«المجلس الانتقالى» فى السودان: مفاوضات بلا قيد

كتب: محمد البحيري الخميس 06-06-2019 01:02

أبدى رئيس المجلس العسكرى الانتقالى الحاكم في السودان، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، انفتاحه على مفاوضات «لا قيد فيها» حول مستقبل البلاد، فيما سُمعت أصوات عيارات نارية في أنحاء العاصمة بعدما بلغت حصيلة فض الاعتصام ١٠٠ قتيل منذ الإثنين، وفشل مجلس الأمن الدولى، مساء أمس الأول، في إدانة قتل مدنيّين وإصدار نداء دولى لوقف فورى للعنف، وذلك بسبب اعتراض الصين مدعومةً من روسيا.

وكثفت قوات الأمن وجودها بعد خروج المصلين في عدد من الأحياء لأداء صلاة عيد الفطر عقب دعوة قادة المحتجين «إلى الصلاة على أرواح الشهداء».

وفى أم درمان الواقعة على الضفة المقابلة للخرطوم من نهر النيل، شوهدت قوات الأمن تسيّر دوريات في شاحنات ثبت عليها ما يبدو أنها مدافع مضادة للطائرات وغيرها من الأسلحة ومن بينها قاذفات صواريخ.

وقال البرهان في خطاب بثه التليفزيون الرسمى السودانى، أمس: «نتأسف جدا على ما حدث»، مبديا استعداده للتفاوض حول مستقبل البلاد. وأضاف: «نحن في المجلس العسكرى نفتح أيادينا لتفاوض لا قيد فيه إلا لمصلحة الوطن، نكمل من خلاله التأسيس للسلطة الشرعية التي تعبّر عن تطلعات ثورة السودانيين». وتابع: «نحتاج في تلك المرحلة للحكمة حتى نعبر بأمان، ونمنع البلاد من الانزلاق في الفوضى».

من جانبه، قال نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو، المعروف باسم «حميدتى» إن «المجلس أصدر قرارا بإجراء تحقيق مستقل من النائب العام في أحداث فض الاعتصام»، على أن يكون «تحقيقا عاجلا وشفافا وسريع النتائج»، بحسب تعبيره، مؤكدا أنه «ما من إنسان يفلت من العقاب، أي إنسان تجاوز حدوده لازم يتحاسب».

وقال حميدتى إن قوات الدعم السريع، التي يترأسها، «تتعرض لاستهداف منظم»، وإن «عصابات تعمل على التحريض والاعتداء عليها». وأضاف: «هنالك من ينتحل شخصية الدعم السريع ويروع المواطنين».

وتابع نائب رئيس المجلس العسكرى بالسودان قوله: «خرجنا من نظام شمولى وكدنا نتحول لآخر أكثر شمولية»، وأضاف: «نسعى لفرض هيبة الدولة بالقانون».

وذكرت لجنة أطباء السودان المركزية أن عدد قتلى فض الاعتصام من أمام القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم ارتفع إلى 100 قتيل.

وقال قادة الاحتجاجات إن قوات التدخل السريع، التي تعود بجذورها إلى الحرب المستمرة منذ 16 عاما في إقليم غرب دارفور، هي المسؤولة الرئيسية عن فض الاعتصام بالقوة أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم، الإثنين الماضى.

وقال القيادى البارز في تحالف المعارضة عمر الدقير إن الطرفين كانا على وشك التوصل لاتفاق نهائى بناء على اقتراح من المجلس العسكرى، مضيفا أنه كان من المقرر «أن يكون المجلس (السيادى) مناصفة والرئاسة دورية».

من جانب آخر قال المتحدث باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، أمس، إن قوات الأمن السودانية ألقت القبض على نائب الأمين العام للحركة ياسر عرمان.

وذكرت مصادر في المعارضة أن قوات من الدعم السريع وجهاز الأمن اقتادت عرمان إلى مكان مجهول.

كان العرمان قد كشف عن رسائل من المجلس العسكرى السودانى تطالبه بمغادرة البلاد.

والحركة الشعبية هي حركة مسلحة تقاتل الحكومة السودانية في ولايتى النيل الأزرق وجنوب كردفان منذ عام 2011.

وكان القيادى السودانى المعارض، عرمان، عاد إلى السودان، في مايو الماضى، بعد 8 سنوات من الغياب، رغم حكم الإعدام الصادر بحقه منذ عام 2014.

من جانبها، أكدت السعودية، أمس، أهمية استئناف الحوار بين القوى السودانية المختلفة لتحقيق آمال وتطلعات الشعب السودانى الشقيق.

وقالت المملكة إنها تابعت ببالغ القلق والاهتمام تطورات الأحداث في دولة السودان الشقيقة التي أدت إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى.

وأعربت عن صادق تعازيها ومواساتها لأسر الضحايا وللشعب السودانى بأسره وتمنياتها للجرحى بالشفاء العاجل.

ودعت القوى السودانية المختلفة إلى تغليب منطق الحكمة وصوت العقل والحوار البناء لدى كافة الأطراف، وبما يحفظ أمن السودان واستقراره ويجنب شعبه العزيز كل مكروه ويصون مكتسبات البلاد ومقدراتها ويضمن وحدتها.

وأكدت المملكة ثبات موقفها الداعم للسودان وشعبه العزيز، وكل ما يحقق أمنه واستقراره وازدهاره وبما يعود عليه بالخير، وتتمنى أن يتجاوز سريعًا الظروف والصعاب التي يمر بها.

وفشل مجلس الأمن الدولى في الاتفاق على بيان كانت بريطانيا وألمانيا وزعته خلال اجتماع مُغلق لمجلس الأمن يدعو الحكّام العسكريّين والمتظاهرين في السّودان إلى «مواصلة العمل معًا نحو حلّ توافقى للأزمة الحاليّة».

واعترضت الصّين بشدّة على النصّ المقترح، فيما شدّدت روسيا على ضرورة أن ينتظر المجلس ردًا من الاتّحاد الإفريقى.

وبعد فشل مجلس الأمن في الاتّفاق، قالت 8 دول أوروبّية في بيان مشترك إنّها «تدين الهجمات العنيفة في السّودان من جانب أجهزة الأمن السودانية ضدّ المدنيّين».

وقالت كُلّ من بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وهولندا والسّويد إنّ «الإعلان الأحادى» الصّادر عن المجلس العسكرى «بوَقف المفاوضات وتشكيل حكومة والدّعوة إلى إجراء انتخابات في غضون فترة زمنيّة قصيرة جدًا، هو أمر يُثير قلقًا كبيرًا».