4 شوارع تعج بالعشرات من الأهالى، ودموع وأصوات نحيب تكاد تسمعها على مدخل قرية برطس شمال الجيزة، الأجواء تشير إلى عزاء هدى على، ربة المنزل، التي قُتلت على يد زوجها، هانى فوزى، المهندس الزراعى، داخل منزلهما بالقرية، إثر اعتدائه عليها بالضرب المُبرِّح لاعتراضها على منحه إياها 5 جنيهات لتفطر بها ونجلاهما، وفقًا لروايات ابنى المتهم والمجنى عليها وأشقائها، وتحقيقات النيابة العامة.
بوصولك إلى القرية البسيطة، تصادفك وفود الرجال والنساء داخلين وخارجين من وإلى منزل عائلة المجنى عليها، الجميع في حالة دهشة مما حدث، لم يتصوروا أبدًا أن يكون هذا مصير «هدى»، المعروف عنها حُسن سلوكها، موضحين: «طوب الأرض هنا بيحبها»، حسب وصف الأهالى، مضيفين: «كانت وردة ودبلت خلال الفترة الأخيرة.. بعد مشاكلها المتعددة مع زوجها المتهم وزوجته الثانية، التي تقيم بالمنزل ذاته مع المجنى عليها».
في منزل بسيط للغاية، مكون من طابق واحد فوق الأرضى، حجرات متراصّة إلى جوار بعضها البعض، بالطابق الأرضى، يقطن «هانى» وزوجتاه «هدى»، المجنى عليها، و«منى»، ولكل منهما حجرة منفصلة، وأطفال الزوجتين متفرقون على حجرتين أخريين.
وكعادة كل صباح، طلبت «هدى» من زوجها مصروفًا لشراء إفطار «فول وفلافل» لها ولولديها، أعطاها الرجل 5 جنيهات، حين صاحت به: «ودول هيكفُّونى أنا وولادك (فوزى) و(رفيدة)، حتى ابننا (محمد) عايش عند أمى، ولو جه ياكل معانا، مش هناكل عيش حاف؟!».
كان الطفلان «فوزى» و«رفيدة» الكبرى، 13 سنة، يستمعان إلى تلك المشاجرة، صباح الجمعة قبل الماضى، وحين تدخلا لفض المُشادّة الكلامية، التي تحولت إلى اعتداء من الأب على أمهما: «فِضِل يضرب فيها على دماغها ورجلها ورقبتها، لحد ما أُغمى عليها»، ولم تفلح محاولات الصغيرين لصد الاعتداءات، موضحين: «أبونا كان بيضرب فينا.. وماقدرناش عليه!».
توجه الزوج إلى عمله بأحد مشاتل الورود والخضروات بطريق المنصورية، وحين عاد شاهده ابنه «فوزى» وهو يتناول «كفتة وفراخ مشوية» مع زوجته الثانية، وخاف الصغير أن ينطق بكلمة اعتراض، موضحًا: «خفت أقولّه له حرام عليك ضربت ماما، وجِبْت أكل حلو لمراتك التانية؟!».
تعجب المهندس الزراعى من غياب زوجته المجنى عليها وابنتهما «رفيدة»، لم ينتظر كثيرًا ليعرف وجهتهما، كان «رمضان»، شقيقه، قد عاد من مستشفى قصر العينى، حاملًا إليه الخبر: «يا (هانى) زوجتك (هدى).. ودِّيتها المستشفى وحجزوها هناك، والدكاترة بيقولوا محتاجة عملية جراحية».
اتصل الزوج بابنته «رفيدة»، وهى إلى جوار أمها، سائلًا إياها بتهكم: «هىَّ ماتت ولا لسة؟!.. مش قلت لكم قبل ما امشى على الشغل: ارموها في الشارع؟!»، بكت الطفلة، ورَدّت على أبيها: «يا رب مراتك التانية».
