مقتل شاب إثيوبي يشعل انتفاضة يهود «الفلاشا» فى إسرائيل

كتب: عنتر فرحات الخميس 04-07-2019 21:11

أثار مقتل شاب إثيوبى على يد شرطى إسرائيلى لم يكن فى مهمة عمل، غضبا عارما فى أوساط اليهود الإسرائيليين من ذوى الأصول الإثيوبية، وواصلت الجالية الإثيوبية احتجاجاتها خلال الأيام الماضية فى مظاهرات تنديدا بالعنصرية الممنهجة ضدهم، فى حيفا ومدن أخرى، وترافقت الاحتجاجات بأعمال عنف وأشعل المحتجون النار فى الإطارات وقطعوا الطرقات فى عدة مدن وهاجموا قوات الشرطة، رفضا للعنصرية والتهميش بحقهم من جانب الحكومة الإسرائيلية، فيما دعا القادة الإسرائيليون إلى التهدئة.

وقُتل سالمون تيكا، 19 عاما، مساء الأحد الماضى، فى بلدة كريات حاييم شمال حيفا، برصاص ضابط شرطة ادعى أن الشاب توجه نحوه مسرعا وحاملا سكينا، وشاركت حشود كبيرة من يهود «الفلاشا» فى مظاهرات ضخمة ومتواصلة منذ الاثنين الماضى، ووجهوا اتهامات جديدة بالعنصرية لحكومتهم إثر الحادث، وأغلقوا طرقات رئيسية فى أنحاء البلاد وأشعلوا إطارات السيارات، وانتقلت الاحتجاجات من حيفا إلى تل أبيب والقدس، وقام المتظاهرون بإشعال النيران فى سيارات الشرطة ومهاجمة قوات الأمن، وإثارة الفوضى، وردت الشرطة بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، وفقا لصحيفة «إسرائيل هايوم» العبرية، وأعلنت الشرطة أنها اعتقلت 136 شخصا، وأن 111 ضابطا أصيبوا بجروح وألقيت عليهم الحجارة والزجاجات والقنابل الحارقة.

وقال رئيس الطائفة الإثيوبية: «إننا لم نأت إلى إسرائيل ليقتلوا أبناءنا، لقد دفعنا ثمنا غاليا للمجىء إلى إسرائيل»، وأضاف: «أتمنى أن يكون (سالمون) هو الضحية الأخيرة لصراع العنف بين الطرفين»، وأكد ضرورة محاسبة الشرطى المتورط، وأضاف: «إذا كان قضاة المحكمة يحكمون بالعدل لماذا قاموا بالإفراج عن المتهم؟».

وأعلن المتحدث باسم الشرطة ميكى روزنفيلد: «بعد ليلة من الاحتجاجات العنيفة، أصيب 3 ضباط، وكان هناك 1000 شخص عند مركز شرطة كريات حاييم»، وأضاف: «حاول المتظاهرون اقتحام مبنى الشرطة وألقوا الحجارة والزجاجات وأطلقوا المفرقعات النارية»، وذكرت الشرطة أن المتظاهرين قاموا بإغلاق الطرق والتقاطعات الرئيسية فى شمال البلاد وجنوبها، وأضاف روزنفيلد أن «الشرطة تحدثت مع زعماء الجالية الإثيوبية لتهدئة الوضع»، فى حين اعتبرت وسائل إعلام عبرية أن الشرطة تعمدت عدم التصعيد تجنبا لإثارة المشاعر.

وفى البداية كانت الشرطة زعمت أن الضابط رأى اقتتالا بين الشبان وحاول الفصل بينهم، وأضافت فى بيان: «بعد أن عرّف الضابط نفسه بدأ الشبان يلقون الحجارة عليه، وقام الشرطى بإطلاق النار بعدما شعر أن حياته فى خطر»، إلا أن وسائل إعلام إسرائيلية قالت: «إن الشبان الآخرين وأحد المارة نفوا أن يكون الشرطى قد تعرض لهجوم»، وإنهم عندما اكتشفوا قاموا بقذفه بالحجارة، ما دفعه إلى إطلاق النار تجاههم بعد شعوره أن حياته مهددة بالخطر.

