مسؤول سابق: الحكومة استخدمت ورقة التصدير فى إطار «الغاز مقابل السلام»

كتب: مصباح قطب, لبنى صلاح الدين الثلاثاء 28-06-2011 21:39

قال المهندس عبدالخالق عياد، رئيس الهيئة العامة للبترول الأسبق، فى الفترة من عام 1996 حتى أبريل 2000، إن من حق الشركات الأجنبية التى تعمل فى مجال التنقيب عن البترول تصدير حصتها لمن تشاء، استناداً إلى قانون الاتفاقيات البترولية.


أضاف «عياد» رداً على ما نشرته «المصرى اليوم» أمس، حول مساهمته فى التفاوض مع شركة «أموكو» (شركة.بى.بى البريطانية حالياً)، والشركة الدولية (شركة إينى الإيطالية حالياً) لتصدير فائض حصتهما إلى إسرائيل والأردن، أنه نظرا لأن الجهة التى كانوا سيصدرون لها هى دولة لها وضعها الخاص والحساس فى العلاقة مع مصر، فإن قطاع البترول حرص على أن تكون المراسلات والاجتماعات معلومة مسبقا لكل الجهات المعنية والسيادية، مشيراً إلى أن هذا ما تؤكده الخطابات التى نشرتها الجريدة، خاصة الاجتماع الذى عقد فى العاصمة الفرنسية باريس، وحضره رؤساء الشركتين الأجنبيتين، ورئيس هيئة كهرباء إسرائيل.


وتابع «عياد»، فى حواره مع «المصرى اليوم»، عبر البريد الإلكترونى نظرا لتواجده فى لندن للعلاج، أنه حضر هذا الاجتماع بصفته الوظيفية كرئيس للهيئة، وبعلم جهاز الأمن القومى، ووزارة البترول، ووزارة الخارجية ممثلة فى السفير على ماهر، سفير مصر فى باريس فى ذلك الوقت، وأضاف: «اقتصر دورى على إظهار عدم ممانعة الهيئة فى أن تصدر الشركات الأجنبية نصيبها فى الإنتاج إذا لم تستخدمه مصر، وهو ما تم ذكره بكل الوضوح فى البروتوكول الموقع بين الأطراف المجتمعة، وأحيطت به كل الجهات الحكومية والرسمية، أما الإيحاء بأن هذا الرأى يتعلق بقناعة شخصية، فهذا لا يليق، ولم يكن، ولن يصح إطلاقا أن يكون رأى رئيس الهيئة الشخصى ملزما لوزير، أو حكومة، أو أى جهة أخرى ترى غير ذلك، كما أن أعلى سلطة قانونية لإدارة هيئة البترول وفقا للقانون هى مجلس إدارتها، وليس رئيسها».


وأكد «عياد» أن دور الوزارة، والوزير حمدى البنبى، خلال التسعينيات فيما يخص ملف تصدير الغاز، اقتصر على تنفيذ الدور المطلوب بأمانة ومسؤولية وهو «القول بلا فعل»، و«إظهار الحماس دون نية الدخول إلى الميدان» إلا بعمل يحقق لمصر المنفعة، أو تلقى أوامر صريحة ورسمية من مؤسسات الدولة التى تملك حق فرض القرار السياسى على الوزارة، وبالتالى على الهيئة، مع مسؤولية الوزارة عن القرار الفنى، وإذا كان هناك هدف فإنه يحق فقط لتلك الجهات ألا تعلنه».


وقال «عياد»، رداً على سؤال حول إبداء موافقته من خلال المخاطبات التى تم نشرها على مبدأ التصدير لإسرائيل، إن مبدأ التصدير من عدمه ليس قرار رئيس الهيئة، موضحاً أن من بين أهداف الهيئة والوزارة تعظيم الثروة البترولية للاستهلاك المحلى أولاً، ثم التصدير إذا كان هناك فائض، مؤكداً أن التصدير كان قراراً للهيئة وليس لرئيسها، وأن القرار له لوائحه ونظامه وقوانينه، وليس من ضمن اختصاصات رئيس الهيئة إبداء الرأى بالموافقة أو الرفض على تصدير أى منتج بترولى، سواء كان زيتاً أو غازاً، لدولة ما ومنعه عن دولة أخرى، لأن تصدير أى منتج يتم بالمزايدة، وموافقة لجان مختصة وبأسعار تنافسية.


