تحقيقات «التخابر مع داعش ليبيا»: عناصر الخلية جمعت 13 مليون جنيه من أسر ضحايا الهجرة غير الشرعية

كتب: أحمد شلبي السبت 10-08-2019 23:52

حصلت «المصرى اليوم» على أمر الإحالة وتفاصيل أقوال المتهمين في خلية التخابر مع داعش ليبيا، والتى أحالها المستشار نبيل أحمد صادق النائب العام إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ، وتسلمتها محكمة الاستئناف تمهيدا لتحديد جلسة لبدء محاكمة المتهمين فيها، وروى أحد المتهمين في القضية في تحقيقات النيابة أنه بدأ بالانضمام إلى تلك الجماعة دون أن يعرف هويتهم، وكان يعتقد أنه يساعد أسر المختطفين في ليبيا، إلا أنه أكتشف أنه يشارك عناصر داعش في النصب على أسر الضحايا لتحصيل أموال منهم لتوفير الأسلحة والدعم اللوجستى لعملياتهم الإرهابية.

وجاء في نص أمر الإحالة أنه وافق المستشار نبيل أحمد صادق على قرار نيابة أمن الدولة العليا بإحالة 11 متهمًا، بينهم 4 ليبيى الجنسية إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ، لارتكابهم جريمة التخابر لدى جماعة داعش الإرهابية وكتائب قوة الردع التابعة لها ومن يعملون لمصلحتها بدولة ليبيا، بهدف ارتكاب جرائم إرهابية ضد المواطنين المصريين المقيمين بها. وتبين من أمر الإحالة أن الجرائم سالفة الذكر وقعت باختطاف مواطنين مصريين وتعذيبهم بدنيًا للحصول من ذويهم على أموال فدية لإطلاق سراحهم، بالإضافة لارتكابهم جرائم إمداد الجماعة بالأموال والمعلومات والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين غير الشرعيين.

وتبين من تحريات هيئة الأمن القومى التي تولت جمع المعلومات في تلك القضية التي كانت عابرة الحدود الغربية للبلاد، أن المتهم الأول محمد رجب عبدالواحد حسن (مصرى الجنسية) يعمل بمجال الهجرة غير الشرعية بالاتفاق مع بعض العناصر البدوية القائمة على تسلل المهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود الغربية للبلاد إلى دولة ليبيا، وتخابره مع عناصر تنظيم داعش الإرهابى وقائد كتائب قوة الردع، وهم المتهمون الليبيون (عماد أحمد عبدالسلام الورفلى، ومفتاح أحمد عبدالسلام الورفلى، وعياد أحمد عبدالسلام الورفلى، ومروان الغريب) لإمدادهم بالمعلومات من داخل البلاد بشأن المصريين المسافرين والمقيمين بدولة ليبيا. وجاء في التحريات أن 6 من أسر الضحايا تقدموا ببلاغات وخضعوا للاستجواب من خلال الجهات الأمنية، وقالوا إن شخصا يدعى «رجب» من محافظة المنيا يلجأ إليه عدد من الشباب في المحافظة ومن المحافظات الأخرى لمساعدتهم في تسفير أبنائهم للعمل في دولة ليبيا، كما كان يساعد آخرين في الهجرة غير الشرعية إلى بعض الدولة الأوروبية، وأنه على صلة بآخرين موجودين في ليبيا وبعض الدول المجاورة.

وقال عدد من أسر الضحايا في محضر التحريات وتحقيقات النيابة إن «رجب» كان يحصل على مبالغ مالية وصلت إلى 50 ألف جنيه من كل شاب يصل إلى ليبيا، وقالوا إنه كان يأخذ نصف المبلغ قبل عملية السفر، على أن يوقع أحد أفراد أسرته على إيصال أمانة بباقى المبلغ الذي يتم تحصيله بعد أن يصل الشاب ويجرى اتصالا بأسرته من هناك، وحكى شقيق أحد الضحايا أن «رجب» الذي تبين فيما بعد أن اسمه الحقيقى «محمد رجب» كان يعمل معه قرابة 10 أشخاص آخرين- حسنى النية- فكان كل شاب يبحث عن وسيط للوصول إلى «رجب» لمساعدته في السفر إلى ليبيا. وأضاف شقيق شاب من بين الضحايا ويدعى «على عبدالدائم» أن عددا كبيرا من الشباب سافروا منذ أكثر من 8 سنوات واستقروا في ليبيا عن طريق «رجب» إلا أنه مع بداية الثورات في مصر وليبيا بدأ «رجب» في طلب المزيد من الأموال، بحجة التشديدات الأمنية والوسطاء الذين يحصلون على أموال إضافية، وأضاف أنه سلم «رجب» مبلغ 20 ألف جنيه، وكتب إيصال أمانة على نفسه بمبلغ 25 ألف جنيه، وسافر شقيقه «إبراهيم» البالغ من العمر 21 عاما إلى ليبيا، إلا أن شقيقه لم يتصل بهم، فحاول الاتصال بـ«رجب» للاطمئنان على شقيقه، وكان يعلل بأنهم معطلون في الطريق بسبب الإجراءات الأمنية وكان يطمئنهم حتى مر أكثر من شهر وبدأ «رجب» في التهرب من اتصالاتهم، واكتشف الأخ أن قرابة 12 شابا آخرين كان مصيرهم مجهولا مثل شقيقه، وعلى ما يبدو أنهم كانوا في رحلة واحدة إلى ليبيا. وسرد والد أحد الشباب في القضية أنهم علموا أن أبناءهم مخطوفون في ليبيا، وبعد مواجهة «رجب» بتلك المعلومات أقر بصحتها وادعى أنه لم يكن يرغب في إزعاج أسر الشباب وأنه يتولى التفاوض مع الخاطفين لإطلاق سراحهم، ومرت 3 أسابيع أخرى، وكان يردد «رجب» أن الخاطفين يرغبون في الحصول على أموال كفدية لإطلاق سراح أولادهم، وقال إنهم يريدون عن كل شاب مبلغ 500 ألف جنيه.

