أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز النفاذ يعد علامة فارقة في مسيرة الاندماج الإقليمى في القارة الأفريقية وامتدادًا طبيعيا للعمل المشترك في هذا المجال على مدى عقود من الزمن بدءًا من تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963 ومرورًا بخطة عمل لاجوس عام 1980 ومعاهدة أبوجا لإنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية عام 1991 وصولًا إلى دخول الاتفاقية حيز النفاذ في 30 مايو 2019.
وقال السيسى، في كلمته أمام افتتاح القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي بنيامي، الأحد، إن نجاح منطقة التجارة الحرة القارية هو الاختبار الحقيقى لتحقيق طفرة اقتصادية تلبى تطلعات الشعوب الأفريقية في العيش الكريم الآمن وتعزز من موقف إفريقيا التفاوضى في المحافل الاقتصادية والسياسية الدولية ومن ثم تضمن موقعًا جديدًا للقارة السمراء على خريطة الاقتصاد العالمى مما يرفع من مكانتها، داعيًا كافة الدول الأعضاء للتصديق على اتفاق التجارة الحرة، لأنه كلما زادت أعداد الدول الموقعة والمنفذة للاتفاق زادت المنافع المتولدة عن تحرير التجارة وعائدها على شعوبنا الأفريقية.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس السيسي:
السيدات والسادة، أصحاب الجلالة والفخامة والمعالى.. ملوك ورؤساء الدول والحكومات الأفريقية، السيد موسى فقيه محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى، السيدات والسادة رؤساء الوفود، الحضور الكريم، أود في البداية أن أعرب عن التقدير لأخى العزيز الرئيس محمدو إيسوفو، على حفاوة الضيافة وحسن التنظيم من قبل دولة النيجر الشقيقة، فضلاً عن الجهود التي يبذلها سيادته في إطار ريادته لاتفاقية التجارة الحرة القارية، ومثابرته لدفع الاتفاقية للأمام، مما أثمر عن دخولها حيز النفاذ في 30 مايو الماضى، كما أتوجه بالشكر للسيد موسى فقيه محمد، رئيس المفوضية وأعضاء المفوضية على ما يتم بذله من جهد في هذا الشأن.
الأخوة والأخوات، نستحق أن نهنئ أنفسنا على هذا الإنجاز الكبير الذي تم تحقيقه بفضل إرادة الدول الأفريقية، وإيمانها برؤية الآباء المؤسسين، ومساعيها الدؤوبة لتحقيق مستقبل مشرق لقارتنا الحبيبة وشعوبها العريقة، فلقد قطعنا بالفعل شوطاً طويلاً على مسار أجندة الاتحاد الأفريقى 2063، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والنهوض بالقارة الأفريقية، وأصبحنا على الطريق الصحيح نحو حقبة جديدة واعدة تتسم بالتنمية والتقدم بدلاً من الركود الاقتصادى والنزاعات.
ويعد دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز النفاذ علامة فارقة في مسيرة الاندماج الإقليمى في القـارة، وامتدادًا طبيعيـًا للعمل الأفريقى المشتـرك في هذا المجال على مدى عقود من الزمن، بدءًا من تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963، مرورًا بخطة عمل لاجوس عام 1980، ومعاهدة أبوجا لإنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية عام 1991، وصولاً إلى دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز النفاذ في 30 مايو 2019.
السيدات والسادة، إننا على مشارف تفعيل أحد أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم بحيث تضم ما يقرب من 1.2 مليار نسمة وناتج محلى إجمالى يقدر بحوالى 3.4 تريليون دولار، ومع اعتزازنا بهذا الإنجاز الكبير، علينا أن ندرك أن الطريق مازال طويلاً لتطبيق الاتفاقية على أرض الواقع وجنى ثمارها الواعدة، ومن أهمها رفع معدل التجارة البينية الأفريقية والذى يقدر بحوالى 15% فقط حاليًا، وتحقيق التكامل الإنتاجى والصناعى، مما يتطلب المزيد من الجهد والمثابرة لتحرير التجارة في السلع والخدمات، وتوفير الضمانات التجارية اللازمة، وخلق البيئة الاستثمارية المواتية، واستكمال مفاوضات المرحلة الثانية في هذا الإطار، قاصدين بذلك تحقيق أهداف الاتفاقية الطموحة وتلبية التطلعات المشروعة لشعوبنا العريقة في التنمية والتقدم والرقى.
