موسم الحج لهذا العام لم يكن كمثله من المواسم التى سبقته بلا جدال، والدلائل عديدة والشواهد الماثلة تتحدث عن نفسها، حيث إن التخطيط السليم والتنسيق الفاعل بين الجهات المعنية أنتجا التناغم المطلوب لتيسير سبل أداء المشاعر لضيوف الرحمن المصريين، خاصة الذين احتضنهم وأشرف عليهم القطاع السياحى المصرى منذ بدء إجراءات السفر فى مصر، مرورا بالرحلات إلى الأراضى المقدسة جوا وبرا والانتقال لأداء المناسك فى مختلف المشاعر، بما فيها التصعيد إلى جبل عرفات يوم وقفة العيد والنزول منه إلى مزدلفة ورمى الجمرات والمبيت فى منى خلال أيام التشريق الثلاثة ونهاية بالاستعدادات للانتقال إلى المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوى قبل العودة إلى أرض الوطن.
رحلة البهجة والسرور لحج مبرور وذنب مغفور كانت أقل عناء عما سبقتها فى الأعوام الماضية بسبب التوزيع الجيد للأدوار داخل اللجان المشرفة التى أوفدتها وزارة السياحة وقطاع الشركات برئاسة مجدى شلبى وهى اللجان التى عمدت إلى معايشة الحجاج والتواجد المستمر فى كافة المواقع المتواجدين بها، سواء كانت مواطن التسكين أو المخيمات بمنى والمزدلفة أو وسائل الانتقالات بين أماكن المشاعر المقدسة.
وحرصت اللجان على كتابة تقارير ترصد فيها حالة الحجيج والمعوقات التى تواجههم والعمل على حلها فورا، بالتنسبق مع جهات الاختصاص بالمملكة العربية السعودية، فضلا عن خط ساخن لتلقى الشكاوى للتعامل مع الأزمات والطوارئ، من خلال غرفة عمليات خاصة استطاعت بنجاح إدارة حشود حجاج السياحة المصريين بكفاءة.
كما كان للإشراف المباشر والتواصل الكثيف بين وزيرة السياحة، الدكتورة رانيا المشاط، واللجان الموفدة للإشراف على الحجيج عنصر الحسم فى تذليل أى عقبات واجهتهم، ما انعكس إيجابيا على نجاح موسم الحج لهذا العام وانخفاض معدل الشكاوى التى تلقتها غرفة العمليات بعد الإجراءات الصارمة التى اتخذتها اللجان المشرفة فى تطبيق المعايير التى وضعتها الوزارة للحج عن طريق شركات السياحة بالتأكد من تطبيق البرنامج المتفق عليه حسب بنود التعاقدات بين الشركات والحجاج.
من جانبه، قال مجدى شلبى، رئيس بعثة الحج السياحى: «الجميع هنا شعر بثمرة الجهود الكبيرة المبذولة لراحة حجاج السياحة المصرية التى نجحت فى تجاوز عقبات عديدة بالخبرات التراكمية للعاملين فيها ولصدق النوايا لخدمة ضيوف الرحمن، فضلا عن الخطط التى تم تطبيقها بالتنسيق مع الجهات المعنية فى مصر والسعودية، والإجراءات التى تم اتخاذها لمعايرة تطبيق الشركات لالتزاماتها وفق ما هو مقرر سلفا»، مشيرا إلى أن المتابعة الدقيقة واليومية للدكتورة رانيا المشاط، كانت حافزا كبيرا وداعما أساسيا لتواصل الجهود وكفاءة الأداء اللذين حققا طفرة فى النتائج الإيجابية للحج هذا الموسم، وأضاف أن زيارة الدكتور محمد عبدالعاطى، رئيس بعثة الحج المصرى، وتفقده لأعمال لجان السياحة والوقوف على كفاءة التنسيق بينها وبين لجان وزارتى الداخلية والتضامن من جهة والسلطات السعودية من جهة أخرى، ساهمت بصورة لا جدال فيها فى شعور الجميع بالثقة والطمأنينة فى اهتمام الدولة المصرية برعاياها الحجاج فى الأراضى المقدسة.
وتابع شلبى: «تفقدت الوزيرة المستشفيات لتحرى حالة المرضى من الحجاج المصريين وكفاءة الخدمة الصحية المقدمة لهم، خاصة الحالات الحرجة والتى تعانى من أمراض مزمنة أو تتلقى علاجا خاصا مثل حالات العلاج بالكيماوى والغسيل الكلوى. كما تأكدت من كفاءة الخدمات المقدمة للحجيج ذوى الاحتياجات الخاصة، وتابعت كفاءة العمل بغرفة العمليات والخط الساخن الذى يتلقى بلاغات الشكاوى والحالات الطارئة فى مختلف المشاعر ومراجعة خطط تصعيد الحجاج إلى جبل عرفات يوم الوقفة، وكذلك نفرتهم إلى مزدلفة والتأكد من حالة الخيام المكيفة المقاومة للحريق وتوافر الخدمات وكفاءة دورات المياه وانتشار المبردات».