أحس «هانى» بالخطر حين أخبرته الابنة أيضًا، قائلة: «ماما ركِّبوا لها رقبة، ونصها الفوقانى مشلول»، ليتوجه إلى المستشفى محاولًا مداراة جريمته، فيما حبس ابنته وشقيقها الأصغر، «شاهدى العيان»، داخل المنزل، قائلًا: «إوعى حد منكم يخرج ويقول لأهل أمكم؟».
قبل خروج الطفلة «رفيدة» من المستشفى، استمعت إلى والدتها تروى للممرضة التي تعالجها حقيقة ما حدث لها: «لو مُتّ أو جرى لى حاجة.. جوزى اللى ضربنى علشان مصروف البيت».
وبينما كان «محمد وعماد وأحمد»، أشقاء المجنى عليها، جالسين في منزلهم، فوجئوا بحضور طفلتين من بنات شقيقى المتهم، وقالتا: «أختكم (هدى) في المستشفى، أصلها وقعت من فوق السطوح».
توجه الأشقاء الثلاثة إلى المستشفى، وتقابلوا مع زوجها وشقيقته، وأكد لهم الزوج الرواية السابقة للطفلتين، قائلًا: «اتقلبت من فوق السطح»، لكن القلق زار قلوب الأشقاء الذين قالوا: «لما شُفْنا أختنا بكينا، مافيش حتة فيها سليمة.. ومشلولة!».
انسحب «عماد»، شقيق المجنى عليها، من المستشفى ليتوجه إلى منزل شقيقته، موضحًا: «استغربت إن اللى بلَّغنا مش ولاد أختنا»، وحين وصل إلى هناك اكتشف المفاجأة، موضحًا: «(هانى) كان حابس ولاده (فوزى) و(رفيدة)».
كان الصغيران في رعب، لم ينطقا بكلمة إلا حين وصلا إلى بيت جدهما لأمهما، قائلين: «أبونا ضرب ماما وكسّر عضمها.. وحبسنا في الأوضة وقفل علينا بالقفل»، حسب «عماد».
وضبطت أجهزة الأمن المتهم «هانى» داخل المستشفى عقب وفاة زوجته، الإثنين الماضى، وناظرت النيابة العامة جثتها، وصرحت بدفنها، عقب تشريحها من قِبَل الطب الشرعى، لبيان سبب الوفاة.
وارتجفت والدة المجنى عليها وهى تطالب بـ«القِصاص من زوج ابنتها»، وقالت: «بيهدِّدنا، وهو كمان محبوس، إنه شغال عند ناس واصلة!»، ورَوَت أن ابنتها كانت دائمًا في خلاف مع زوجها بسبب وشاية الزوجة الثانية عند «الأخير» بالمجنى عليها، موضحة: «كل يوم والتانى تقول عنها كلام ماحصلش».
ويذكر أشقاء المجنى عليها بأسى أن شقيقتهم «هدى» كانت تفضل العيش مع أبنائها، موضحين: «كانت غضبانة ورجعت لبيتها، وقالت علشان العيال، رغم ان زوجها بيضربها على طول، وموِّتها عشان 5 جنيه، كانت أكلت عندنا أحسن».
وبكلمات تسبقها الدموع، قال «محمد»، الابن الأكبر للمجنى عليها والمتهم: «أبويا ماكانش بيصرف علينا، أنا تركت الثانوية العامة، وحوِّلت لـ(تجارى) لأنه قال لى إنه مش هيدفع فلوس دروس خصوصية، ولذلك فضلت العيش بمنزل جدى لأمى».
ورفض أهل المتهم التعليق، قائلين: «مالناش دعوة، دى خناقة زوجين مع بعض».. فيما روى الجيران أن الزوج المتهم كان دائم الاعتداء على المجنى عليها، لكنهم قالوا إنهم لم يروا منه سوء سلوك، وكان في حاله، ولا يشرب مخدرات مثل السوابق.
واعترف المتهم، خلال تحقيقات نيابة شمال الجيزة، قائلًا: «كنت بأدِّب مراتى».
كما أمرت بحبسه ٤ أيام على ذمة التحقيقات.