أن هذا البرنامج انطلق بالفعل مع الإعلان عن إقامة الدولة الجنوبية، وموضحاً أن البرنامج سيكون طويل المدى.


ويقول رئيس مفوضية «الدمج» فى جنوب السودان ويليام دينج لـ«المصرى اليوم» إن سعى بلاده للحصول على جيش صغير ومحترف يعود بالأساس إلى الرغبة فى تقليل النفقات فى ظل ضعف الاقتصاد الجنوبى، مشيرا إلى أن هؤلاء الذين يخدمون فى القوات المسلحة سيعاد تأهيلهم بحيث يدخلون فى قوة الإنتاج للجنوب ويشكلون عنصر إضافة للاقتصاد لا عبئا عليه.


ويضيف دينج أن برنامج إعادة التأهيل هذا بدأ مع الإعلان عن اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب عام 2005، غير أنه سيتم تسريعه فى الفترة المقبلة مع الإعلان رسميا عن استقلال الجنوب، وهو ما يفرض تحديات جديدة على الدولة التى أعلنت استقلالها حديثا.


ويقول المحلل الجنوبى ميرديث بيانك إنه يجب أن تتعدد القبائل التى تشكل القوات المسلحة للدولة الوليدة بحيث تشكل وحدة واحدة معبرة عن جيش للدولة الوليدة وليس عن قبيلة بعينها أو حزب سياسى بعينه، مشيرا إلى أن غالبية المنتمين لـ«جيش تحرير السودان» من قبيلة «الدينكا»، وهو ما يثير مخاوف حول مستقبل الجيش السودانى الجنوبى الوطنى نفسه.


وفى شأن آخر، يقول بنجامين إن الدولة الجنوبية لن تترك أبناءها فى الشمال، مضيفاً أنه بمجرد إنشاء بعثة للتمثيل الدبلوماسى فى الخرطوم، فإنه سيكون فى صدارة مهامها القيام بالبحث عن الجنوبيين الذين يرغبون فى العودة إلى بلادهم ومنح من يرغبون منهم الجنسية الجنوبية، وتسهيل طرق العودة للأطفال الجنوبيين ممن هم بلا مأوى هناك.


وتبقى أيضاً قضايا عالقة مثل مشكلات النفط وإنتاجه حيث لم يتم التوافق مع الشمال حتى الآن على صيغة لاقتسام عائدات النفط الذى يكمن 75% من احتياطاته فى الجنوب، بينما تتركز جميع الأنابيب ومنشآت التكرير وموانئ التصدير فى الشمال، وأعلن وزير الدولة للطاقة دينينج جارانج أنه إذا لم يتم الاتفاق على سياسة محددة فى هذا الشأن فإن الدولة الجنوبية «الحبيسة» (أى التى لا تطل على أى بحار أو محيطات) ستضطر لتصدير إنتاجها من النفط عبر كينيا وليس السودان الشمالى.