لهذا، لا يسعنى إلا أن أؤكد أهمية هذه القمة الاستثنائية، فبجانب احتفالنا اليوم بإطلاق منطقة التجارة الحرة القارية، سنعمل على بحث التصور المتعلق بالمرحلة التنفيذية والتشغيلية بهدف تعزيز التجارة البينيـة، وإزالة الحواجز والمعوقـات الجمركيــة وغير الجمركية، مع استعراض التقدم المحرز في المفاوضات التجارية التكميلية، بهدف إصدار التوجيهات اللازمة للتغلب على المعوقات التي تواجهنا في مسارنا نحو تحقيق أهداف الاتفاقية، وسيشهد اليوم إطلاق نظام المقاصة والمدفوعات الإلكترونية الذي نأمل جميعاً أن يحدث نقلة نوعية في معدلات التبادل التجارى البينى.
أصحاب الجلالة والفخامة والدولة، في ذات الإطار، يتعين علينا كذلك تعزيز التواصل مع القطاع الخاص ومجتمع رجال الأعمال والمجتمع المدنى، للتعرف على تطلعاتهم والاستفادة من خبراتهم ومعالجة المعوقات التي يواجهونها في الميدان، تمهيدًا للخروج بتوصيات ومخرجات قابلة للتنفيذ تمكننا نحن رؤساء الدول والحكومات من توفير الضمانات اللازمة لاحتضان رواد الأعمال الأفارقة ودعم الصناعات المحلية والاستراتيجية الأفريقية، كما لا ينبغى أن نغفل أهمية الاستثمار في أهم مورد تمتلكه القارة، وهم الشباب الأفريقى رجالاً ونساءً بالتساوى، والذين نعول عليهم كثيرًا لاستكمال المسيرة وتحويل حلم الجماعة الاقتصادية الأفريقية إلى واقع، متزودين بحماسهم وإبداعهم وطاقاتـهم الخلاقة.
كما أن الارتقاء بشبكة البنية التحتية الأفريقية أمر لا بد منه لنجاح الاتفاقية باعتباره ضرورة حتمية لأية تجربة ناجحة للتكامل إقليمى، وهو ما نبتغيه في قارتنا العظيمة، فعبرها ستنساب حركة السلع والخدمات والاتصالات والبيانات والأفراد، وتقل تكلفة التجارة والاستثمار مما يحفـز المزيـد من النمــو ويصب بشكل مباشر في تحقيق مهمتنا الرئيسية وهى النهوض بمستوى معيشة المواطن الأفريقى، ومن هذا المنطلق، نتطلع نحو الإسراع بمعدل تنفيذ برنامج تنمية البنية التحتية في إفريقيا PIDA بمراحله المختلفة نظرًا لدوره الهام في سد الفجوات التي يحتاجها مشروع التكامل الاقتصادى الأفريقى.
الحضور الكريم، إن أفريقيا اليوم محط أنظار العالم، ونجاح منطقة التجارة الحرة القارية هو الاختبار الحقيقى لتحقيق طفرة اقتصادية تلبى تطلعات شعوبنا في العيش الكريم الآمن، وتعزز من موقفنا التفاوضى في المحافل الاقتصادية والسياسية الدولية، ومن ثم تضمن موقعًا جديدًا للقارة الأفريقية على خريطة الاقتصاد العالمى، مما يرفع من مكانة أفريقيا التي لطالما كافح آباؤنا المؤسسون للحفاظ عليها والارتقاء بها، ويجعل من منطقة التجارة الحرة القارية بمثابة السفينة التي تحمل معها جميع الدول الأفريقية دون استثناء نحو تحقيق المنفعة المشتركة.
ومن هذا المنطلق، أود أن أدعو كافة الدول الأعضاء للتصديق على اتفاق التجارة الحرة القارية، فكلما زادت أعداد الدول الموقعة والمنفذة للاتفاق زادت المنافع المتولدة عن تحرير التجارة وعائدها على شعوبنا الأفريقية .
السيدات والسادة، أود أن أختتم كلمتى بتأكيد حرصى كرئيس للاتحاد الإفريقى على الخروج من اجتماعنا اليوم بنتائج ملموسة تعطى دفعة حقيقية لبدء سريان اتفاقية التجارة الحرة القارية، وتنقلنا من مرحلة البناء المؤسسى إلى ميدان العمل الفعلى.
كما أجدد شكرى لأخى الرئيس محمدو إيسوفو، وأخى موسى فقيه، ولكم جميعًا أصحاب الجلالة والفخامة والدولة، وأعلن افتتاح أعمال قمتنا الاستثنائية.