جسر الأمل

كتب: أحلام علاوي الخميس 12-09-2019 01:16

«نفسى حد يسمعنى».. فى ظل زخم الحياة الذى نعيش فيه، وتزاحم الضغوط التى جعلت كلاً منا يعتزل الآخر خوفا من أن يلقى بهمومه على كتفيه، فيزيد من رصيد همومه.. أصبح أقصى أمانى مَن لديه مشكلة أن يجد من يسمعه. وهذه الصفحة «مساحة فضفضة حرة»، عبّر فيها عن همومك.. آلامك.. أحلامك.. وستجد من يستمع إليك، ويساندك. وتأكد أنك لست وحدك. تابعونا أسبوعيا فى «المصرى اليوم» على نسختها الـ«pdf».

ألم وقلم: إلى كل فتاة.. لا تنخدعى بحلاوة اللسانجسر الأمل

عزيزتى المحررة:

أنا امرأة يا بنتى فى منتصف العقد السابع من العمر. منذ صغرى وأنا متحملة مسؤولية تربية إخوتى، بعد وفاة أبى وأمى. لم يكن لدينا سوى معاش أبى الذى لم يكن يكفينا كراتب وهو على قيد الحياة، فكان يعمل عملا إضافيا بجانبه. وأمى لا تعمل. وشاء الله أن يتوفاهما سويا فى حادث. وكنت أنا أكبر إخوتى. خرجت من التعليم لأبحث عن عمل يمكننى من تكملة المشوار مع إخوتى. وبالفعل الحمد لله اشتريت ماكينة خياطة وبدأت العمل عليها من المنزل، لأتمكن من مراعاة إخوتى. ثم ما إن لبثوا يعتمدون على أنفسهم، قررت السفر إلى إحدى الدول العربية، لأحسن من دخلنا، وحتى أؤسس لعمل إخوتى بعد تخرجهم، يعينهم على بدء حياتهم. فقد كنا خمسة إخوة ثلاثة أولاد وبنتان. وبالفعل سافرت، ولحق بى إخوتى. ثم قررت الرجوع والاستقرار فى مصر، وتزويج إخوتى البنات، وبعد أن اطمأننت على الجميع تزوجت أنا أيضا. وكان زوجا طيبا، رزقنى منه الله بأربعة أبناء. ثلاثة أولاد وبنت. توفاه الله وهم صغار، وتوليت تربيتهم بمفردى. وكأن الله اصطفانى للتربية والمسؤولية. حتى جاء موضوع زواج ابنتى الوحيدة، وأصابنى بسببه كل الأمراض. فابنتى هى أصغر إخوتها، لك يا ابنتى أن تتخيلى كم الرفاهية التى كانت تعيش فيه. فكانت مدللة من الجميع. فهى أصغر ابنة فى العائلة كلها، حتى أصغر من أحفادى. كما أن أشقاءها الذكور كانوا يحبونها جدا، وأنا كنت متعلقة بها جدا ومازلت بالطبع، خاصة بعد وفاة والدها وهى ما زالت طفلة رضيعة. فكنت طوال الوقت أحاول أن أعوضها ذلك. كبرت ابنتى وتخرجت فى كلية تجارة وإدارة أعمال، شعبة تجارة خارجية. عمرها الآن 29 عاما. طرق شخص بابنا طالبا يدها للزواج. ولم يكن الأول، لكن سبقه الكثير. فليس لأنها ابنتى سأشهد بأدبها وجمالها، لكن الكل يشهد لها بذلك. لكنه النصيب. فهو مهندس ولديه شقة وكل الإمكانيات بها جاهزة، حيث اعتاد السفر إلى إحدى الدول العربية منذ تخرجه. وهو يكبرها بخمس سنوات. وذو هيئة ووجه حسن. ولديه لباقة الحديث، بل لديه كاريزما تجعلك تنجذب إليه، من أول وهلة. لم يدع لنا فرصة نسأل عليه. فقد كانت لديه ردود جاهزة ومريحة ومقنعة لكل أسئلتنا. وكان يريد إتمام الزواج حتى يتمكن من ترتيب حياته الجديدة. أقصد من حيث ترتيب إجازاته بمصر، وإمكانية السعى فى تجهيز اصطحاب الزوجة معه. الحقيقة لم يدع لنا مجالًا للشك فيه، ولكن الحقيقة كان إخوتها يشعرون بعدم الارتياح، لكن لا يعلمون السبب. سألوا عليه، ولكن فى نطاق ضيق، لأنه ليس من نفس البلدة التى نقيم فيها. فسألوا