عودة طاقم السفينة المختطفة بعد احتجازها 11 شهراً على أيدى «القراصنة» الصوماليين

كتب: مصطفى المرصفاوي الجمعة 24-06-2011 19:12


داخل صالة الوصول رقم 3 بمطار القاهرة الدولى، سجلت «المصرى اليوم» لحظات اختلطت فيها الدموع بالزغاريد، عقب إعلان موظفة الاستعلامات من خلال الإذاعة الداخلية فى السابعة من صباح الجمعة، عن وصول الطائرة القادمة من دبى، وعلى متنها 11 مصريا أفراد طاقم السفينة «إم. فى. سويس»، التى كان مسلحون صوماليون قد اختطفوها فى أغسطس الماضى وتم تحريرها مؤخرا عقب دفع فدية 2 مليون دولار.


كان فى انتظار الطاقم نحو 150 من أقاربهم، الذين استعد كل منهم لهذه اللحظة بطريقته الخاصة، وبينما أحضرت إحدى الزوجات باقات زهور لتوزيعها على العائدين، أمسكت أخرى بـ«تيشيرتات» كتب عليها بعض عبارات عن الثورة.


وبسياراتهم البسيطة التى استأجروا معظمها، حضرت كل أسرة من منزلها وهى تحمل آمالاً كبيرة فى لقاء من اختفوا منذ ما يقرب من 11 شهراً تقريبا.. وكان الموعد المحدد لوصول الطائرة القادمة من دبى وعلى متنها البحارة فى تمام السابعة إلا الربع من صباح أمس، إلا أن كل أسرة وصلت المطار قبل الميعاد بساعتين تقريبا لتستعد للحظة الاستقبال الذى طال انتظاره.


جلست كل أسرة فى جانب بالقرب من البوابة التى سيخرج منها ركاب الرحلة القادمة من دبى.. كل زوجة أو أم جلست تتذكر تفاصيل المعاناة التى عاشوها خلال الفترة الماضية، تتذكر المكالمات التى كانوا يتلقونها من أبنائهم، ولا تتعدى الـ3 دقائق كل 3 شهور، وكانت تزيد قلقهم.


قالت زوجة أحد البحارة العائدين: «كنت أنتظر مكالمة زوجى أيمن من وقت إلى آخر، وكانت لا تتعدى 3 دقائق لا أستطيع خلالها سوى أن أخبره بأن الجميع بخير وعندما يحكى أى تفاصيل عن حياته تنتهى المكالمة دون أن يطمئن قلبى عليه».


جلس الجميع يتذكر تفاصيل المفاوضات التى كانوا يجرونها مع مالك السفينة المختطفة بغرض دفع الفدية، وكيف كانت الحكومة الممثلة فى وزارة الخارجية سلبية، على حد قولهم، ولا تؤدى واجبها تجاه رعاياها بالخارج.


وقال والد أحد البحارة: «كنا نتفاوض مع كل كبير وصغير فى وزارة الخارجية نطلب منهم التدخل لكن دون فائدة، والوزير نبيل العربى كان أقوى بكثير من الوزير أحمد أبوالغيط، وتدخل بقوة وأجبر صاحب السفينة على تجميع مبلغ الفدية لتحرير أبنائنا».


جلس الأهالى يتذكرون كيف عاد الخوف إليهم من جديد أثناء عودة السفينة، بعد دفع الفدية بسبب تعطلها، حيث توقفت محركاتها لأكثر من 10 شهور فى المياه دون عمل، وعلمهم من خلال وسائل الإعلام بخبر غرق السفينة، وقتها راودهم الخوف من جديد.


شقيق أحد العاملين بالسفينة، قال: «لم نكن نعلم هل غرق الطاقم أيضا مع السفينة أم تم إنقاذهم، عشنا ساعات من الرعب حتى أكدت وزارة الخارجية أن مركباً عسكرياً تابعاً للسطات الباكستانية قام بإنقاذ الطاقم وبعدها بساعة اتصل بنا أحد المسؤولين بالسفارة المصرية بباكستان، وأكد لنا أن الطاقم كله موجود بالسفارة وتحدثت إلى شقيقى محمد وأصدقائه وعاد الاطمئنان من جديد إلينا».


استمر الوضع كما هو، الجميع يتذكر الأيام الماضية حتى أعلنت موظفة الاستقبال عن وصول الطائرة، وقتها انطلقت الزغاريد التى اختلطت بالدموع التى لم تتوقف حتى بدأ الطاقم يظهر من خلف البوابة الزجاجية ليقتحم الأهالى الحاجز الذى أقامه الأمن، لينطلق كل منهم يبحث عن قريبه يقبله ويحتضنه ليبدأ كل منهم سرد تفاصيل الاختطاف إلى أسرته التى بدأت يوم 2 أغسطس 2010، عندما فوجئوا بمركب ضخم يقترب منهم واللنشات المدججة بالأسلحة تحاصرهم ولم يجدوا أمامهم سوى خراطيم المياه للدفاع عن حياتهم، لكنهم لم يستمروا سوى 3 ساعات واضطروا بعدها للاستسلام، لتبدأ بعدها ساعات الرعب التى علموا خلالها أن المبلغ المطلوب لإطلاق سراحهم 2 مليون دولار.


ويروى وائل محمد صالح، بحار بالسفينة: «الخوف كان يسيطر علينا، وكانت هناك حالة نفسية سيئة تسيطر علينا بسبب تجاهل الجانب المصرى لنا، واهتمام الجانب الباكستانى بالقضية بسبب وجود 4 أفراد باكستانيين ضمن الطاقم المختطف، وكنا نتحرك كل 10 أيام تقريبا من مكان إلى آخر على السواحل الصومالية، خوفا من أى هجوم من السفن الحربية التى كانت قريبة من المكان، لكن تحركنا داخل السفينة كان قليلاً جدا وكله تحت تهديد السلاح، بينما كان الأكل الذى نحصل عليه من الصوماليين غير صالح للاستهلاك الآدمى لكن لم نجد غيره أمامنا، فاضطررنا لتناوله».


وأضاف: «المفاوضات كانت أقوى بعد الثورة، وذلك كان واضحا من اهتمام وزارة الخارحية بالأمر، إذ أجبرت مالك السفينة على تدبير المبلغ بالاشتراك مع الجانب الباكستانى حتى تم تحضير المبلغ ووصول طائرة خاصة إنجليزية ألقت المبلغ على دفعتين فوق السفينة ليتم إطلاق سراحنا بعدها وإجبار القبطان على إخبار السلطات المصرية والباكستانية بأن السفينة جاهزة للتحرك».