السينما التركية تخطط لغزو الدول العربية.. والمنافس الأول الأفلام الأمريكية

كتب: ريهام جودة الجمعة 24-06-2011 17:27

نجحت الدراما التركية فى فرض سيطرتها وتشكيل أرضية واسعة لها فى عدد من الدول العربية خلال السنوات القليلة الماضية، بشكل جعل المشاهد العربى يتسمر أمام شاشات التليفزيون لمتابعتها رغم طول حلقاتها الذى تجاوز المائة لبعض الأعمال بفضل موضوعاتها الاجتماعية والرومانسية التى غابت عن الدراما العربية، إلى جانب الجودة الفنية التى تخرج بها المسلسلات التركية من إخراج وتصوير فى الأماكن الطبيعية وغيرها.

وبات الآن الدور على الأفلام التركية لتخرج خارج تركيا، حيث يستهدف صناع السينما الأتراك عددا من الأسواق الخارجية، وهى مهمة صعبة فى ظل هيمنة الفيلم الأمريكى على الأسواق السينمائية وتفوقه على الفيلم المحلى فى أى دولة فى العالم باستثناءات قليلة مثل مصر التى تحظى فيها السينما المحلية بفرص النجاح وتحقيق الإيرادات المرتفعة منذ سنوات طويلة، إلا أن ذلك لم يمنع من استثمار النجاح الذى حققته الدراما التركية مؤخرا وشهرة ممثليها بين الجمهور المصرى فى عرض أعمال سينمائية أيضا، كان آخرها فيلم «وادى الذئاب.. فلسطين» الذى عرض قبل أسابيع قليلة وسط اهتمام رسمى من الجانب التركى، حيث أقيم عرضه الخاص فى حضور السفير التركى بالقاهرة حسين عونى بوصطالى، وحقق رد فعل جيداً خاصة بين النقاد، خاصة أنه ينتمى إلى نوعية الأكشن السياسى وتدور أحداثه حول فريق كوماندوز تركى يذهب إلى فلسطين للانتقام من قائد إسرائيلى أعطى الأوامر بمهاجمة سفينة المساعدات التركية «مرمرة» فى مايو 2010 والذى أسفر عن استشهاد 9 أتراك.

ويشير المحللون إلى أن صناع السينما الأتراك يدخلون السوق الخارجية بذكاء ووفقا لهوية الدولة التى يعرضون بها أفلامهم، ففيلم «وادى الذئاب فلسطين» كان إعادة تقديم لمسلسل تليفزيونى تركى شهير، تمت صياغة السيناريو له وفقا للمتغيرات على الساحة الإقليمية والسياسية، وبعد عرضه فى مصر وعدد من الدول العربية، يعرض حاليا فيلم «عامل فى ألمانيا» للمخرجة ياسمين سامديرلى الذى حقق 11 مليون دولار حتى الآن، وهى إيرادات ضخمة لفيلم غير أمريكى يعرض فى ألمانيا التى تربطها بتركيا روابط كثيرة أبرزها الجوار الجغرافى، وتدور أحداث الفيلم فى إطار كوميدى حول عامل تركى مؤقت فى ألمانيا يسعى للهجرة إليها، وهى فئة تشكل قطاعا كبيرا من العمال الأتراك فى ألمانيا، بل يجرى التحضير حاليا لفيلم عن القضية نفسها ويجرى تصويره فى الدولتين ويحمل اسم «تركيا للمبتدئين».

غزو الأسواق السينمائية خارج تركيا خاصة التى تربطها روابط جغرافية أو ثقافية بات الهدف الأساسى لصناع السينما الأتراك، وهو ما يؤكده المنتج محسن مخلديرى مشيرا إلى أن الدول العربية أصبحت السوق المستهدفة رقم (1) بحكم الانتماءات الثقافية وعدم شعور المتفرج العربى بالغربة أثناء متابعته للأعمال التركية، وعبر مخلديرى عن تفاؤله بأن تحقق السينما التركية نجاحا دوليا يجعلها فى المرتبة الثالثة بعد السينما الهوليوودية والبوليوودية، خاصة أن أعداد رواد السينما فى الدول العربية وعلى رأسها مصر ولبنان والإمارات والإيرادات المرتفعة التى تحققها تحمل جاذبية كبيرة للمنتجين.

ويقول «مارتين موزفيتش» مخرج فيلم «تركيا للمبتدئين» الجارى التجهيز لتصويره إن نجاح فيلم «عامل فى ألمانيا» خارجيا حفزه لتقديم فيلمه بطريقة تجعله صالحا للمشاهدة فى أى بلد، وليس الدول المجاورة فقط.

فى الوقت الذى أشار فيه الناقد التركى «بيساف زاد» إلى أن نجاح الدراما التركية التى بثتها الفضائيات العربية خلال العامين الأخيرين هو السبب الرئيسى فى خطة السينمائيين الأتراك لغزو الأسواق العربية، فى ظل الشهرة التى اكتسبها عدد من الممثلين الأتراك الذين كانوا قبل ذلك مغمورين سواء محليا أو عالميا ومنهم «كيفانش تاتليتوغ» بطل مسلسلى «نور» و«العشق الممنوع»، و«بولنت إيدال» بطل مسلسل «سنوات الضياع» و«هاتيس توبا» بطلة مسلسلى «سنوات الضياع» و«عاصى» و«بيرين سات» بطلة «العشق الممنوع».

وعن إمكانية تأثر إيرادات الأفلام المصرية بعرض الأفلام التركية قال «زاد»: قد تتأثر بعض الأفلام قليلا، مثلما سحبت الدراما التركية بعض النجاح من نظيرتيها المصرية والسورية، خاصة إذا استمرت الأفلام المصرية فى الخلطة ذاتها التى تقدمها بين الأعمال التجارية النمطية السهلة أو السياسية المباشرة وتحديدا تلك التى ترصد ثورة 25 يناير وقبل سقوط نظام مبارك، ولم تغير من نفسها، وأشار زاد إلى تحقيق الأفلام التركية نجاحاً فنياً ونقدياً أيضا فى مصر، وهو ما برز فى الإشادات النقدية التى رافقت الفيلم التركى الذى لعبت بطولته «هاتيس توبا» وشارك فى المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الماضية، وتناول قصة حب فتاة مسلمة لشاب مسيحى، كما ذكر «زاد» وجود عدد من الأفلام يجرى التجهيز لها والتى ستقدم خصوصا لتناسب ذائقة الجمهور العربى وخاصة المصرى المتشوق للموضوعات الاجتماعية والإنسانية والرومانسية.