وفقا للبيانات التى أعطاها لنا. وكانت النتيجة إيجابية. وسألنا ابنتى، فأجابت «اللى تشوفوه» بما يعنى الموافقة الضمنية. وبالفعل أتممنا الخطبة التى استمرت شهرين فقط، بناء على طلبه. حيث كانت مدة إجازته. تم الزواج ولا أنكر أن ابنتى كانت سعيدة معه، والحياة تمضى بينهما كأى زوجين، خلافات بسيطة، وسرعان ما يعود الوئام بينهما. لم يستطع اصطحابها معه فى أول سنة. وتعتبر تلك هى السنة التى عاشتها ابنتى معه فى هدوء وسعادة من سبع سنوات مدة زواجه منها. ربما كان يعمل حسابا لإخوتها والعائلة. لكن منذ وطئت قدمها الدولة التى يعمل بها، حتى بدأت الأحزان تعرف طريقها. بدأت تعتريه بعض التصرفات الغريبة. منها العصبية على أتفه الأمور. يمنعها من الاتصال بنا. يمنع عنها مصروف البيت. وسرق ذهبها وباعه دون علمها. وفى يوم بترتب دولابه، لقيت أقراص مخدرة، والأخطر لقيت شهادات من مستشفى ومصحات نفسية بأنه مريض نفسى. فواجهته بذلك، فهاج وثار وطاح فيها ضربا باليمين واليسار، حتى استغاثت بالجيران، الذين خلصوها من بين يديه، والدم ينزف منها. وبعد مهاترات بينهما لجأت إلى السفارة وتم تطليقها، وأخذت عليه وصل أمانة بكل مستحقاتها، ونزلت إلى مصر. لم نصدق أعيننا عندما رأيناها، فقد أصبحت هيكل عظمى، وذبلت واختفت البسمة من حياتها. وقررت أنا وإخوتها مساعدتها للخروج من تلك الحالة بشتى الطرق. وكنا حريصين على عدم فتح أى نقاش أو حتى استفسار عما حدث، سوى إيصال الأمانة الذى رفعنا به دعوى قضائية لنتمكن من أخذ حقوقها.. ومر عام على هذا النحو، حتى فوجئنا بطليقها هذا يطرق بابنا للمرة الثانية. وحمدت الله على أن إخوتها لم يكونوا بالبيت حينها، وإلا وقع ما لا تحمد عقباه. وظل يبكى على الباب، رافضا الانصراف إلا بعد رؤية ابنتى. ويعتذر بأسًى وندم عن كل ما ارتكبه فى حقها. وأنه نادم على كل شىء، ولم يستطع العيش بدونها. وبعد محاولات منى بأن ينصرف قبل مجىء إخوتها، مشى وللأسف ظل على هذا الحال، ويرسل لنا أناسا من كل حدب وصوب للصلح. حتى مالت ابنتى وضعفت واستجابت لدموعه، قبل كلامه. لكن إخوتها حذروها بمقاطعتها إذا رجعت إليه، بل تنسى أن لها إخوة من الأصل. فلجأت لأعمامها وأخوالها، وكان موقفهم الرفض. لكنها بكت لى، فوافقتها للأسف. وذهبت معها بمفردى إلى المأذون، للعودة إليه.. للأسف؛ فقد خسرت كل حقوقها الماضية، التى كانت فى يدها وصدر لها حكم قضائى بها. وتلك المرة كان شرطنا عدم السفر معه، وبقاءها فى مصر، ويأتى إليها فى كل إجازة. وبالفعل حدث هذا، ومرت الأيام أهدأ من ذى قبل. وحتى عندما كان يتجاوز معها، كان يعود ويبكى على يديها، بل يقبل قدميها طالبا منها ألا تتركه، فهو يحبها. وحملت ابنتى ورزقها الله بطفل جميل. لكن للأسف لم يغير هذا شيئا من أبيه. فما زال مدمنا، وتطاول عليها بالضرب مرات ومرات. فتركت له البيت غاضبة، وعندما عادت من نفسها دون أن يفكر أن يصالحها، فوجئت بأنه سافر، وباع الشقة بما فيها. وعادت إلىّ خاوية الوفاض، إلا بطفل عمره 7 سنوات. وهو الآن يرفض الطلاق، إلا عندما تبرئه من كل حقوقها، فلجأنا للقضاء ورفعنا دعوى طلاق للضرر.

