فى فبراير من العام الماضى، صدر القانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن قانون الأشخاص ذوى الإعاقة، ونصت المادة الأولى منه على أنه: «يعمل بأحكام هذا القانون المرفق فى شأن حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام، وتسرى أحكامه على ذوى الإعاقة والأقزام من الأجانب المقيمين بشرط المعاملة بالمثل».
لكن اللائحة التنفيذية للقانون لم تذكر كيفية تنفيذ هذه المادة، ولم تذكر ما هى الخدمات المقدمة للمقيمين الأجانب فى مصر على اختلاف أنواع الإقامة سواء طالبى لجوء أو لاجئين أو مهاجرين، بالتالى لم يتمكنوا من إصدار شهادات إعاقة تمكنهم من الحصول على الخدمات الأساسية.
فى عام 2013 جاءت «ملك» مع والديها وأخواتها من سوريا بعد تصاعد الأحداث فى ريف دمشق وتحديدا فى مدينة سقبا السورية، جاءت ابنة الـ15 عاما إلى مصر أملا فى بداية جديدة بعد ما عانته من أحداث الحرب الدائرة فى بلادها.
«ملك» فتاة من ذوى الإعاقة، عانت من نقص الأكسجين أثناء الولادة الذى سبب لها إعاقة حركية مزمنة، وفرت لها أسرتها الكثير من الدعم أثناء تواجدها فى سوريا، وتم إلحاقها بمراكز إعادة تأهيل ومدرسة لتلقى تعليمها بالإضافة للرعاية الطبية المنتظمة، حتى أصبحت تتمكن من الحركة والقيام ببعض المهام بشكل جيد، وتنامت قدرتها على الحديث، إلا أنها منذ وصولها إلى مصر لم تتمكن من الالتحاق بمراكز تأهيل أو مدرسة، بسبب عدم تخصيص أى خدمات لذوى الإعاقة من اللاجئين أو طالبى اللجوء المقيمين فى مصر من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وفق ما قالت والدتها.رعائلة «ملك» تقيم فى مصر حاليًا كطالبى لجوء، ومسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولدى المفوضية علم بطبيعة حالة ملك، إلا أنها لم تحصل على أى خدمات خاصة أو مركز تأهيل يناسب حالتها.
وأوضحت والدة ملك، لـ«المصرى اليوم»، أن ابنتها تحتاج لمتابعة صحية دائمة ومركز تأهيل نظرا لحالتها، وهو ما لم توفره المفوضية، مردفة: «عملولنا راتب شهرى وسلة غذائية فقط، بعد 3 سنوات من التواجد فى مصر، لكن ليس لديهم أى خدمات إضافية لذوى الإعاقة».
كانت ملك مسجلة فى إحدى مدارس الدمج بسوريا، وعندما جاءت إلى مصر حاولت أسرتها تسجيلها فى إحدى المدارس بمدينة نصر بالقاهرة، إلا أن طلبهم قوبل بالرفض من قبل إدارات المدارس الحكومية والخاصة، وعلقت والدتها على ذلك قائلة: «حاولت تسجيلها فى المدرسة سواء الحكومية أو الخاصة ولم تقبلها أى مدرسة، نصحونى أسجلها فى مدارس التربية الفكرية لكننى خفت».
رغم صدور قرار من وزارة التربية والتعليم عام 2013، بمعاملة الطالب السورى معاملة الطالب المصرى، بالإضافة لصدور قرار بأن جميع المدارس الحكومية تعتبر مدارس دمج وتقبل الطلاب من ذوى الإعاقة وفقًا لشروط محددة، إلا أن جميع المدارس المتاحة رفضت تسجيلها سواء مدارس خاصة أو حكومية، واضطرت والدتها أن تلجأ لمدرّسة خصوصية لتعليم ابنتها حتى قيدتها فى مركز التأهيل. يذكر أن ذوى الإعاقة المصريين يحصلون على شهادات تأهيل صادرة من وزارة التضامن الاجتماعى، وبموجبها يتمكنون من الحصول على عدد من الخدمات، وصال شحود، سورية مقيمة فى مصر منذ 2012، كطالبة، وهى من أصحاب الإعاقة الحركية، ولديها كارت إعاقة صادر من سوريا، منذ أن وصلت إلى مصر تواصلت مع عدد من المراكز المعنية بالأشخاص ذوى الإعاقة ولكن لم تتمكن من العمل بهذا المجال، بسبب صعوبة تشغيل اللاجئين أو المقيمين، حاولت تأسيس جمعية معنية بالأشخاص ذوى الإعاقة وتأهيلهم خاصة من أبناء سوريا والجنسيات الأجنبية الأخرى المقيمة بمصر ولكن لم تتمكن، منذ صدور قانون الإعاقة، خاصة المادة التى تعطى للأجنبى المقيم بمصر الحق فى المعاملة مثل المصرى، بحثت عن عمل لكن لم تستطع بسبب عدم تمكنها من إصدار أوراق الإعاقة المصرية.