وأوضح «عياد» أن استخدام الحكومة فى ذلك الوقت لورقة تصدير الغاز، وتحديدا من عام 1995 حتى أواخر 1996، قبل توليه رئاسة الهيئة، جاء فى إطار ما سماه «الغاز مقابل السلام»، لافتاً إلى أنه كان هناك شعور عميق وصادق بأن منطقة الشرق الأوسط على أعتاب «سلام تاريخى»، وكانت الصيغة التى بُنى عليها هذا التوجه هى ما سماه شيمون بيريز «التعاون الاقتصادى الإقليمى للشرق الأوسط»، من خلال دعم المصالح الاقتصادية المشتركة، لاستمرار السلام، مشيراً إلى أن مصر وفلسطين كانتا من أكبر المتحمسين للفكرة، وكان من المقرر أن يمر خط الغاز بفلسطين أولاً، وقد تبرعت شركة «إينى» فى ذلك الوقت بإنشاء محطة كهرباء فى غزة بموافقة الإسرائيليين.


وأضاف «عياد»: «من هذا المنطلق وجدت الدولة أن التحركات السياسية فى الفترة المذكورة مناسبة للسماح للشركات الأجنبية بأن تجد مستورداً لحصتها فى الإنتاج إذا لم يستخدم الغاز محلياً، وبالفعل نشطت الشركات الأجنبية المنتجة للغاز فى مصر فى عدة محاور لتصدير الغاز الفائض إلى إسرائيل، وتركيا، والأردن، وإيطاليا، عبر توقيع مذكرات تفاهم مع جهات فى تلك الدول وعقود مبدئية، والتى أعلن عنها فى وقتها، واقتصر دور هيئة البترول فيها، طبقاً لقانون الاتفاقيات البترولية، على مباركة هذه الجهود وعدم الاعتراض عليها، طالما كان المصدر فائضاً ومن حصص الشركات وبالأسعار التى تراها مناسبة لها، لكن بعد ذلك بدا وكأن حكومات إسرائيل تراجعت عن تعهداتها السياسية، ولوح الصقور بالعنف والقسوة، وفى النصف الأول من عام 1999 أغلقت هيئة البترول ووزارة البترول الملفات الخاصة بتصدير حصص الشركاء الأجانب من الغاز، وتم إخطار شركائنا بذلك».


وتابع «عياد»: «تركت منصبى فى الهيئة فى النصف الأول من أبريل 2000، ولم أكن قد وقعت أى عقد لتصدير غاز مصرى، أو حصة مصر من الغاز إلى إسرائيل أو غيرها، وكان كل من عمل معى فى تلك الفترة، وكل من تحاور معى خلال الـ10 سنوات الماضية سمع منى ما يلى: «نصيب مصر من الغاز لا يفى باستهلاكها، ولا يمكن التعاقد على بيع غاز تحت الأرض (احتياطى) وإنما البيع يكون لإنتاج مخطط ومعروف متى يبدأ وكيف ينتهى، ومن مصلحة مصر استخدام الغاز وتصدير البترول وليس العكس».


ووصف «عياد» ما نُشر حول مخاطبته رئيس شركة كهرباء إسرائيل بكلمة عزيزى (Dear) بأنه نكتة، لأنها من آداب المراسلات الرسمية فى أى مخاطبات باللغة الإنجليزية، مشيراً إلى من يتندر بهذه الكلمة ينسى أن رئيس الهيئة لم يرسل خطاباً شخصياً، لكنه كان يمثل هيئة كبيرة مصرية محترمة لها مكانتها العالمية، وشعباً اشتهر بآداب الحوار.


وأضاف «عياد»، تعليقاً على ما نشر أمس،: «ما دخل المفاوضات الأولى للتصدير التى لم تسفر عن أى اتفاق أو تعاقد حتى نهاية عام 1999 بقضية تصدير الغاز المنظورة الآن أمام القضاء، وبها اتهامات محددة بناءً على وثائق رسمية موقعة من أصحابها، وهذه القضية لا علاقة لها بعلاقة مصر ببلدان الجوار، وإنما هى قضية مخالفة للقانون، وعدم اتباع الأسس السليمة فى التعاقد مع من اشترى حصة مصر من الغاز، الأمر الذى أضر بأموال هيئة البترول والدولة، وهذا حدث بعلم وموافقة الوزير المسؤول ومجلس الوزراء وقت التعاقد فى 14 سبتمبر 2000».