«ف. ع»- الشرقية

المحررة:

أيتها الأم الفاضلة.. جزاكِ الله خير الجزاء عما قدمته لإخوتك.. فأنت حقا نعم الأخت والزوجة والأم. وكل ما فعلته من خير فى حياتك، سينفع به الله ابنتك بإذن الله. وسيكون فى عونها، ويعوضها خيرا بإذن الله عن كل هم أصابها من هذا الزوج المدعى الأفاق. وكم حزنت لما أصاب ابنتك. فهى من المؤكد ابنة كريمة الخلق مثلك. وأما هو فمرضه لا يبرر له فعلته، لأنها وقفت بجانبه وحاولت أن تساعده على الشفاء لكنه أبى. وكانت الفرصة سانحة أمامها للتخلص منه نهائيا، لكنها عادت وضعفت وصدقت بكاءه وكلامه المعسول، ووعوده الكاذبة. لأنه كان يكن لها الغدر بها. فكان كل همه هو الحصول على إيصال الأمانة، وحرمانها من كافة حقوقها، كما فعل فى المرة الثانية. وهذا الخطأ الذى تكرر منكم للمرة الثانية، وهو تصديقه، دون إعطاء أنفسكم فترة كافية للسؤال عنه جيدا. ولكن لا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب. فعليك أيتها الأم الفاضلة التقريب بين إخوتها وبينها، وأن تطلبى منهم أن ينهوا قطيعتهم لها، فلا مبرر ولا معنى لها فى ظروفها الحالية. فما أحوجها إليهم الآن. وبإذن الله سينتصر لها القضاء وتحصل على جميع حقوقها. وساعديها على ذلك، فكفاها تنازلا. وساعديها أيضا على إيجاد فرصة عمل، لتعيد بها ثقتها لنفسها، وتتمكن من تربية ابنها. ولا تحزنى لأن الله رزقها بطفل منه. فهذا هو الخير الوحيد الذى نالته من تلك الزيجة. وبمرور الوقت سيشتد عضدها بدعمك لها أنت وإخوتها، وستتجاوز المحنة حتى وإن طالت بعض الشىء. وبإذن الله سيرزقها بزوج كريم وصالح يعوضها وابنها خيرا.

نصيحة تهمك: التربية ليست طعاماً فقطجسر الأمل

تستطيع كل أم أن تميز بسهولة احتياجات طفلها البيولوجية من مأكل ومشرب وغيرها، ولكن كيف يمكنها قراءة احتياجاته النفسية وما يدور داخله من خوف أو قلق أو غضب وكلها أشياء تشكل نموه النفسى الذى لا يقل أهمية عن نموه الجسدى؟ وعلى عكس ما يعتقد الكثير منا فإن إدراك الطفل للمشاعر يتكون منذ خلقه جنيناً فى رحم أمه فهو يشعر بالقبول أو الرفض، ويتأثر بكليهما. وما إن يصل إلى العالم وليدا صغيراً فإنه يبدأ بالتطور الجسدى والذهنى، وأيضاً النفسى ويستقى كل ما نرويه إياه من حب واهتمام ورعاية أو كراهية وإهمال ونفور. فشخصية الطفل النفسية هى مسؤولية كل المحيطين به. بداية من الأب والأم والإخوة وحتى الأقارب والمعلمين. كلها عوامل تشكل المناخ النفسى له. وأى خلل فيها قد يظهر فى صورة اضطرابات سلوكية، وضعف فى الشخصية أو تبول لا إرادى ونوبات من البكاء والفزع، أو ضعف فى التحصيل الدراسى وتكوين الصداقات، وغيرها أضرار لا تحصى كان يمكننا تجنبها من البداية. فالطفل الذى يرى العنف بين والديه، لا نتوقع منه أن ينمو صحيح النفس. وذلك الذى يشعر بنفور من حوله منه لا يمكن أن ينشأ متقبلاً لذاته. وإذا كنا لا نفسح لأبنائنا مجالا للتحدث عن مشاعرهم واحتياجاتهم، لن يكونوا قادرين على تكوين علاقات اجتماعية سوية. فلنتفق معاً على توفير الحب والاهتمام لكل طفل لينمو صحيح الجسد والنفس.

