عقد المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، ندوة تحت عنوان «الطلاق المبكر ظاهرة تؤرق المجتمع»، وذلك لإعلان نتائج البحث الذي أجراه المركز حول أسباب الطلاق المبكر في المجتمع المصرى والتداعيات وكيفية المواجهة، بحضور الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، والدكتورة سعاد عبدالرحيم مديرة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، وعمرو عثمان مساعد وزيرة التضامن مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، والخبراء في هذا المجال وممثلو الوزارات والجهات المعنية.
وقالت الدكتورة سعاد عبدالرحيم، مديرة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن برنامج الندوة يستعرض أهم نتائج البحث، من حيث الأسباب والدوافع الخاصة بالطلاق المبكر وكذلك التداعيات الاجتماعية والنفسية له، وكيفية سبل مواجهة الطلاق في مصر، لافتة إلى أن مشكلة الطلاق المبكر هي إحدى المشاكل الاجتماعية التي يعانى منها المجتمع خاصة في ظل ارتفاع معدلات الطلاق في الفترة الأخيرة.
من جهته، ذكر الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن «دار الإفتاء تتلقى من 4200 إلى 4800 حالة فتوى شهريا متعلقة بالطلاق الشفوي، ﻭإنه بفحص هذه الحالات نجد أن منها مثلا 4 حالات هي من وقع لها الطلاق بالفعل، وننصحهم باللجوء للمأذون لتوثيق الطلاق».
وأضاف «علام» أن «النسب التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء والمسجلة بالفعل حول حالات الطلاق مزعجة، وهذا يدل على أن هناك غياب تام لثقافة حماية الأسرة، والوعي الأسري»، مشيرا إلى أنه «على الرغم من تسجيل 800 ألف حالة زواج سنويا إلا أن الطلاق يعد قضية أمن قومي بسبب النسب العالية التي يتم رصدها سنويا في الطلاق بشكل عام، وفي الطلاق المبكر بشكل خاص والذى يقع في السنوات الأولى من الزواج»، مناشدا بضرورة تكاتف مختلف المؤسسات لإيجاد الحلول وغرس ثقافة حماية الأسرة، لافتا إلى أن التشريع الإسلامي قصد حماية الأسرة.
فيما أشار عمرو عثمان، مساعد وزيرة التضامن الاجتماعى مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، إلى أنه تم الاتفاق مع المجلس الأعلى للجامعات على تعميم برنامح «مودة» على طلاب الجماعات اعتبارا من العام الدراسى المقبل والخاص بمفهوم التربية الأسرية الإيجابية والجوانب الاجتماعية في العلاقات الأسرية والجوانب الصحية والطبية شرطا للتخرج، لافتا إلى أنه تم الانتهاء من تدريب 21 ألف شاب وفتاة في إطار المشروع القومى لتوعية الشباب المقبلين على الزواج «مودة» بمحافظات القاهرة الإسكندرية وبورسعيد كمرحلة تجريبية للمشروع للوقوف على الإيجابيات ومعرفة التحديات.
وأضاف «عثمان»، في الكلمة التي ألقاها نيابة عن غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعي، أن برنامج «مودة» جاء تنفيذا لتكليفات رئيس الجمهورية لوزارة التضامن للتعامل مع ارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع المصري والتوجيه بإعداد مشروع متكامل يهدف إلى حماية كيان الأسرة المصرية، من خلال تدعيم الشباب المقبل على الزواج بالخبرات والمعارف اللازمة لتكوين الأسرة، وتطوير آليات الدعم والإرشاد الأسرى، من بينها أسس اختيار شريك الحياة، وحقوق وواجبات الزوجين، والمشكلات الزوجية والاقتصادية للأسرة، وكيفية إدارتها وكذا الصحة الإنجابية بما يساعد في خفض معدلات الطلاق، في ضوء الارتفاع المضطرد الذي شهدته السنوات الأخيرة في أعداد حالات الطلاق وخصوصاً بين حديثى الزواج ﻭأنه تم الإطلاق على الممارسات الدولية والوطنية لتصميم البرنامج.
وأوضح أن المشروع يستهدف أكثر من 900 ألف شاب سنويا في الفئة العمرية ما بين 18 إلى 25 عاماً، وهم غالبا طلبة الجامعات والمعاهد العليا، كما يندرج تحت هذه الفئات المستهدفة المجندون بوزارة الدفاع والداخلية، إضافة إلى المكلفين بالخدمة العامة من الشباب والتي تشرف عليهم وزارة التضامن الاجتماعي ويبلغ عددهم يقرب 40 ألف مكلف بالخدمة العامة سنوياً، كما يستهدف المشروع المتزوجين المترددين على مكاتب تسوية النزاعات التابع لوزارة العدل على مستوى الجمهورية، كما تعمل وزارة التضامن الاجتماعي في مشروع «مودة» على إعداد برنامج تدريبي إلزامي للفئات المقبلة على الزواج، كما صدر قرار وزارة العدل بتشكيل لجنة لتفعيل مكاتب تسوية المنازعات بمحاكم الاسرة وتدريب الاخصائيين العاملين بها على حل النزاعات الأسرية قبل تصعيدها للتقاضى على أن يبدأ التنفيذ في أكتوبر 2019.
