افتتحت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، مؤتمر «إعلان نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك وخريطة الفقر 2017- 2018»، برعاية الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وبحضور اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ووزراء المالية، والتضامن الاجتماعي، والتموين، والتجارة الداخلية، والتنمية المحلية، وعدد من المحافظين وممثلي الهيئات والمنظمات المحلية والدولية، وأعضاء مجلس النواب.
وفي بداية كلمتها، أكدت «هالة» أن إعلان نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2017- 2018 يُعد أحد أهم الأبحاث الداعمة لقواعد البيانات الاقتصادية والاجتماعية التي يقدمها بشكل منتظم، ومنذ ما يزيد على ستين عاماً، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، حيث يمثل بحث هذا العام الثالث عشر في سلسلة الأبحاث التي أعدها الجهاز منذ أول بحث قدمه عام 1958- 1959، مشيرة إلى أن البحث كان يُعد بانتظام كل 5 سنوات حتى عام 2008- 2009 عُدلت بعدها دورية إعداده لتكون كل عامين.
وأشارت «هالة» إلى أهمية ما يوفره هذا البحث من بيانات ومؤشرات حول متوسطات دخل وإنفاق واستهلاك الأسر والأفراد ومستويات وأنماط الإنفاق وفقاً للمعايير المختلفة سواء الاقتصادية أو الاجتماعية والديموغرافية، إضافة إلى ما يوفره البحث من بيانات حول مستويات المعيشة ومؤشرات الفقر والبيانات المطلوبة للحسابات القومية في المحافظات والمدن والقرى المصرية.
وأكدت وزيرة التخطيط أن هذا البحث يضع بين أيدينا ولدى واضعي السياسات ومتخذي القرار على كافة المستويات ثروة هائلة من البيانات التي تشخص الواقع، وتساعد على الاستهداف الجغرافي للفجوات التنموية، وتوجيه بوصلة جهود الدولة لمواجهة الفقر بمفهومه الواسع، وإصلاح منظومة الدعم لتحقيق العدالة الاجتماعية، كما يوفر البحث بيانات محدّثة تفتح المجال للخبراء والباحثين للدراسة والتحليل المتخصص والمتعمق لمختلف القطاعات لتقديم التوصيات والحلول التي تدعم جهود الدولة وسعيها لمعالجة المشكلات وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
ولفتت الوزيرة إلى التعاون والتنسيق المتميز خلال إعداد هذا العمل في مراحله المختلفة بين كل من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وكافة الوزارات والمحافظات المختلفة، فهذا الجَهد الجماعي يعكس حالة التكامل والتناغم بين أجهزة الدولة ومؤسساتها، والتي تضع نصب أعينها هدفًا رئيسًا، وهو تحسين مستوى المعيشة والارتقاء بجودة الحياة للمواطن المصري.
وفيما يتعلق بالنتائج والمؤشرات التي توصل إليها بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك، وكذلك مؤشرات خريطة الفقر لعام 2017- 2018، قالت الوزيرة إنه يتم الأخذ بعين الاعتبار الإيجابي منها والسلبي على حد سواء، خاصة مؤشرات متوسط الاستهلاك الفعلي للأسرة المصرية ومتوسط الإنفاق الكلي للأسرة، والتوزيع النسبي للإنفاق/ الاستهلاك الفعلي على الأقسام الرئيسية من طعام وشراب ومسكن وتعليم وصحة وغيرها، وتفاوت هذه النسب بين الريف والحضر، وارتفاع المتوسط السنوي لدخل الأسرة بالأسعار الجارية، وكذلك قيمة هذا المتوسط بأسعار عام 2015 لرصد آثار التضخم على متوسطات الدخل الحقيقية.
وقالت «هالة» إن من المؤشرات والبيانات المهمة التي يستعرضها البحث أيضًا مؤشرات الدعم الغذائي، والتي بلغت نسبتها حوالي 88% لإجمالي الجمهورية، ونسبة مستفيدين من برامج تكافل وكرامة، وتوزيع هذه النسبة على الشرائح الدخلية المختلفة، حيث يستفيد أفقر 10% من السكان بـ28.2% من مخصصات برنامجي تكافل وكرامة، بينما تذهب 70% من هذه المخصصات إلى أفقر 40% من السكان.