رضا أحمد حسن - إخصائية التخاطب وتنمية المهارات

لحظة من فضلك: صديق العائلة.. هل مازال موجودا؟ وهل لوجوده ضرورة الآن؟جسر الأمل

اعتدنا قديما، أن صديق العائلة، هو مصطلح يطلق على أحد المقربين إلى العائلة، نال ثقتها لدرجة السماح له بالدخول إلى المنزل والاطلاع على خصوصيته، دون توجس منه. ولكن كل ذلك بعد أن تنشأ بينهما ثقة واحترام مبنيان على الصدق وحفظ الأسرار. وقد يكون طبيب أو محامى العائلة، أو أحد الجيران، أو حتى أفراد العائلة من الأعمام، أو ما إلى ذلك. وكان لابد أن يتوفر به بعض الشروط التى ينفرد بها عن غيره، مثل سمعته وعائلته الطيبة والتمتع بثقافة متقاربة واحترام قوانين الأسرة ومراعاة حرمة المنزل، وتقديم العون عند الحاجة. فهل هذا الصديق ما زال موجودا الآن، وهل لوجوده الآن ضرورة، خاصة فى ظل تعدد وسائل المشورة، سواء إعلامية أو دينية؟

«هالة» أعتقد أن قبول صديق للعائلة فى حد ذاته ليس مرفوضًا بشكل عام، ولكن هو مرتبة خاصة جدًا تعتمد على مواصفات دقيقة، لكى يصل لذلك المُسمى. والذى يُحمله الكثير من الواجبات تجاه العائلة التى يكون لها صديق. فالمسمى هنا ينطبق على صديق أو صديقة. ويعطى نفس المسؤولية، فمن شروط صديق أو صديقة العائلة أن يكون السند وقت الضيق، ويكون مُلما بكل تفاصيل حياة الأسرة ويكون هناك ثقة متبادلة وأمين على هذه العلاقة والحفاظ عليها لأقصى درجة، وهذا ما كان يحدث قديمًا أيام الزمن الجميل، حيث كان الصديق هو الدرع الواقى للعائلة. من الجائز أن يُكون هذا الصديق للعائلة مرفوض شرعا. ففى بعض الأحيان إذا كان الصديق غير مؤهل لذلك فهنا يجب علينا رفض ذلك، لأن من الممكن أن يكون تواجده هو فى حد ذاته يُشكل خطرًا. ولنا أمثلة كثيرة فى الوقت الراهن، نراها يوميًا سواء على صفحات الجرائد، أو على الفضائيات، أحدهما يتودد للأسرة حتى اخترق خصوصيتها واستغلها، وآخر قتل زوج طمعًا فى زوجته، وصديقة تقربت للدرجة التى جعلتها تقتنص زوج صديقتها لتتزوجه هى. لذا يجب أن نضع الأمور فى نصابها الصحيح. فلقب صديق العائلة فى الوقت الراهن أرى مواصفاته صعبة بسبب تغير المجتمع إلا إذا توافرت هذه الضمانات والشروط التى تجعله يفوز بهذه المرتبة.

أما «مروة» فترى أن صديق العائلة مازال موجودا، ولوجوده ضرورة. قائلة: هو فعلا صديق العائلة عندنا وهو صاحب زوجى من ابتدائى. ونتبادل الزيارات باستمرار وأصبحنا أنا وزوجته أصدقاء.

