«أهداف الثورة لم تتحقق بعد» عبارة وجهها راشد الغنوشى، رئيس حركة النهضة الإسلامية فى تونس، فى رسالة للشعب معلناً فيها انسحابه من مجلس حماية الثورة لأنه يمارس الوصاية على الأغلبية، مُحذراً من تأجيل جديد للانتخابات المقررة فى 23 أكتوبر المقبل بعد أن كانت مقررة فى مايو الماضى، ليزيد من حالة الاستقطاب والانقسام التى تعيشها تونس منذ ثورة الياسمين فى يناير الماضى.
فالمشهد السياسى ينزلق سريعاً نحو الاستقطاب الثنائى بين مشروع تمثله حركة النهضة الإسلامية ومشروع تمثله قوى اليسار والنخبة، فيما تتسم العملية الديمقراطية بحالة من الضبابية فى ظل الصراع بين تلك القوى على ترتيب الأولويات بين إجراء الانتخابات وبأى طريقة، وأسلوب الحكم رئاسى أم برلمانى أم خليط بينهما، ومتى سيتم إعداد الدستور، وذلك فى جدل متطابق مع ما يجرى فى مصر.
ففيما أعلن رئيس الوزراء التونسى الباجى قائد السبسى، أنه عازم على إقرار دستور جديد لتونس خلال الأشهر الـ6 التى ستلى انتخاب المجلس التأسيسى (البرلمان) فى أكتوبر المقبل، أى خلال الفصل الأول من عام 2012، مؤكداً أن مهمة المجلس هى صياغة دستور جديد للبلاد ورسم ملامح النظام السياسى فى المستقبل، قال رئيس حركة النهضة الإسلامية ان الحركة انسحبت نهائياً من مجلس حماية الثورة لأنه يمارس الوصاية،
وتقول حركة النهضة إن الجماعات اليسارية والعلمانية التى تسيطر على مجلس حماية الثورة تضع مسودات تشريعات تتعلق بالإعلام والأحزاب السياسية قبل انتخابات أكتوبر دون طرحها للتصويت. وبجانب التجاذب السياسى يتصاعد فى تونس جدال حول حرية المبدع بعد الثورة وحدودها، حيث أعادت حادثة هجوم على قاعة للسينما الأحد الماضى فى قلب العاصمة وتهشيم جميع محتوياتها من قبل بعض الشباب الصراع بين العلمانيين والإسلاميين فى تونس. وتأتى هذه الحادثة التى وجهت بعض الأطراف فيها أصابع الاتهام للسلفيين وتحديدا حزب «التحرير» المحظور الذى يدعو لتأسيس إمارة إسلامية فى إطار تظاهرة فنية نظمها بعض المبدعين ورفعوا لها شعار «ارفعوا أيديكم عن مبدعينا». وتضمنت عرض بعض الأفلام من بينها فيلم مثير للجدل لمخرجة تونسية تدعى نادية الفانى أعلنت صراحة عبر محطة تليفزيونية تونسية إلحادها وعدم إيمانها بالله وجسدت ذلك فى شريطها «لا ربى ولا شى».
جاء ذلك فيما يعتصم حوالى 50 متظاهراً، من الغيورين على ثورة يخافون أن تُصادر منهم، منذ نحو أسبوع فى ساحة حقوق الإنسان فى العاصمة التونسية، لتأكيد حرصهم على «حماية الثورة واستمرارها» فى تظاهرة أطلقوا عليها اسم «اعتصام المصير». وقالت سنيا الشرميتى، التى تشارك فى الاعتصام منذ بدايته فى 15 يونيو الماضى: «نحن فقراء وليست لدينا إمكانات لعقد مؤتمرات صحفية فى الفنادق كما تفعل الأحزاب، وبالتالى فإننا نرابط هنا فى الساحة العامة».