وأكمل الأب أن الأسر كانت تحاول تجميع المبالغ إلا أن حالتهم المادية لم تكن تسمح لهم بذلك، وهو ما أجبرهم على الدفع بأبنائهم للهجرة إلى ليبيا بحثا عن لقمة العيش، وبعد مرور 10 أيام من اكتشاف واقعة الخطف، علم شقيق أحد المخطوفين من خلال اتصال بقريب له يعمل في ليبيا أن الخاطفين ينتمون إلى داعش، وأن «رجب» يعمل معهم لجمع أكبر مبلغ من المال من أسر الضحايا لاستخدام تلك الأموال في عملياتهم الإرهابية. وأبلغت الأسر الجهات الأمنية التي تولت التحقيق وجمع التحريات.. وبعد الحصول على إذن من النيابة العامة بتسجيل ومراقبة «رجب»، توصلت الجهات الأمنية إلى تسجيلات دارت بين «رجب» وعدد من عناصر داعش في ليبيا وآخرين في مصر، وتضمنت اعتراف المتهم محمد رجب عبدالواحد حسن بالتردد على دولة ليبيا للعمل بها وارتباطه عقب اندلاع الأحداث الليبية بالمتهمين الليبيين عناصر تنظيم داعش الإرهابى، واتفاقه معهم على خطف أحد المواطنين المصريين للحصول على فدية مالية كبيرة، فضلًا عن تمكنه بالاتفاق مع العناصر الليبية من خطف 14 مصريًّا آخرين في بداية عام 2017، وقيام أعضاء التنظيم بتعذيبهم وتهديد ذويهم بقتلهم لإرغامهم على دفع مبالغ الفدية، وقد نجم عن تلك الأعمال الإرهابية وفاة المجنى عليه محمد جاد حامد الشربينى، وتولى المتهم محمد رجب عبدالواحد حسن بمعاونة متهمين آخرين تسلم الأموال من ذوى المخطوفين ونقلها لأعضاء الجماعة، إذ سلموا أعضاءها قرابة الثلاثة ملايين جنيه مصري.

واعترف المتهم «محمد رجب» في تحقيقات النيابة بالشروع في تسفير الشباب إلى ليبيا عن طريق الحصول على أموال من أسرهم تراوحت بين 30 و50 ألف جنيه لكل شاب، واعترف المتهم بأنه ساعد أكثر من 1000 شاب للسفر إلى ليبيا، وبعضهم مازالوا يعملون هناك في أعمال مستقره، إلا أنه في الفترة الأخيرة فوجئ بأن من كانوا يساعدونه في نقل المصريين إلى ليبيا بعضهم قتلوا أو ألقى القبض عليهم، وبعد فترة بحث عن عناصر ليبية جديدة توصل إلى تلك المجموعة التي تبين فيما بعد أنهم ينتمون إلى خلية داعش، وأنه كان يرسل لهم بيانات الشباب الذين سيسافرون من مصر إلى ليبيا، وبعد عدة مرات فوجئ باحتجازهم المصريين وقتلهم أحدهم بسبب رغبتهم في الحصول على فدية من أسرهم، وأنه اضطر إلى التعاون معهم من أجل فك أسر المخطوفين. واعترف المتهم في تحقيقات النيابة بأن باقى المتهمين الهاربين والمنتمين إلى عناصر داعش تمكنوا من الحصول على مبالغ مالية بلغت أكثر من 13 مليون جنيه من أسر 55 شابا مصريًّا احتجزوهم في ليبيا. وواجهت النيابة المتهم في تحقيقاتها بتسجيلات صوتية له جرت بينه وبين عنصرين ليبيين تضمنت اتفاقهما على المبالغ لإطلاق سراح المتهمين، فرد المتهم بصحة التسجيلات، وقال إنه كان يحاول أن ينقذ الضحايا في ظل قيام تلك العناصر الهاربة في ليبيا بتعذيب الشباب المتحجزين لديهم لإجبار أسرهم على إرسال أموال الفدية في أسرع وقت ممكن وعدم إبلاغ الجهات الأمنية. وانتهت التحقيقات بتوجيه 5 اتهامات للمتهمين في القضية، منها «التخابر مع عناصر أجنبية، والانضمام إلى خلية داعش الإرهابية، والنصب والاتجار في البشر». وأمر النائب العام بسرعة ضبط المتهمين الهاربين من العناصر الليبية، واستعجال تنفيذ القرار الصادر بشأنهم للإنتربول الدولى بالقبض عليهم وحبسهم احتياطيًا على ذمة القضية.