«أحمد» يرفض هذا الصديق، لأنه يرى أنه ليس إلا مجرد شخص يطلع على أسرار الأسرة وينتهك خصوصية أفرادها. وهو كرب أسرة مسؤول عن حماية أسرته.

«على» ولم لا؟ ولكن لابد أن يكون هناك توافق بين الأسرتين وليس فردا واحدا فقط. بمعنى أنه عند حدوث تنافر بين أحد أفرادها من الآخر، فلا يصح أن يكون هناك اختلاط. بل يكتفى الزوج بالصداقة خارج محيط الأسرة، حفاظا على لم شمل أسرته.

ويؤكد «حازم 21 عاما» على أن علاقته الطويلة بصديق عمره، جعلته يعقد علاقة صداقة مع أفراد أسرته، بالأخص والده الذى يعشق الأجواء الشبابية ويشاركهم الأحاديث. وينوى أن تمتد تلك الصداقة لأبنائهما عندما يكونان أسرة.

ويقول «سامح 65 عاما» فى شبابى كنت كثيراً ما أجد نفسى بحاجة إلى شخص أكبر منى وذى خبرة فى الحياة، لأعبر عن مشاعرى، فأذهب إلى والد صديقى ليخفف عنى، ويقص لى تجاربه التى مرّ بها، وهو فى سنى، وأستخلص العبرة منها كى أستفيد. لكن بعد وفاته، لم أجد شخصا فى خبرته ولا أمانته، يصلح صديقا لعائلتى.

د. إنشاد عزالدين، أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية. صديق العائلة أحيانا كان طبيب العائلة، وأحيانا أخرى يكون ابن عم الأب، أو جاره. لا يأخذ قرارا إلا بالرجوع لمشورته. فكان يقوم بدور الموجه غير المباشر. ولا يتواجد إلا فى وجود رب العائلة. وكانت له حدود لا يتخطاها. حتى فى مكان تواجده. فكانت هناك «أوضة الضيوف» والزوجة عندما تقدم واجب الضيافة، لا تخرج بل يتناولها منها الزوج ويقدمها بنفسه. وكان له سمات أهمها الاحترام، وعدم الطمع فى أى فرد من أفراد العائلة. وكان متوارثا، بمعنى أن ابنه يرث دوره، نتيجة التربية والنشأة الصحيحة. وما زال موجودا. ففى كل مكان يوجد كبير يلجأ إليه الناس لأخذ مشورته. وإن كنا الآن قد افتقدنا بعض الشىء عشرة وخير أهل زمان. وللأسف السوشيال ميديا ساهمت فى انتشار فضائح بعض العلاقات والنماذج السيئة، التى ساهمت فى زيادة مساحة الخوف وانغلاق كل أسرة على نفسها. علاوة على بعدنا عن جوهر الدين، وتمسكنا بمظهره. وانعدام دور الجيران فى الحفاظ على بعضهم. لكن صديق العائلة سيظل موجودا، رغم خوف بعض الأسر، ولكن هذا الخوف يرجع لاهتزاز ثقة رب الأسرة فى نفسه، أو تقصيره فى حق أسرته. لكن بالنسبة إلى دوره فربما يقل عن زمان، بسبب الحالات والنماذج المماثلة من خلال الإعلام المرئى، والمقروء، والقنوات المفتوحة، توفر

فيها حاجة حلوة.. «خيرك لبلدك».. بدأت من إحدى قرى مدينة بنها وتحلم بالانتشارجسر الأمل

«خيرك لبلدك وأولاد بلدك» يعنى إيه؟.. أى أن من يعيشون خارج المحافظات الفقيرة، ولا يدرون أين ينفقون تبرعاتهم، فليذهبوا إلى المحافظات الفقيرة، والأكثر فقرا، ليتبرعوا لأهلها. ذلك هو شعار وهدف جروب خدمى على الفيس، أنشأه ثلاثة رجال فى البداية، ثم لاقى نجاحا وانضم إليهم الكثير بعد ذلك من الشباب وأهالى القرى.

