استأنفت النيابة العامة، صباح الأربعاء، وعلى مدى 3 ساعات، مرافعتها في «محاكمة القرن» التي يواجه فيها الرئيس السابق حسني مبارك، ونجليه علاء وجمال، ووزير داخليته حبيب العادلي، و6 من كبار مساعديه، ورجل الأعمال حسين سالم، تهمًا تتنوع بين التحريض على القتل والفساد المالي.
وقدمت النيابة أثناء المرافعة أدلة قولية لشهود، وتسجيلات وفيديوهات لأحداث القتل خلال الثورة، وعرضت عن طريق الاستعانة بشاشات عرض داخل قاعة المحكمة، مشاهد لوقائع قتل المتظاهرين ودهسهم برصاص وسيارات الشرطة.
وكشفت النيابة في مرافعتها أمس عن مفاجأة حيث أكدت أن أجهزة الدولة لم تساعدها في الوصول إلى الأدلة مما اضطرها إلى قيامها بدورين للمرة الأولى في تاريخها، حيث جمعت المعلومات والتحريات وحققت في آن واحد، كما شهدت الجلسة أزمة كبيرة بسبب تسريب «سي دي» أذاعه برنامج «العاشرة مساء» على قناة «دريم»، لجانب من مرافعة النيابة.
كانت الجلسة تأخرت نحو ساعتين بسبب تأخر وصول المتهم مبارك، ما أرجعته مصادر أمنية، إلى سوء الأحوال الجوية.
بدأت أحداث الجلسة الـ15 من القضية في الثانية عشرة والنصف، ونادى القاضي على المتهمين، ورد مبارك: «موجود»، كما رد علاء: «آه موجود حضرتك»، وللمرة الأولى يرد جمال والعادلي بـ«أفندم يا باشا»، ورد باقي المتهمين بكلمة «أفندم».
وبعد ذلك استكملت النيابة العامة مرافعتها، وقال المستشار مصطفى سليمان، المحامي العام الأول لنيابات استئناف القاهرة، إنه سيعرض «التكييف القانوني للقضية، والأدلة والبراهين التي استندت إليها النيابة».
وقال إن الأحداث وقعت في جميع الميادين وفي حوالي قرابة 12 محافظة، وكان لدى النيابة العامة عدد كبير من الشهداء والمصابين، وبدأت النيابة العامة في التحقيق وانتهت بعد شهر ونصف تقريبًا، إلى إحالة المتهمين محبوسين قبل هروبهم خارج البلاد، وأضافت النيابة أن التهمة الموجهة للمتهمين هي الاشتراك في القتل المقترن بعدد من الجرائم الأخرى، وهي قتل آخرين والشروع فيه.
وأكد أن النيابة لم تتوصل إلى دليل مباشر للفاعلين الأصليين في جريمة القتل، لأن الفاعل هو من يأتي فعلاً من الأفعال المكونة للجريمة، وأشارت النيابة إلى أن هؤلاء المتهمين بتنفيذ الجرائم (الضباط) ارتكبوا الجرائم بصفاتهم، ومن العسير أو الاستحالة الوصول إليهم لأسباب كثيرة.
وقال سليمان إن النيابة ستثبت أن المجني عليهم قد قتلوا وأصيبوا أثناء اشتراكهم في مظاهرات سلمية، وأن الوفيات والإصابات حدثت نتيجة إطلاق الرصاص الحي أو المطاطي أو رش أو دهس بالسيارات، إضافة إلى إقامة الدليل على أن من أحدث تلك الوفيات والإصابات بصفاتهم ينتمون إلى رجال الشرطة، هذا إضافة إلى ربط العلاقة بين تلك الأحداث والمتهمون الماثلون في المحكمة.
وقال: «إن أدلة الثبوت جاءت عبارة عن أدلة قولية وأخرى مكتوبة وأخرى فنية، وأنه للأسف في بداية المحاكمة فهم البعض أن النيابة العامة قدمت الدعوى خاوية وليس بها دليل وأن شهود الإثبات تحولوا إلى شهود نفي»، مؤكدًا أن النيابة سترد على كل تلك الأقوال أمام المحكمة.
وأكدت النيابة أن المتهمين ليسوا أغبياء ليفتحوا النار على المتظاهرين، ولكنهم فقط أطلقوها على بعضهم لتخويف الآخرين، مشيرة إلى أن النيابة العامة وللمرة الأولى في تاريخها قامت بدور سلطة الاستدلال رغم أنه لم تتوفر لها قدرة ذلك وأدواته.
وقاطعت المحكمة النيابة ووجهت لها سؤالًا كان أشبه بالمفاجأة حيث سألت: «هل قامت النيابة بمخاطبة الجهات المسؤولة لتقديم تحريات وقرائن للنيابة العامة تعينها على التحقيقات؟»، فردت النيابة: «هذه الدعوى حينما حدثت في 25 يناير الماضي وأعقبها فراغ أمني، كل مصر كانت في بيوتها ونزل أعضاء النيابة يوم 16 فبراير وكانوا يعملون وهم يسمعون طلقات النيران، وأرسلنا مخاطبات لوزارة الداخلية لطلب التحريات ولكن نظرًا لأن رئيس تلك الوزارة وقيادتها هم المتهمون، فليس من المنطقي أن يكون هم الخصم والحكم، ولكن بعد تعيين وزير جديد طلبنا أن يوافينا بكل المستندات ولكن لم يصلنا شيء، لذا طلبنا من هيئة الأمن القومي وأيضا ردت علينا بأنه لم يتوفر لها أي معلومات أو تحريات، لذا اضطررنا إلى العمل بأنفسنا لاستكمال الإجراءات».
فعادت المحكمة لتسأل: «هل يفهم من ذلك أن كل أجهزة الدولة لم تعاون النيابة؟ وهل هذا كان عن عمد؟»، فردت النيابة: «رأيي الشخصي أنه كان هناك على الأقل تقصير، أما رأيي الرسمي فلابد من إجراء التحقيق لأثبت ذلك أو أنفيه».