ميكروباص صفط اللبن.. السقوط إلى الآخرة

كتب: محمد القماش الأربعاء 11-09-2019 22:32

رجال وشباب وسيدات يهرولون في فزع، يسألون: «فين ضحايا الحادثة؟»، وآخرون يقفون في حلقات يسردون تفاصيل الحادثة، وسيارات شرطة وقوات أمن لا تبارح مكانها، يستجوبون شهود العيان، ويبحثون عن كاميرات مراقبة تفيد في حركة سيارات التحقيقات، كان الحال بموقع حادث سقوط سيارة ميكروباص من أعلى محور صفط اللبن، ما أسفر عن مصرع 9 أشخاص، بينهم السائق، وإحدى الجثث مجهولة، وإصابة 4 آخرين- وفقًا للدكتورة جيهان شحاتة، مديرة مستشفى بولاق الدكرور العام.

كان مجدى شحاتة البربرى، يجلس بحجرة الصالون داخل شقته، وفوجئ بارتطام شديد بالشرفة، كاد الرعب يقضى على أفراد أسرته، عندما شاهدوا سيارة ميكروباص تسقط من أعلى المحور وتصطدم بالشرفة المواجهة للمحور: «افتكرنا العربية هتدخل جوا.. كل واحد فينا جري في حتة.. أول مرة نشوف المشهد دا».

لكنّ ما حدث أن الميكروباص اصطدم بالشرفة، فحطم واجهتها ومنشر الغسيل، وسقط الميكروباص أمام محيط العقار، ليتحول إلى قطع خردة، ويفزع الجميع من هول المشهد غير المألوف- حسب البربري.

وقفت «علا»- إحدى العاملات بمعمل تحاليل، بالشرفة المطلة على طريق المحور، حيث سقطت السيارة، تنتظر قدوم نجلها «عمر»، بالصف الرابع الابتدائى، من درس خصوصى، وفوجئت بسقوط السيارة من أعلى المحور، دخلت للشقة من فورها، لم تستطع المكوث بالشرفة لثوانٍ، فقالت إنها أغمى عليها لتوها فور دخولها للشقة.

تذكر أن لوثة إصابتها فور تخليها أن نجلها في طريق إليها، لكنّ الأهالى طمأنوها بقولهم: «محدش مر من مكان الحادث.. ربنا سترها».

رأى أحمد على، وهو يقف أمام محل الجزارة الذي يعمل به، رجل كبير لم يستطع تحديد عمره، ويرجح أن يكون السائق، يلقى بنفسه من أعلى المحور، ولاحق به شاب في العقد الثالث من العمر، ثم أجزاء من السور الحديدى للمحور.

ابتعد الشاب «أحمد» عن محيط المحل، بسرعة، وهو يصيح في الناس: «ابعدوا.. ابعدوا»، ثم سقطت سيارة الميكروباص، فجاة على الأرض.

لم يخلف الحادث حرائق أو تلفيات سوى بشرفة «البربري»، كما لم يُصب أحد من المارة جراء سقوط السيارة، فالعناية الإلهية أنقذت نحو 3 أشخاص كادت السيارة تسقط عليهم لولا انتباه الناس، ومناداة هؤلاء الأشخاص، للحقوا بضحايا الحادث- وفقًا لـ«أحمد».

اتجه الناس إلى سيارة الميكروباص، حطموا أبوابها، وساعدتهم قوات الحماية المدنية في قطع أجزاء من السيارة بـ«شنيور»، لانتشال الجثمانين، ومحاولة إنقاذ أي من مستقلي السيارة، واتصلوا بالشرطة التي حضرت على الفور.

كان الأهالى يسردون في غضب ما سموه بـ«كوارث محور صفط»، قال عدد منهم: «المحور دا مبنى بطريقة غلط، لازق في البيوت، والحواري فيه ضيقة للغاية، وهذا لم يكن الحادث الأول»، واتجه آخرون إلى أن سبب الحادث، رعونة سائق الميكروباص: «تلاقيه كان سرحان».

غطى الأهالى الجثمانين بعد انتشالهما بملاءات سرير، حتى حضرت الإسعاف وحملتهما لمستشفى بولاق الدكرور العام، كما شكا شهود عيان، من سلوك عدد من المُسعفين: «كانوا مهتمين ببيانات الضحايا، وانتظروا كثيرًا حتى يعثروا على بطاقات هويتهم، ومن ثم حملهم للمستشفى».

توقفت الحركة بشارع المدرسة لنحو ساعتين، لحين حضور سيارات الحماية المدنية لرفع آثار الحادث، عقب إجراء المعاينات اللازمة من قبل النيابة العامة، ورفع آثار الدماء التي كست موقع الحادث.

وفيما تستجوب أجهزة الأمن شهود العيان، وتتحفظ على كاميرات المراقبة بالمكان، حضر عدد كبير من أهالى الضحايا والمصابين.. كانوا يرتعدون من هول ما سمعوا عنه بشأن الحادث.

توجهوا لمستشفى بولاق الدكرور، وقفوا أمام ثلاجة حفظ الموتى، في انتظار خروج الجثمانين عقب مناظرة النيابة لها، والتصريح بالدفن.

كانت النساء بساحة المستشفى يصرخن ويرددن أسماء أبنائهن، وأشقائهن، ويتبادلن العديد كأنها سيمفونية حزن.

قالت الدكتور جيهان شحاتة، مديرة المستشفى، لـ«المصرى اليوم»: إن المستشفى تلقى إخطارًا بانقلاب سيارة ميكروباص على محور صفط اللبن، ووصل للمستشفى 4 مُصابين، و9 جثث هامدة، من بينها سائق السيارة، وضمن الجثث الـ9 جثة مجهولة.

وذكر الدكتور رضا محمد حسن، مدير إدارة الطوارئ بمديرية الصحة بالجيزة، أن المصابين الـ4 حالاتهم مستقرة، فيما عدا وليد عبدالرحمن توفيق- 35 سنة، وهو يتلقى العلاج اللازم بالمستشفى، مشيرًا إلى أن الإصابات تنوعت ما بين: «جروح وخدوش وكدمات بالوجه، والرأس، والنزيف الداخلي بالمخ، وشروخ بالجمجمة».

وأشار إلى أن سائق الميكروباص يُدعى حلمى محمود عواد، 63 سنة، ويقطن منطقة بين السرايات، وأن الضحايا من مناطق: صفط اللبن، وكرداسة، والمعتمدية.