أحيت قوى الحراك الشعبى الأردنية الذكرى الأولى لانطلاق مظاهراتهم المطالبة بالإصلاح وإرساء الديمقراطية، وذلك بمشاركة متواضعة من الحركة الإسلامية، وسط تعزيزات أمنية مشددة بالعاصمة عمان، ودون حدوث أى اشتباكات، رغم أجواء الحشد التى سبقت المظاهرات وجعلت الكثيرين يتوقعون صدامات دامية.
ونظم نحو ألفى شخص مسيرة انطلقت من ساحة النخيل وسط عمان الخميس، ووجهت خلالها مجموعات الحراك الشعبى رسائل تحذيرية «مباشرة» إلى رأس النظام الأردنى من المماطلة فى تحقيق الإصلاح، محملة إياه المسؤولية المباشرة عن «محاربة الفساد والإصلاح». وشدد ممثلون عن حراكات محافظات المملكة الشمالية والجنوبية، على «سلمية الحراك وضرورة الاستمرار فيه دون إراقة دماء»، حسب وصفهم، بينما أغلقت قوات الأمن المنطقة طوال فترة الاعتصام الذى استمر نحو 3 ساعات، وسط أجواء من الشحن، بعد أن نقل سياسيون عن جهاز المخابرات معلومات تفيد بأن الإسلاميين والمشاركين بالاعتصام سينتقلون لشعار «الشعب يريد إسقاط النظام»، الأمر الذى نفاه المعتصمون.
من ناحيته، رفض محمد الهواوشة فى كلمة ممثلة عن حراك منطقة «ذيبان» ما وصفه بالمماطلة، وإجراء «حوارات ومسرحيات هزلية» بتقديم بعض الفاسدين للمحاكمة، وأضاف: «نقول اليوم لرأس النظام لقد أصبح بيننا وبينك أزمة ثقة.. ولابد من تقديم ضمانات لتوجهك الحقيقى بالإصلاح ولن نقبل بأقل من إعادة السلطة للشعب»، محذراً من أن الحراك الشعبى سيدفع باتجاه التصعيد ضمن فترة زمنية محددة، ولفت إلى أن الحديث عن تغيير شكل الحراك بالتوجه إلى الميادين العامة ومواقع مؤسسات الدولة «الحساسة» غير مستبعد، بما فى ذلك «تنظيم احتجاجات مفتوحة مع المبيت»، على غرار اعتصام حركة شباب 24 آذار العام الماضى.
فى الوقت ذاته، أكد مجلس شورى جماعة «الإخوان المسلمين» بالأردن أن الحركة متمسكة برؤيتها للإصلاح وبسلمية الحراك، وأدان ما وصفه بحملة «التحشيد والتجييش» ضد الحركة الإسلامية والحراك الشعبى خلال الأسابيع الأخيرة، فيما ترددت أنباء عن خروج مظاهرات فى مدن الطفيلة وإربد والمفرق وشوبك.
وقد جاءت مشاركة «الإخوان المسلمين» فى إحياء المناسبة أقل من المتوقع بحسب مراقبين، على خلفية الهجمة النيابية والسياسية ضد الجماعة مؤخراً، بعد تقديم استعراض منظم لشباب الإخوان الجمعة قبل الماضى فى العاصمة.
وارتكزت مطالبات الحراك الشعبى فى مجملها على استكمال التعديلات الدستورية وتبنى قانون انتخابى معاصر يفرز برلماناً أكثر تمثيلاً للشعب، وإقرار مبدأ تشكيل الحكومات البرلمانية بدلا من حصر تعيين رؤسائها بيد رأس النظام، إضافة إلى فتح ملفات الفساد دون انتقاء، ونالت الرسائل التى أطلقها المتظاهرون فى جزئها الأكبر من جهاز المخابرات، الذى اتهمه المتحدثون بـ«التغول» على جميع السلطات فى البلاد وإعاقة الإصلاح، داعين الجهاز إلى العودة لممارسة دوره الدستورى ووقف تدخلاته فى الحياة العامة.
من جهته، تعهد رئيس الوزراء الأردنى عون الخصاونة بألا تشهد العملية الانتخابية النيابية المقبلة أى تزوير، وأوضح الخصاونة - حسب ما نقله عنه موقع «العربية نت» الإلكترونى - أن العامل الوحيد الذى يحدد موعد إجراء الانتخابات النيابية هو إنشاء الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات، نافيا وجود أى صفقة بين الحكومة ومجلس النواب لتأخير إنجاز قانون الانتخابات، كما نفى الخصاونة أن تكون حكومته «حكومة إنقاذ»، قائلا: «إن البلاد بخير ولا تحتاج إلى إنقاذ».
ويرى مراقبون أن الأوضاع السياسية فى الأردن بدأت تتخذ مساراً متأزماً قابلاً للانفجار، بما يضغط باتجاه ضرورة إجراء «إصلاحات جوهرية» وليست شكلية. ومن ناحيته، حذر الباحث فى مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية الدكتور محمد أبورمان، من «انفلات الأوضاع السياسية فى غياب قرار رسمى موحد، مقابل نقاط ضعف وتباينات فى أجندات المطالبين بالإصلاح».