وأضافت أنه تحظى مؤشرات الفقر التي يتناولها البحث باهتمام وأولوية قصوى لدى الدولة، فهناك حرص على تناول ظاهرة الفقر ومعالجتها بمنظور شامل لا يقتصر فقط على رصد معدلات الفقر المادي الذي يُقصد به عدم قدرة الفرد على الوفاء بالاحتياجات الأساسية من طعام وملبس ومسكن وتعليم وصحة ومياه نقية، بل نهتم برصد الفقر متعدد الأبعاد، وهو الحرمان من أوجه الحياة الكريمة مثل: الالتحاق بالتعليم والوصول للخدمات الصحية وعدم توافر المسكن الجيد، أي التغير في الجوانب الاجتماعية، بالإضافة إلى الاحتياجات الأساسية.
وأوضحت وزيرة التخطيط أن تلك المؤشرات وغيرها من المؤشرات والبيانات التي تضمنها بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك تمثل ركيزة أساسية للتخطيط التنموي وتوجيه جهود الدولة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، فهناك اهتمام بإتاحة هذه البيانات على نطاق واسع سواء للوزارات المعنية، خاصة وزارات التضامن، والتموين والتجارة الداخلية والتنمية المحلية، أو للمؤسسات العلمية والبحثية المتخصصة في الشأن الاقتصادي والاجتماعي، مؤكدة أنه في الوقت ذاته تسعى الدولة وتكثف جهودها لتعظيم الاستفادة من هذه البيانات في وضع البرامج والخطط التنفيذية، التي تستهدف تحديد الفجوات التنموية وخفض معدلات الفقر وتحسين جودة الحياة للمواطن المصري، فتحظى هذه الأهداف بأولوية قصوى في خطط وبرامج العمل المرحلية التي تنفذها الدولة سواء في إطار رؤية مصر 2030، أو في إطار برامج وخطط الدولة.
وتابعت الوزيرة أنه يتم العمل على تحقيق ذلك وفقًا لعدد من المحاور، منها تعزيز معدلات النمو التصاعدي المستدام، والذي بلغ في عام 18- 2019 نحو 5.6%، وهو أعلى معدل نمو متحقق منذ 11 عامًا، وهو ما انعكس على انخفاض معدل البطالة ليصل إلى أدنى مستوى له 8.1% في الربع الأخير من 18- 2019، مشيرة إلى أن الدولة قامت خلال العام الجاري فقط 18- 2019 بضخ استثمارات عامة مقدارها 460 مليارًا، بنسبة نمو تشكل 49% من الاستثمارات الكلية، وبزيادة قدرها 26% من إجمالي الاستثمارات، البالغة 1 تريليون و1.6 مليار جنيه بنسبة زيادة 25%.
واستطردت الوزيرة أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة يأتي ضمن القطاعات المهمة التي تعوّل عليها الحكومة لاستدامة النمو التصاعدي، حيث تم ضخ حوالي 25 مليار جنيه من خلال جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال الأعوام الأربعة الماضية وفرت حوالى مليون ونصف المليون فرصة عمل، مشيرة إلى ما يقوم به الجهاز حالياً من تنفيذ التعداد الاقتصادي الخامس في مصر، حيث يُعد هذا التعداد الاقتصادي هو الأول الذي يتم في مصر بالنظام الإلكتروني، ويهدف إلى توفير بيانات تفصيلية عن المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وكذلك توفير البيانات عن القطاع غير الرسمي في مصر سواء على مستوى الأنشطة الاقتصادية أو على مستوى المحافظات.
وأشارت «هالة» إلى اتخاذ العديد من إجراءات الحماية الاجتماعية، ومنها زيادة مخصصات الدعم، والتوسع في برنامج تكافل وكرامة، كما اتخذت الدولة العديد من الإجراءات التي تتسق في مجملها مع منظومة الحماية الاجتماعية، ومنها رفع الحد الأدنى للمعاشات والأجور وبدء تطبيق قانون التأمين الصحي الشامل، وإنهاء قوائم الانتظار بالمستشفيات، والتوسع في خدمات الصحة الإنجابية، والتوسع في علاج فيروس سي، وإتاحة برامج إقراض متعددة وذات قواعد ميسرة، والعمل على الانتهاء من تطوير المناطق العشوائية غير الآمنة.
وفى نهاية كلمتها، أوضحت وزيرة التخطيط أن كل هذه المؤشرات وغيرها تعكس اهتمام الدولة بنتائج البحث والحرص الشديد على الاستفادة من هذه الدراسة المهمة حتى نستطيع أن نبني خططنا التنموية على أسس سليمة ونتائج آنية تحقق التنمية الشاملة التي نصبو إليها جميعًا.