وقالت «وصال» إن الإتاحة والرعاية الطبية من أكثر المشكلات التى يقابلها المهاجرون وطالبو اللجوء من ذوى الإعاقة فى مصر، موضحة أن المفوضية لا تعطى أى اهتمام بذوى الإعاقة.
وعن الأوراق الرسمية أوضحت أنها تحمل أوراقا رسمية سورية تفيد بأنها من الأشخاص ذوى الإعاقة ولكن لم يتم الاعتراف بهذه الأوراق فى الجهات الرسمية الحكومية، حتى المفوضية لم تضع أى استثناءات أو توصيف لـ«ذوى إعاقة» فى بطاقات طالب اللجوء يمكن من خلالها الحصول على خدمات، وبالتالى فإنه حال تفعيل هذا القرار سنتمكن من معرفة ما هى حقوق وواجبات ذوى الإعاقة الأجانب فى مصر: «إحنا نقدر نخدم نفسنا لكن محتاجين لوسائل إتاحة وعمل وفى حالة تفعيل هذا القرار لن نكون عبئا على أى حد».
محمد أمير، أحد المهاجرين إلى مصر من السودان- من ذوى الإعاقة السمعية- أتم تعليمه الجامعى، وحصل على عدد من الشهادات المختلفة فى مجالات تتعلق بعلوم الحاسب الآلى، بحث عن فرصة عمل مناسبة فترة طويلة فى السودان ولم يجد، وقرر المجىء لمصر والإقامة فيها، وبالفعل حصل على إقامة داخل مصر وبدأت رحلة البحث عن فرصة عمل مناسبة، وتزامنت رحلته مع إصدار قانون الإعاقة، إلا أنه لم يتمكن من استصدار أوراق تثبت إعاقته وتمكنه من العمل.
وقال محمد مختار، عضو مجلس إدارة جمعية «حقى» للأشخاص ذوى الإعاقة، إن قانون الأشخاص ذوى الإعاقة الصادر فى فبراير 2018، لم يحدد فى لائحته التنفيذية تفسير ما هو شرط المعاملة بالمثل، وما هى الجنسيات المسموح لها بالمعاملة بالمثل وما هى الجهات المنوط بها توضيح آليات تنفيذ هذه المادة، وهل وزارة التضامن هى المسؤول عن تحديد الخدمات المخصصة لهم ونوع الإقامة المسموح لها بهذه الخدمات.
وأضاف أن وزارة التضامن الاجتماعى بصدد إصدار بطاقة خدمات متكاملة للأشخاص ذوى الإعاقة، وهى المستند الوحيد المعتمد لذوى الإعاقة فى مصر، وبالتالى هل للأجانب من ذوى الإعاقة الحق فى هذه البطاقة أم لا، وهل لهم نفس الخدمات مثل الخدمات الخاصة بذوى الإعاقة المصرية؟.
وأوضح مصدر بوزارة التضامن الاجتماعى أن هذه المادة يتم وضعها فى جميع القوانين، لأن الأجانب المقيمين فى مصر لديهم حقوق يكفلها القانون والدستور وفق اتفاقيات المعاملة بالمثل التى أبرمتها مصر مع الدول الأخرى، فتتم إتاحة الحقوق للأجانب أيًا كان نوع الإقامة سواء طالبى لجوء أو لاجئين أو مهاجرين وفق الحقوق التى توفرها بلاد هؤلاء الأجانب للمصريين فيها.