دخل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الأحد، الأراضى الكورية الشمالية، بعدما عبر من المنطقة معزولة السلاح التى تفصل بين الكوريتين، لمسافة 20 خطوة، مشاها ترامب لمصافحة نظيره الكورى الشمالى، فى لقاء تاريخى هو الأول لرئيس أمريكى، ثم عقد الزعيمان اجتماعا ثلاثيا بمشاركة الرئيس الكورى الجنوبى مون جاى- إن، فى خطوة تُظهر التقارب الكبير بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وسط آمال بحدوث انفراجة لاستئناف المحادثات لإنهاء برامج كوريا الشمالية النووية.
وفى البداية، ظهر ترامب فى قرية بانمونجوم فى المنطقة الحدودية الفاصلة، وانتظر الزعيم الكورى الشمالى، ثم ظهر كيم، واستقبله ترامب، وتصافح الزعيمان فوق الخط الفاصل العسكرى، وقال ترامب: «لحظة وصولى خط الحدود، سألت كيم، إن كان بوسعى العبور»، ورد الرئيس الكورى قائلا: «إنه لشرف»، فعبر الزعيمان الخط الحدودى ناحية الشمال لفترة قصيرة إلى أراضى كوريا الشمالية لمسافة 20 خطوة، ووقف ترامب وكيم فى أراضى كوريا الشمالية لالتقاط صورة تذكارية، وانتقلا بعدها إلى الجانب الجنوبى، ثم انضم الرئيس الكورى الجنوبى إلى اللقاء بين ترامب وكيم ليصبح أول لقاء ثلاثى تاريخى بين الكوريتين والولايات المتحدة.
وقال كيم إن ترامب أصبح أول رئيس أمريكى يخطو إلى أراضى كوريا الشمالية على الإطلاق، وأضاف أن هذه الخطوة قرار شجاع للقضاء على كل الماضى السلبى، وفتح مستقبل جديد، وقال إن اقتراح الرئيس الأمريكى للقائه يدهشه، وذكر خلال لقائه مع ترامب فى الجانب الجنوبى من قرية بانمونجوم الحدودية، أن البعض تساءل عما إذا كان اللقاء بينهما مخططا، غير أنه علم بأن هذا اللقاء سيكون رسميا فى وقت متأخر أمس الأول، وأكد كيم أن مصافحته للرئيس الأمريكى، الذى ظلت علاقة بلاده مع كوريا الشمالية عدوانية لفترة طويلة، تظهر أن اليوم يختلف عن أمس، وأوضح أنه يعتقد بشكل إيجابى أن اللقاء يظهر للناس إمكانية تحويل العلاقة بينه وترامب إلى حالة أفضل مستقبلا، وأضاف كيم أن اللقاء المفاجئ بينه وترامب ما كان سيتحقق إن لم تكن العلاقة بينهما ممتازة، مؤكدا أن هذه العلاقة ستسفر عن أمور لا يتوقعها آخرون، وستصبح قوة مدهشة للتغلب على الصعوبات والعقبات فى المستقبل، وأعرب عن أمله فى «تجاوز العقبات» بفضل علاقاته مع ترامب، ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية عن كيم قوله: «إن زيارة ترامب القصيرة إلى أراضى كوريا الشمالية تحسن العلاقات بيننا»، وأشاد بخطوة ترامب كونه أول رئيس أمريكى يزور كوريا الشمالية، ووصف الأمر بأنه «عمل شجاع وحازم» بينما اعتبر ترامب «أنه يوم عظيم بالنسبة للعالم»، وأعلن أنه وكيم سيتبادلان زيارة دولة فى الوقت المناسب، مؤكداً أنه «وجه دعوة لكيم لزيارة البيت الأبيض»، بحسب «أسوشيتد برس»، وقال مخاطبا كيم: «أنا فخور بتخطى الخط الفاصل إلى كوريا الشمالية».
وعقب الاجتماع الثلاثى، قال ترامب إن كوريا الشمالية وافقت على استئناف المحادثات النووية المتوقفة خلال أسابيع، وإن فريقاً مشتركاً سيبدأ اجتماعاته خلال 3 أسابيع لمناقشة البرنامج النووى الكورى الشمالى، وأضاف: «إن الاجتماع كان رائعا للغاية وقويا للغاية، سنرى ما قد يحدث»، مشيرا إلى أنه لا يتعجل الوصول إلى اتفاق، وأضاف: أنه «لا يحب العقوبات المفروضة على كوريا الجنوبية»، فى إشارة إلى أنه يمكن رفعها فى مرحلة ما خلال المفاوضات.
وكان ترامب أصر على أنه يتعين على كوريا الشمالية تفكيك ترسانتها النووية قبل رفع العقوبات الاقتصادية عنها، لكن ترامب، الذى هدد كوريا الشمالية «بالنار والغضب»، تحدث بلهجة أكثر تصالحية، واصفا كيم بأنه «رجل ذكى جدًا» وأنه يتوقع «الكثير من الأشياء الجيدة» من بيونج يانج، وكان ترامب أرسل، الأسبوع الماضى، خطابا شخصيًا للزعيم الكورى الشمالى، الذى أشاد من جانبه بمحتوى الخطاب ووصفة بـ«الممتاز»، وقال الرئيس الأمريكى مؤخرا إن كوريا الشمالية تمتلك «إمكانات هائلة» تحت قيادة الزعيم كيم.
وقبل وصوله إلى كوريا الجنوبية، وجّه ترامب دعوة مفاجئة عبر «تويتر» لنظيره الكورى الشمالى للقدوم إلى المنطقة منزوعة السلاح وقول «مرحباً»، وأكد أنّ كيم يرغب كثيرًا فى لقائه، وكان ترامب قال بشأن عبوره الحدود نحو كوريا الشمالية: «سأشعر بالارتياح للقيام بذلك، لن تكون هناك أى مشكلة لدى»، وهذا اللقاء الثالث بين الزعيمين بعد قمتهما التاريخية فى سنغافورة فى يونيو 2018 ولقائهما الفاشل فى هانوى فى فبراير الماضى.
والعام الماضى، عبر كيم الحدود أثناء أول قمة فى المنطقة منزوعة السلاح مع نظيره الكورى الجنوبى، ويرى خبراء أن اللقاء قد لا يكون كافياً لحلّ الملف الحساس المتعلق بنزع الأسلحة النووية الكورية الشمالية الذى تعثّر بسببه التقارب مع واشنطن، وقال الباحث الأمريكى جوشوا بولاك من معهد «ميدلبوري» للدراسات الدولية لوكالة الأنباء الفرنسية، إنه «لو حصل هذا الحدث منذ أكثر من عام، كان يمكن اعتباره بمثابة اختراق نفسى، ولكن الآن؟، لقاء من أجل الكاميرات، ودون جدول أعمال لن يتمكن من محو عام من الأوهام والخيبات»، واعتبر بولاك أن إعادة إحياء المفاوضات تتطلب «أمراً مختلفا عن رسالة مؤلفة من صفحة واحدة ومصافحة يدّ جديدة»، فى إشارة إلى المراسلات بين كيم وترامب. وقام كل الرؤساء الأمريكيين، باستثناء الرئيس الأسبق جورج بوش الأب، بزيارة رمزية إلى المنطقة منزوعة السلاح.