كانت البداية منذ ثلاث سنوات، حيث تبرع «محمد عدوى» وعمره 35 عامًا، وهو صاحب فكرة الجروب، بجهاز تنفس لمساعدة مرضى الالتهاب الرئوى، خاصة بعد وفاة طفله بهذا المرض. عن تفاصيل وهدف الجروب، يحكى «محمد عدوى» قائلا: «أنا من قرية كفر طحلة، وهى إحدى قرى مركز بنها، بمحافظة القليوبية. منذ ثلاث سنوات، كان لدىّ طفل وأصيب بالتهاب رئوى حاد، وتوفى على أثره وعمره شهر ونصف. فتبرعت بجهاز جلسات تنفس لمرضى هذا المرض، كصدقة جارية على روحه. فوجدت للعمل التطوعى أو الخيرى لذة كبيرة، وبدأت أفكر ماذا أفعل؟ وكنا وقتها فى شهر رجب، فكتبت على صفحتى على الفيس بوك، دعوة لتجهيز كرتونة رمضان، ونفرح المحتاج واليتيم. ووجدت صديقا لى، وجارا كاتبين نفس البوست، وهم محمد سعيد 35 سنة ويعمل فى مجال التربية والتعليم، وهشام صالح 45 سنة، ويعمل فى الأوقاف. فنسقنا سويا وجاءتنا تبرعات بقيمة 10 آلاف جنيه. اشترينا بها كلها وجمعنا 90 كرتونة، وكانت مميزة ومختلفة عن باقى شنط رمضان من حيث الشكل والمضمون، ونالت استحسان الجميع والحمد لله. وكانت البداية التى عرفنا من خلالها الجمهور، سواء فى القرية أو القرى المجاورة. وبدأ الأهالى يأتون بتبرعاتهم إلينا، عندما يريدون تنفيذ مشروع أو عمل معين. وأنجزنا بفضل الله أكثر من عمل ومشروع خيرى منها محطة تنقية مياه، وتوزيع سلع غذائية بشكل دورى على الفقراء والأيتام، ومساعدة من يحتاج فى العملية التعليمية، أو العلاج. والعام الماضى عملنا حملة جديدة، شعارها» مش هنقولك بكام.. هنقولك عايز كام «وهى خاصة بالتشجير. حيث اشترينا شتلات لأشجار مثمرة، وقمنا بتوزيعها على الراغبين سواء بالقرية، أو من خارجها. وقاموا بزراعتها فى الشوارع وأمام المنازل أو داخلها لمن لديه مساحة لذلك. وقمنا بجمع القمامة من كل أنحاء القرية، وتخلصنا منها، كما قمنا بتنظيف النيل، من القمامة التى كانت فيه وعلى جانبيه. وكان به دبش، فقمنا باستخراجه، وغسلناه ورجعناه تانى للنيل، فأضاف إليه جمالا. وعملنا كورنيش عام ومفتوح للجميع وما زلنا نجمع التبرعات لإنشاء سور وتركيب الإنتر لوك وشراء المقاعد، وتجميله وتشجيره بأشجار مثمرة، مثل الجوافة والليمون، ليكون متنفسًا لأهل القرية وشبابها خاصة، وأننا ليس لدينا أى مركز شباب، بعد أن تم هدم المركز الوحيد الذى كان لدينا، منذ أكثر من 15 عامًا حتى الآن. وحاولنا كثيرًا لإنشاء بديل له، خاصة مع وجود قطعة أرض بمساحة أربعة فدادين، بما يكفى لإنشاء استاد رياضى عليها، وليس مركز شباب، ولكنها ملك وزارة الرى ولا تريد الاستغناء عنها. رغم انشغالاتهم بأعمالهم الأساسية، فجميعهم موظفون، ولديهم أسر وأطفال إلا أن ذلك لم يثنيهم عن تكملة ما بدأوه، لأن اللى بيعمل خير ما بيزهقش، كما قال عدوى الذى يتمنى تدشين حملته على نطاق أوسع لتصل إلى باقى المحافظات، ليتمكنوا من تنفيذ كل ما يحلمون به من مساعدات وأعمال لأبناء وأهالى بلدهم، وفقا لشعار الجروب، وليقدموا نموذجًا يحتذى به باقى الشباب فى كل مكان.