نرى الخروج عن النص شيئا لطيفا يبقى في أذهاننا أكثر من جمل العمل نفسه في حين يبدو تهمة قد تمسكها الرقابة الفنية لتضع الفنان في السجن على إثرها.
سعيد صالح الفنان القادرعلى إضحاك الطوب بحركة أو بلفتة أو بإشارة من إصبعه وهو لايتعمد التمثيل بل هو يتحرك على المسرح كما يتحرك في الشارع ويتكلم بين شلة من الأصدقاء المقربين كما قال عنه محمود السعدني في كتابه «المضحكون»، حتى أنه رشحه ليكون الأكثر إضحاكًا بين الفنانين.
سعيد صالح الذي تمر ذكرى ميلاده ووفاته متعاقبتين (31 يوليو 1938- 1 أغسطس 2014)، عُرف بحبه للمسرح أكثر من السينما التي كان يراها مقيدة له فيقول: «ماليش في السينما، أنا لاقيت نفسى في المسرح أكتر» وقد لقب بـ«فتى المسرح الأول» وقدم العديد من الأعمال المسرحية أشهرها «مدرسة المشاغبين» و«العيال كبرت».
في عام 1981 قدم «صالح» مسرحية «لعبة اسمها الفلوس» وعلى إثر جملة قالها سعيد صالح خروجا على النص في مسرحية «لعبة اسمها الفلوس» فقد قال «أمى اتجوزت 3..الأول وكلنا المش والتانى علمنا الغش والثالث لا بيهش ولا بينش» فقد اتهم بالسخرية من رؤساء مصروعلى إثر ذلك حكمت عليه المحكمة بالحبس 6 اشهر مع التغريم ب 50 جنيه وبعدها ظهر العداء بين سعيد صالح والرقابة التي اتهمت سعيد بالخروج على النص والآداب والتعرض للقيم الدينية وفى نفس الجلسة أصدر القاضى محمد بدر في نهاية الجلسة حكما بحبس سعيد صالح احتياطى 7 أيام في سجن الحضرة في الإسكندرية 1981وقد كانت هذه أول مرة يُحبس فيها فنان احتياطى على ذمة التحقيق لخروجه على النص، وقد رفضت المحكمة طلب الرد وغرمت سعيد صالح بـ 100 جنيه كغرامة وأسقطت حقه بطلب رد القاضى وأثارت القضية ضجة كبيرة وتنحى القاضى وقتها كونها أصبحت قضية رأي عام وصارت قضية يتناولها كل من هب ودب سواء بعلم أو بجهل كما قال، ثم أصدر القاضى المنتخب لمتابعة القضية عبدالوهاب أبوالخير قرار بالإفراج عن سعيد صالح وبضمان مالى قيمته 100 جنيه وانهار وقتها باكيا بعد الحكم بالإفراج عنه بحسب ما قال بلال فضل في برنامج «الموهوبون في الأرض».
وكانت الفترة التي قضاها في السجن صعبة فكانت غرفته بجانب غرفة المشنقة وأفقده هذا الشهية للطعام وكان يتذكر ابنته هند طوال الوقت ولم يكن معتادا على الصحو باكرا وطلب منهم أن يستثنوه من ذلك غير أنهم رفضوا، ثم صدر الحكم بحبسه لمدة أسبوعين لكن لكونه قضى مدة 17 يوم محبوس احتياطا فقد تم تنزيل المدة.
وقد تبين لاحقا من خلال حوار صحفى أجراه رشاد كامل مع سعيد صالح بشأن القضية أن سبب الحبس لم يكن ما تواتره الناس من قصة الاستهزاء بالرؤساء بل لكونه سخر من شخص نائم خلال المسرحية فقد أوقف العرض وسخر منه ولم يكن يعلم لحظه العاثر أن هذا الرجل النائم هو قاضٍ وأنه سيقف أمامه في يوم فقال «وقعتك سودة يا سعيد.. أقصى عقوبة هاخدها 50 جنيه»، غير أن القاضى أضاف لتقرير الرقابة عبارة منافية للآداب وأنه خلع بنطاله على المسرح، وهذا ما أدخل صالح ضمن المادة 39 للآداب والتى تصل أقصى عقوبة فيها لـ 3 سنوات، لكنه نفى ما قالته الرقابة عنه بأنه خلع بنطاله على المسرح وقال إنه «يحترم جمهوره وقد كان يرتدي سروال فلاحي وليس بنطالًا فقد كان يمثل شخصية فلاح ساذج ولا بد أن يكون للرقابة حدود وذلك كون إدراك الرقيب ووعيه لا يسمح له أن يدرك ما يحدث على المسرح والدراما فيه».
وكان صديقه الفنان عادل إمام توجه بحسن نية إلى منزل القاضي ومعه 3 محامين ليطلب منه الإفراج عن سعيد صالح، فما كان من القاضي محمد بدر إلا أن أنذر الفنان بمغادرة منزله وإلا اتخذ إجراءات قانونية ضده.