أكد رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى، أمس، أن الحكومة والبرلمان بلبنان يعارضان الخطة الأمريكية لتسوية الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى، إذ تخصص صفقة القرن 6 مليارات دولار لدعم لبنان مقابل مساعى لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما قوبل برفض من جميع الطوائف السياسية والدينية اللبنانية، وقال الحريرى، أمس: «الحكومة مع المجلس النيابى ضد هذه الصفقة، ودستورنا يمنع التوطين».
ويركز الجزء الأول من خطة البيت الأبيض للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين على التشجيع على استثمار 50 مليار دولار فى الأراضى الفلسطينية ولبنان ومصر والأردن، وتم توجيه الدعوة للبنان للمشاركة فى مؤتمر البحرين، لكنه رفض المشاركة، ويعترض اللبنانيون من مختلف الأطياف على «صفقة القرن»، ويرون أن منح 6 مليارات دولار للبنان إنما هو لإقناعه بقبول التوطين الدائم للفلسطينيين الذين عاشوا فيه لاجئين منذ قيام إسرائيل فى عام 1948
وكان نبيه برى، رئيس مجلس النواب، انتقد «صفقة القرن» بشدة، وقال: «يخطئ الظن من يعتقد أن التلويح بمليارات الدولارات يمكن له أن يغرى لبنان، الذى يئن تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، على الخضوع أو المقايضة على ثوابت غير قابلة للتصرف»، وأضاف: «إن الاستثمار الوحيد الذى لن يجد أرضا خصبة فى لبنان هو أى استثمار يكون على حساب القضية الفلسطينية وحق العودة للاجئين»، وأعلن حزب الله المدعوم من إيران أن الخطة «جريمة تاريخية» يجب إيقافها.
وتشمل حصة لبنان من «صفقة العصر» مشاريع بـ6 مليارات و325 مليون دولار، ويتمثل المشروع الأول فى تعزيز التجارة الإقليمية والتجارية، قيمته 200 مليون دولار، ويستغرق العمل به 4 سنوات، أمّا المشروع الثانى فيهدف لدعم الاستقرار الاقتصادى، وإنشاء صندوق للشركات الصغيرة والمتوسطة فى لبنان، والتى سيُسهّل لها الحصول على قروض، وتبلغ قيمته 125 مليون دولار، ويتم تنفيذه على 4 سنوات، ويهدف البند الثالث إلى إصلاح وتحسين الطرقات اللبنانية، التى تشكل جزءًا من شبكة الطرقات السريعة الإقليمية، وسيتم العمل بها خلال 6 سنوات، وتبلغ قيمتها 3 مليارات دولار، وتتضمن الصفقة دعم إنشاء شبكة سكة حديد داخل لبنان، مع إمكانية وصلها بسكة حديد إقليمية، وتبلغ قيمتها مليارى دولار، على أن يتم تنفيذها على 3 مراحل، خلال 8 سنوات، وستدعم الخطة بناء وتقديم خدمات لوجستية مرتبطة بتوسيع مطار رفيق الحريرى الدولى والمطارات الأخرى فى لبنان، وتوسيع المرافئ اللبنانية بما فى ذلك فى مدينتى بيروت وطرابلس، وتحديث المعابر الحدودية، وتبلغ قيمة هذه الخطة مليار دولار، على أن تنفذ على 3 مراحل خلال 8 سنوات.
إلا أن مساعى إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لتوطين اللاجئين فى لبنان تحيى مخاوف قديمة من أى خطة من شأنها توطين اللاجئين الفلسطينيين بشكل دائم فى البلاد والإخلال بالتوازن الطائفى بين المسيحيين والمسلمين، وكان رفض تجنيس الفلسطينيين من بين الأشياء النادرة التى اتفق عليها اللبنانيون خلال الحرب الأهلية التى لعبت فيها فصائل فلسطينية دورا رئيسيا، كما يخشى المسيحيون من إخلال التوازن بالتركيبة العرقية الهشة، حيث يشغل المسيحيون 50% من أعضاء المجلس النيابى ويشغلون مناصب عليا، منها رئاسة الدولة بمقتضى نظام تقاسم السلطة الطائفى، ودفع وجود أكثر من مليون لاجئ سورى، وأغلبهم مسلمون سنة مثل الفلسطينيين، الرئيس ميشال عون، وهو مسيحى مارونى، إلى التحذير من تهديد وجودى للبنان.
ويوجد نحو 470 ألف لاجئ فلسطينى مسجلين فى لبنان، رغم أن التعداد الرسمى لعام 2017 وجد أن من يعيشون بلبنان يبلغ 175 ألف لاجئ، ويفرض لبنان قيودا مشددة على حقهم فى العمل ويحظر عليهم تملك العقارات.