ما زال موسم الحج فرصة ذهبية للاحتيال على البسطاء من الناس للاستيلاء على أموالهم مقابل وهم تحقيق حلم أداء مناسك الركن الأعظم من الدين الإسلامى. خير دليل على ذلك ترحيل ومنع سفر نحو 600 مواطن مصرى قصدوا الأراضى السعودية للحج ولكن بتأشيرات منحتها لهم سلطات المملكة بغرض السياحة والترفيه وليس للحج إلا أن السماسرة والشركات أقنعت ضحاياهم بصلاحية هذه التأشيرات لأداء مناسك الحج وأغرتهم بأسعار تتراوح بين 50 و100 ألف جنيه، وهى الأقل من السائدة فى السوق، وهو ما اكتشفته السلطات السعودية حين وصولهم أراضيها فقامت بإعادتهم إلى مطار القاهرة على الفور.. القضية متفجرة ويتتابع صداها على كل الأصعدة لما لها من تأثير سلبى كبير على سمعة القطاع السياحى المصرى، فضلا عما سببه من إهدار للمال العام والخاص بالمواطنين الذين ذهب سعيهم هباء، وضاع أملهم فى تأدية الفريضة.
الخبراء والعاملون فى القطاع السياحى بدورهم رفضوا الاتهام وأكدوا أن الشركات السياحية لا يمكنها المشاركة فى ارتكاب هذه الجريمة وطالبوا بتشديد الإجراءات ومحاسبة المتورط فى هذه الأزمة بجزاء رادع لكل من يحاول العبث فى المعايير الرسمية المقررة فى هذا الشأن، كما طالبوا بوضع إطار جديد يواكب التقدم التقنى من خلال بوابة إلكترونية تمكن السلطات المصرية من مراجعة المعايير المقررة لضمان كفاءة الخدمة وأمانها لحجاج بيت الله الحرام وقطع الطريق أمام المحتالين لانتهاز الفرص للنصب على المواطنين بإستغلال حلم أداء المناسك.
وأعلن الدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بالبرلمان أنه تقرر عقد اجتماع الأحد المقبل يحضره كل الوزراء المعنيين لمناقشة المشكلة والوقوف على أسبابها ورصد مظاهرها وتداول مقترحات الحلول العاجلة لها وكذلك الإجراءات الواجب اتخاذها مستقبلا لمنع تكرار معاناة المواطنين فى مواسم الحج المقبلة.
وأضاف العبد أن هناك العديد من الإيجابيات تحققت العام الماضى هى محل عناية اللجنة التشريعية والمسؤولين التنفيذيين وجار العمل على تعظيم هذه الإيجابيات وكذلك تفادى السلبيات التى تم رصدها بالوقوف على أسبابها لسد الثغرات التى تنفذ منها، قائلا إن الجهات التى ارتكبت جرم الاحتيال على الناس بتسهيل حصولهم على تأشيرات سياحة وترفيه وإقناعهم أنها تأشيرات صالحة لأداء مناسك الحج هى جهات محتالة وسوف يتم اتخاذ الإجراء العقابى المناسب والرادع لهم جزاء ما اقترفوه من إفساد الموسم على من تطلع إلى أداء المناسك وبذل فى ذلك كل غالى وتكبد تضحيات كبيرة لقاء أداء فريضة هى الركن الأعظم من أركان الإسلام.
وأكد أن أى مكاسب يمكن تحقيقها بتزوير الأوراق أو تسويق قناعات فاسدة هى مكاسب حرام سوف يجنى صاحبها الندم والألم فى الدنيا والأخرة، مؤكدا أن النظم المصرية قادرة على إعادة الحقوق لأصحابها وأن كل من ارتكب جرم التغرير بالمواطنين لن يفلت بفعلته.
من جانبه، يؤكد ياسر سلطان، عضو اللجنة العليا للحج والعمرة السابق، حتمية تطبيق القانون بصورة حاسمة على كل جهة ساهمت فى حدوث المشكلة، سواء كانت أشخاصا اعتبارية أو طبيعية، وليكن الجزاء عبرة لكل من يفكر فى تجاوز النظم والمعايير المقررة من جانب مؤسسات الدولة المعنية بتأمين مواطنيها وتوفير خدمة أداء مناسك الحج لهم بصورة جيدة وسليمة.