واستعرض الدكتور وليد رشاد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، نتائج البحث التي أجراه المركز عن أسباب الطلاق المبكر وتداعياته من خلال إجراء الدراسة على عينة، حيث أن المشكلات تبدأ من فترة التعارف والخطوبة وحتى بعد الزواج مشكلات فترة التعارف والخطوبة، وأوضحت النتائج أن النسبة الأكبر تعارفت عن طريق الأهل الزوراء بواقع 44% من الحالات، و24% من الحالات ذهبت إلى أنهم تعارفوا عن طريق العمل والمصادفة، و18% من حالات الدراسة التأكيد على أنهم تعارفوا من خلال الجيران، في حين أكدت 14% من الحالات أنهم تعارفوا عن طريق الأصدقاء والمعارف، كما اتضح من خلال النتائج أن النسبة الأكبر كانت مدة الخطوبة أقل من 6 شهور بواقع 32% من الحالات، وفى نفس الوقت الأكثر من 6 شهور إلى عام بلغت 23% من الحالات، وعند جمع النسبتين نجد أن أكثر من نصف حالات الدراسة لم تتخطى الخطوبة سنة.
وأكدت نتائج البحث أن 30 %من الحالات كانت فترة الخطوبة تتراوح ما بين عام إلى عامين، ونسبة قليلة تجاوزت السنتين بواقع 15% من حالات البحث كما اتضح من خلال النتائج أن النسبة الأكبر من الأسر كانت موافقة على الخطوبة حيث ذهب إلى ذلك نحو87% من الحالات أن أسرهم كانت موافقة على الخطوبة، وتشير النتائج إلى أن عدد قليل من الأسر بواقع 13% من الأسر كانوا غير موافقين أو متحفظين على الزواج، كما أشارت النتائج إلى أن العدد الأكبر من الحالات أكد على أهمية المحددات الأخلاقية في الاختيار، فقد أكد 80% من الحالات إلى ذلك.
وكشف البحث أن 19% من حالات الدراسة أشارت إلى أن أهم محددات الاختيار تتمثل في العائلة والنسب، وأعطت 13 حالة من الحالات الميدانية اعتبار للحب والرومانسية على اعتبار أنهما من محددات الزواج، بينما أكدت 12% من الحالات على أهمية المظهر كأحد محددات الاختيار الزواجى، وأعطت تسع حالات اعتبار هام للمحددات المادية للاختيار للزواجي وأشارت 7% من الحالات أنها لم يكن لديها معايير للاختيار ومنهم من أجبر على الزواج كما تبين من خلال النتائج أن هناك 37% من حالات الدراسة الميدانية أقرت بوجود مشكلات مرتبطة بالخطوبة، وبسؤال الحالات عن طبيعة المشكلات اتضح أن العدد الأكبر من الحالات أشار إلى اختلاف الطباع بين الطرفين، وذلك بواقع 29% من الحالات، في حين أشارت إلى أن 7% من الحالات إلى تدخل الأهل في الخطوبة، وأن هذا التدخل أثر على الخطوبة وعلى الحياة الزوجية برمتها، و3% من الحالات كشفت أن المشكلات الاقتصادية كانت أهم مشكلات فترة الخطوبة.
وحول دوافع الطلاق المبكر وأسبابه، حيث كانت من الأهداف الأساسية للبحث الوقوف على أهم الأسباب الدافعة للطلاق المبكر، حيث اتضح من خلال النتائج أن أعلى معدل لاستمرار الحياة الزوجية في حالات الدراسة بلغ ما بين 4 إلى 5 سنوات لعدد 28% من الحالات، في حين أن عدد الحالات التي استمر زواجها عاماً واحداً بلغ 20% من الحالات، وأن عدد الحالات التي استمر زواجها عامين بلغت أيضا 20% من حالات البحث، كما تبين أن هناك 18% من الحالات استمر زواجهما لمدة ثلاث سنوات.
واحتل تدخل الأهل المرتبة الأولى في الانهيار المبكر للأسر فجاء أن السبب الأول للطلاق تمثل في تدخل أهل الزوج والزوجة في شؤون الأسرة كما اتضح من خلال النتائج أن الأسرة المنتهية بالطلاق تعيش قريبة من منزل العائلة أو أسرة التوجيه بواقع 88% من الحالات، في حين أن هناك 22% من الحالات يعيشون في منزل العائلة، وبجمع النسبتين نجد أن 60% يعيشون في علاقات مباشرة بأسرة التوجيه.
وكشفت نتائج البحث أن هناك 25% من الحالات عانت من مشكلات مرتبطة بالإنجاب يتعلق الجانب الأول منها بمشكلة عدم قدرة أحد الطرفين على الإنجاب وفى نفس السياق نجد أن ثمة مشاكل مرتبطة بعدم الرغبة في الإنجاب وهذا ما بدا من خلال خمس حالات واتضح من خلال النتائج أن هناك 23% من حالات البحث أشاروا إلى أن ثمة اختلافات وفروق ثقافية بينهما، وهو الأمر الذي أدى إلى عدم التفاهم بينهما.
وبالنسبة للإنترنت والانفصال العاطفى المؤدى للطلاق، لعب الإنترنت – ولايزال- دورا أساسيا في العلاقة بين الزوجين، وقد تسبب في العديد من المشكلات الزوجية كما أدى فتح باب للخيانة الزوجية، في هذا الإطار حاول البحث الراهن التركيز على هذا المتغير كأحد أسباب الطلاق تبين من خلال نتائج الحالات الميدانية أن الإنترنت لعب دوره في التأثير على الحوار الأسري، حيث أشار إلى ذلك 27 % من حالات الدراسة الميدانية وأن هناك 15% من الحالات أشارت إلى حدوث خيانة زوجية من خلال الإنترنت، 12% منهم متعلقين بالأزواج و3% بالزوجات، وأن هناك 27% من الحالات الميدانية أشارت إلى أن الإنترنت لعب دوره في الانفصال العاطفى بين الزوجين.