وأوضح «شلبى» أنه تم التنسيق مع المستشفيات السعودية لتوفير كميات من الأدوية بشكل مباشر للحجاج المصريين مثل أدوية الأنسولين، كما تم إعداد مرافقين من الشباب لمصاحبة كبار السن والمرضى ومساعدتهم للانتقال وأداء المشاعر المقدسة وإقناع المرضى بتوكيل آخرين عنهم لرمى الجمرات لتجنب متاعبهم فى الزحام الشديد، كما تم التأكد من تنفيذ الشركات لخطط نقل نحو 36 ألف حاج عن طريق عدد كبير من الأتوبيسات بلغ نحو800 أتوبيس سياحى مكيف من خلال خطوط السير التى حددتها السلطات السعودية ويقودها سائقون محترفون من العمالة الدائمة بالمملكة والذين لديهم خبرة فى خطوط السير والنظم المعمول بها فى موسم الحج.
ولفت إلى أنه من جملة ما تنص عليه البرامج السياحية المتفق عليها بين الشركات والحجاج توفير وسائل الانتقال طوال 24 ساعة فى مسافة 3 كيلو مترات، وهى أقصى مسافة اشترطتها معايير الوزارة ما بين أماكن السكن وموضع الحرم المكى، فضلا عن زيادة الطاقة الاستيعابية وتشغيل عدد أكبر من الحافلات لنقل الحجاج فى أوقات الصلوات وتوفير الشركات لنحو 120 من مشايخ الأزهر والوعاظ لتوفير التوجيه والإرشاد اللازم لتأدية الحجاج مناسكهم على النحو الصحيح.
ومن جانب آخر، قال ناصر ترك، عضو اللجنة العليا للحج والعمرة: «اللجان الموفدة من وزارة السياحة تابعت منذ البداية توافر الاشتراطات المقررة فى السكن بكل من مكة والمدينة بحيث لايتجاوز العدد أربعة أفراد فى الغرفة الواحدة للخمس نجوم وخمسة أفراد للحج الاقتصادى، كما تابعت اللجان تنفيذ الحجاج للقواعد الأمنية بارتداء كارت البيانات وسوار المعصم الخاص بهوية الحاج لسهولة التعرف عليه فى حالات الطوارئ، كما تم التأكد من تحميل تطبيق موبايل أبليكيشن وهو النظام الذى تم اعتماده لأول مرة هذا الموسم لتحديد مكان الحاج حال تلقى شكوى منه لسهولة وسرعة تحديد مكانه والوصول إليه وهو النظام الذى ساهم بفاعلية ونجاح كبير فى استعادة نحو 25 حاجا ضلوا طريقهم خلال أداء المناسك فى الشعاب الشاسعة للمشاعر المقدسة والمزدحمة بما يقرب من 3 ملايين حاج من كافة بقاع الأرض».
وأكد أن كل المؤشرات تشير بوضوح لمرور الموسم دون مشكلات تذكر، مشيرا إلى أن المشكلة الوحيدة التى تم رصدها وأوردتها تقارير المتابعة هى المشكلة الخاصة بالحجاج الذين جاءوا لأداء المناسك بحصولهم على تأشيرة الحج (الفرادى) وعدم وجود أى جهة تشرف عليهم وفق شروط وضوابط مقبولة، ما أدى إلى عدم توافر أماكن للسكن أو المخيمات لهم فافترشوا الشوارع والطرقات فى عرفات ومنى.
وأكد باسل السيسى، نائب رئيس غرفة الشركات، أن تحالف الجهود المبذولة من قبل اللجان مع الجهود المبذولة من قبل السلطات السعودية ساهم فى نجاح الموسم، خاصة أن رجال الأمن فى مواقع المشاعر عملوا على تسهيل أداء المناسك للحجيج بصورة غير مسبوقة، وشعر الجميع بأن مرضاة الله وتوفيقه عز وجل تحيط بالجميع حيثما انهمرت الأمطار يوم الوقوف على جبل عرفات ليتلطف الطقس وتتلاشى حدة القيظ ويعلو البشر أسارير الجميع برسالة قبول إتمام الحجيج للركن الأعظم من مناسك الحج. وقال من المقرر بدء عودة رحلات السياحة جوا اليوم، بينما تبدأ رحلات عودة حجاج البر بعد غد، الجمعة، مشيرا إلى استمرار أعمال رقابة اللجان ورصد تقارير كفاءة أداء الشركات حتى وصول آخر الحجاج المصريين إلى أرض الوطن.
ويقول علاء الغمرى، عضو غرفة الشركات: «اتخذنا العديد من الإجراءات الفاعلة لتجنب مشكلات عديدة تكررت فى الأعوام الماضية منها تفعيل نظم للأدلة الجنائية وقاعدة معلومات يمكن من خلالها التعرف فورا على هوية أى حاج حال تعرضه لأزمة طارئة وكذلك التعرف على هوية المتوفين وسرعة التواصل مع أقاربهم لإقرار ما يمكن فعله بنقل المتوفى إلى الوطن أو الحصول على الموافقات اللازمة لإجراء الدفن بالأراضى السعوية، مشيرا إلى شمول إجراءات السفر على التأمين لعمل اللازم فى الحالتين».
وأكد يسرى السعودى، عضو غرفة شركات السياحة، أنه تم إعداد خطة خاصة وتجنيد أعداد إضافية من المشرفين بالتنسيق مع الجانب السعودى لتصعيد الحجاج إلى جبل عرفات يوم الوقفة وتخصيص عدد من السيارات لمتابعة الالتزام بخط سير الحافلات لمنع التكدس والزحام فى المساحات الضيقة بمنى وتكثيف تواجد سيارات الإسعاف التى بلغ عددها نحو 180 سيارة لسرعة التعامل مع الحالات الطارئة بالعلاج فى موضع الإسعاف أو من خلال 17 مركزا للطوارئ أو بالنقل إلى المستشفى إذا ما استدعت الحاجة ذلك.