وأوضح أن المواطن البسيط لا يهتم إلا بالحصول على وسيلة هينة وسهلة لأداء المناسك وربما لا يمكن التفرقة بين إجراء وآخر تتخلله وسائل الاحتيال، ومن هنا ياتى دور الوسائل الرقابية القادرة على معايرة الإجراءات ورصد أى تلاعب فيها، كما يرى ياسر سلطان أنه لا يجب توجيه اللوم للسلطات السعودية التى من حقها إتخاذ كل السبل لتنمية مواردها، مضيفا أن التأشيرات المصدرة كانت بغرض اتاحة الفرصة لحضور فعاليات احتفالية تنظمها هيئة الترفيه السعودية «وهذا لا شىء فيه» أما التجاوز والاحتيال فقد قام به سماسرة وشركات أقنعت قاصدى الحج بأنه عليهم الحصول على هذه التأشيرات وأداء المناسك بها وهو أمر غير صحيح وضد القانون بالمملكة السعودية ومنح سلطاتها الحق فى ترحيل المغرر بهم من أراضيها وبدورهم اعتبروا أنها فرصة متاحة لأداء الفريضة بسعر أقل.
وترى إيمان سامى الرئيس الأسبق للجنة السياحة الدينية أن المتورط فى هذه الكارثة جهات لا تقع تحت رقابة وزارة السياحة غالبا ووصفتهم بأنهم سماسرة استطاعوا استغلال ثغرة أتاحتها لهم النظم المعمول بها من جانب السلطات السعودية، فى إصدار تأشيرات أون لاين بغرض السياحة، وتم التلاعب فيها لتبدو أمام قاصدى الحج من المواطنين وسيلة سهلة لأداء المناسك، بعيدا عن رقابة الدولة والنظم المعمول بها فى تفويج الحجاج بالمملكة السعودية، موضحة أنه لا يجب توجيه النقد أو الاتهام لشركات السياحة المصرية معربة عن يقينها أن الشركات بريئة من التورط فى هذه القضية لأنها تحرص على سمعتها ومواكبة النظام وعدم التعرض لمشكلات قانونية مع الدولة.
وطالبت وزارتى السياحة والداخلية بتكثيف الرقابة على فروع الشركات المنتشرة فى ربوع الدولة ورصد تعاملاتها مع السماسرة والتأكد من مشروعية التعاملات وكفاءة البرامج والإجراءات ومعايرتها بما قررته الدولة لتنظيم هذا النشاط، مؤكدة أن هذا لا يكفى لإكتشاف العديد من التجاوزات التى تؤدى إلى وقوع مشاكل يمكن تجنبها بالفعل قبل وقوعها فضلا عن اكتشاف العديد من الأنشطة تتهرب من التزاماتها تجاه الدولة فيما يخص الضرائب والتراخيص وغيرها.
ويتفق معها ناصر تركى عضو الهيئة العليا للحج والعمرة، نائب رئيس اتحاد الغرف السياحية فى عدم الظن بوجود علاقة بين ما حدث وشركات السياحة المصرية المرخص لها رسميا بالعمل فى هذا المجال، موضحا أن ذلك يمثل خطورة على مستقبل الشركة ووضعها القانونى وسمعتها وهى أمور لا تقبل المخاطرة على الإطلاق خاصة فى وجود مرجعية رقابية تخضع لسلطات الدولة، مؤكدا أنه حال ثبوت إدانة أى شركة بتورطها فى التغرير بالمواطنين سوف تواجه بحزم من خلال إجراءات تهدد الابقاء على وجودها فى السوق ولا جدال.
وأكد تركى أن المسؤولية، تقع أولا على المواطن الذى أتاح الفرصة للمحتال لكى يحتال عليه، حيث يعتبر البعض موسم الحج فرصة للاحتيال على الحجاج، من ناحيته، نفى اللواء راضى عبدالمعطى، رئيس جهاز حماية المستهلك تسلم إدارته أى شكوى من المتضررين الذين أعلن عن ترحيلهم من الأراضى السعودية أو منع سفرهم مؤخرا، مؤكدا أنه حال وصولن مثل هذه الشكاوى سوف يتحرك الجهاز فورًا للتحرى عن صدق المعلومات، بالتعاون مع الجهات المعنية واتخاذ ما يلزم من إجراء لمعاقبة من تسببوا فى الإضرار بالمواطنين، وكذلك العمل على تعويض المتضررين حسبما تقتضيه القواعد المعمول بها فى هذا الشأن.