وقال والد الشاب إن الشرطى قتل ابنه لأنه أسود، هو لم ييد أى شىء سوى أن يكون مع أصدقائه، لا أفهم لماذا قام بذلك؟ وأعرب عن أمله أن يكون ابنه هو الضحية الأخيرة لمسلسل القتل والتعدى على الإثيوبيين. وقال أعضاء الطائفة الإثيوبية لقناة «11 العبرية»، إننا «لن نتوقف عن التظاهر، ونعتزم إجراء المزيد من المظاهرات، ونتعهد بالخروج مرة أخرى للشوارع لتكرار أحداث 2015»، وندد أمير تيكا، ابن عم القتيل، بالحادث قائلا: «هذا ليس بقتل، إنها جريمة قتل».

وقال وزير الداخلية الإسرائيلى: «إن ضابط الشرطة مطلق النار يخضع للإقامة الجبرية، وأطلقت وزارة العدل تحقيقا فى سلوك الشرطة»، وأضاف: «أُعرب عن صدمتى وأسفى للحادث الصعب، وسيتم التحقيق على وجه السرعة فيه واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة»، وكانت محكمة الصلح فى حيفا قررت الإفراج عن الشرطى، ووضعته تحت الإقامة الجبرية.

ونعى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الشاب الإثيوبى، وقال: «نحن جميعا نصلى من أجل (سالمون)، وأطلب من المتظاهرين فتح الطرق والتوقف عن الشغب، وستتم محاسبة الشرطى والوصول للحقيقة». والطائفة الإثيوبية فى إسرائيل حوالى 140 ألف شخص بينهم أكثر من 20 ألفا ولدوا فى إسرائيل، وينحدر معظمهم من مجتمعات منعزلة، ونُقل إلى إسرائيل أكثر من 100 ألف من يهود «الفلاشا» بين الثمانينيات والتسعينيات، يقولون إنهم يواجهون باستمرار عنصرية ممنهجة، ويطلق عليهم اسم «بيتنا إسرائيل» وتعنى جماعة إسرائيل، ولا يتمتعون بنفس حقوق التعليم والوظائف، ورفض معظم رؤساء وزراء إسرائيل السابقون، وعلى رأسهم ديفيد بن جوريون وموشيه شاريت وليفى إشكول وجولدا مائير، هجرة اليهود الإثيوبيين الجماعية لإسرائيل، ووصل الأمر، فى بعض الأحيان، إلى إبعاد من وصلوا إلى إسرائيل بحجة أنه لا ينطبق عليهم «قانون العودة» وأنهم «نصارى»، وجاءت معارضة المسؤولين الإسرائيليين لهجرة الفلاشا بسبب موقفهم الدينى، وفى عام 1975، قبل رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إسحاق رابين تطبيق «قانون العودة» عليهم، وبدأت الهجرة الجماعية بين عامى 1979 و1990، وغالبية يهود «الفلاشا» من الفقراء والأميين ويفتقرون المهارات الأساسية، وبلغت نسب البطالة بينهم 80%، ويعيش غالبيتهم بمناطق معزولة عن باقى اليهود الأشكناز والسفارديم، ويحصلون على دخول أقل بحوالى 40% ويتركز يهود «الفلاشا» فى مستوطنة كريات أربع قرب الخليل، وقرب صفد فى الجليل الأعلى داخل الخط الأخضر، وعسقلان، ويتوزع بعضهم فى تجمعات استيطانية حول القدس، وبشكل عام يواجهون تمييزا عرقيا ودينيا واقتصاديا مقارنة بالنخبة الأشكنازية التى تمثل اليهود الغربيين.