فشل «أوباما» في إغلاق «جوانتانامو» يُعلّمه درسًا في التواضع عند إطلاق الوعود

كتب: أ.ف.ب الإثنين 09-01-2012 11:55

 

 

كان أول قرار اتخذه باراك أوباما فور تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة عام 2009، أمرًا بإغلاق معتقل جوانتانامو، محددًا لذلك مهلة سنة، غير أن هذا الوعد كان في نهاية المطاف درسًا في التواضع لرئيس لم ينجح في تنفيذ تعهده.

وتعكس محاولات أوباما غير المجدية لإغلاق المعتقل العسكري الصعوبات التي واجهها من أجل التخلص من الجهاز الأمني الموروث عن سلفه الجمهوري جورج بوش، الذي شدد قبضة الأمن في البلاد إثر اعتداءات 11 سبتمبر 2001.

كان أوباما أمر منذ الساعات الأولى لعهده الذي بدأ في 20 يناير 2009 بإغلاق معتقل اعتبره وصمة عار للولايات المتحدة، تتعارض مع القيم التي قامت عليها البلاد، بل أكثر من ذلك.. تشكل «أداة تجنيد» لتنظيم القاعدة.

وبعد بضعة أشهر أعلن الرئيس من جديد مؤكدًا موقفه: «ليس هناك من أجوبة سهلة أو مثالية، لكن الرد الخاطئ سيكون الادعاء بأن هذه المشكلة ستزول إن أبقينا على الوضع القائم.. أرفض الإبقاء على هذه المشكلة.. مصالحنا الأمنية لا تسمح بذلك.. محاكمنا لن تقبل به.. وكذلك ضميرنا».

غير أن مسألة «جوانتانامو» الشائكة سرعان ما جعلت أوباما يكتشف حدود سلطته فيما قاوم الكونجرس إغلاق المعتقل، ورأى جوليان زيليزر، أستاذ التاريخ في جامعة برينستون، أن: «أوباما ارتكب خطأ جسيمًا في حساباته السياسية»، موضحًا أن الرئيس اضطر إلى تخفيض عتبة طموحاته إزاء ممانعة أعضاء في الكونجرس بينهم حلفاء ديمقراطيون له.

فالنواب يرفضون نقل معتقلين من «جوانتانامو» إلى دوائرهم، سواء لإحالتهم على محاكم مدنية أو لإيداعهم السجن، وفي كل مرة تم التصويت على ميزانية للدفاع، كان الكونجرس يحجب التمويل عن أي عمليات نقل مماثلة، وهو ما تكرر لدى التصويت مؤخرًا على تمويل البنتاجون في ديسمبر الماضي.

وإزاء غضب نواب نيويورك وسكانها، عدلت الإدارة عن محاكمة خالد شيخ محمد الذي يشتبه بأنه مدبر اعتداءات 11 سبتمبر أمام محاكم مدنية في هذه المدينة، وتقرر في نهاية المطاف إحالته مع المتهمين الآخرين معه في الملف ذاته إلى محاكم عسكرية في «جوانتانامو».

وقالت إيليسا ماسيمينو، رئيسة منظمة «هيومان رايتس فيرست» غير الحكومية، إن: «جوانتانامو يبقى رمزًا قويًا للظلم ونقطة سوداء على سمعة الولايات المتحدة»، وأضافت أن: «الانتهاكات الماضية لمعاهدات جنيف في جوانتانامو جعلت منه رمزًا في العالم بأسره لبلد كبير يطرح قوانينه وقيمه جانبًا حين يناسب الأمر مصالحه».

وإن كان باراك أوباما يؤكد إصراره على هدفه بإغلاق «جوانتانامو» بعد 10 سنوات على نقل أوائل المعتقلين إليه، إلا أنه لا يمكنه التفرد في تحقيق هدفه هذا، خصوصًا أن الظروف غير مؤاتية لمعالجة مثل هذه المواضيع الصعبة مع انطلاق العام الانتخابي.

ويؤشر بقاء المعتقل إلى استمرار الجهاز الذي أرسته إدارة بوش عقب اعتداءات 2001 والذي يشكل جوانتانامو الجزء الظاهر منه، إلى جانب ممارسات أخرى مثل خطف أشخاص يشتبه بضلوعهم في الإرهاب والتنصت على المكالمات الهاتفية.

وقال زيليزر: «هذا إرث سيستمر لوقت طويل، إلى ما بعد رئاسته وما بعد رئاسة خلفه».

وفي مطلق الأحوال، لم يتردد أوباما في الإبقاء على بعض وجوه هذه السياسة الأمنية المتشددة، وخصوصًا استخدام الطائرات دون طيار التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.إيه) بشكل غير مسبوق لضرب مقاتلين في باكستان، أو حتى في اليمن، في عمليات قصف تبقى قانونيتها موضع جدل.

وسواء أعيد انتخاب أوباما لولاية ثانية أو وصل جمهوري إلى البيت الأبيض، فمن المتوقع أن تبقى مسألة «جوانتانامو» عالقة، لا سيما وأن ميت رومني الأوفر حظًا بين المرشحين الجمهوريين لتمثيل الحزب في السباق إلى البيت الأبيض، يدعو إلى الإبقاء على المعتقل العسكري.

ورأت ماسيمينو أن «جوانتانامو هو مسألة سياسية سامة، لكنها تثبت ضرورة حصول دفع من موقع قوة»، مضيفة: «لا يمكن الحصول على فسحة سياسية دون طموح، دون كفاح».