اعترافات جريئة: تائه بين الإيدز وطفلتى

كتب: سحر الجعارة الجمعة 31-05-2019 01:56

كتب:
اعترف أننى أخطأت، وأننى أدفع الثمن غاليا، كل ما أريده أن تقرأى كلماتى بعناية وتتفهمى موقفى، ولا تحكمى على بعقل «الأنثى».. ولا تلومينى لأنى محكوم على بالإعدام تكفيرا عن ذنبى.. أنا أئتمنك على سر عذابى وخجلى من مواجهة أقرب الناس على فلا تعقدين لى محاكمة علنية وتجلدينى.
أنا يا سيدتى شاب في منتصف الثلاثيات، كنت أعمل بمجال الإتصالات، متزوج ولدى طفلة وحيدة، زوجتى إمرأة جميلة ومتدينة ومحجبة، أنيقة وإجتماعية، تزوجتها عن حب.. كانت زميلتى في الجامعة، أحببتها وأنا في بداية العشرينات وكنت شابا ملتزما دينيا، لم ألمس فتاة في حياتى، ولم أشأ أن أجرح قدسية مشاعر الحب الذي جمعنا بأى تصرف خارج عن اللياقة.. كانت زوجتى هي أول إمرأة أعاشرها.
عرفت معنى أن أحتفظ بطاقتى العاطفية والجسدية كرجل، وأدخرها لمن أحب، كنا كطفلين لا أحد منا لديه من الثقافة الجنسية ما يسمح بتحقيق أقصى متعة، لكننا كنا سعداء.. أنا لم أقرأ –قبل الزواج- في حياتى كتابا مما يباع على الأرصفة، ولم أشاهد فيلما إباحيا.
وعندما منحنا الله طفلتنا الوحيدة كدنا نطير من السعادة، أصبحت هي الحضن الذي نتعارك ليحتفظ أحدنا به، أصبح كل همنا مراقبة براءتها ولهوها وقياسها بالمليمتر وهى تكبر.. كان وقتها لدينا خططا كثيرة لأن أسرتنا تكبر، فإستبدلت سيارتى بسيارة أكبر وأشترينا شاليه في الساحل الشمالى وألتحقنا بنادى راق من أجل إبنتنا.. وكان نجاحى في عملى يزداد بفضل الله.. فكنت أداعب زوجتى أنه رزق البنات.. حتى دخلت البنت الحضانة وتركت لدينا فراغا هائلا.
بدأت أنا وزوجتى نفتش عن شئ يشغلنا فعرفنا الطريق إلى الأفلام الإباحية، وبدأنا نستمع بمشاهدتها وبعلاقتنا أكثر، وقررت زوجتى ألا تحمل مرة ثانية.. ولم أكن سافرت إلى أوروبا إلا في شهر العسل حتى جاءتنى مهمة عمل في إحدى الدول الأوربية.. كان كل ما يؤرقنى هو فكرة البعاد عن زوجتى وإبنتى.
وهناك كان معى زملاء مصريين وأجانب، جلست وحيدا في غرفتى أول ليلة وهم يستمتعون بوقتهم، وفى اليوم التالى إصطحبونى معهم، ولأول مرة في حياتى إستجبت لضغوطهم وشربت الخمر ورقصت.. وكان النهاية الطبيعية ألا أنام وحيدا في الفراش!.
15 ليلة عرفت خلالهم كل أشكال الإنحراف، وعاشرت ما يزيد عن 20 إمرأة لا أعرفها ولا أتذكر الآن حتى إسمها أو ملامحها.. وعدت إلى مصر نادما ولكن بداخلى إحساس «المجرب» الذي عرف الحياة، ولا أنكر أننى كنت أشتاق لرحلة أخرى تحملنى إلى نفس العالم الغريب الذي وجدت فيه متعه تفوق خيلى ورتابة الحياة الزوجية والحب الطاهر.
وفى الكشف الدورى الذي تجريه الشركة سنويا على العاملين إكتشفت أننى مصاب بفيروس «الإيدز»، وكأن الله يعاقبنى مثل قطار إنجرف عن قضبانه فكان لابد أن يحترق.. لم أخبر أحدا من أهلى ولا زوجتى بالطبع، وأقسم الطبيب ألا يبوح بسرى إلا أنه تم فصلى من العمل ودخلت في دوامة إكتئاب بعدما كنت المهندس الماهر المتفوق والزوج المثالى.. أصبح كل همى أن أعرف معلومات عن مرضى.
لكنى لم أعد أجرؤ على لمس إبنتى أو معاشرة زوجتى خوفا عليهما.. لم أعد نفس الشاب الممتلئ بالحماس والحيوية، أصبحت ضعيفا هزيلا.. أفكر في مصيرى ومصير أسرتى من بعدى وأنا مرعوب وخائف.. حتى الآن لم أخوض تجربة العلاج ولا أعرف هل أستسلم للموت البطئ أم أسعى للعلاج ؟.. هل أرضى بقضاء الله أم أجرى خلف سراب خادع بأننى قد أشفى يوما ما ؟.. أنا في شقاء حقيقى، وحيد وسط أحبائى، حاولت أن أكفر عن خطيئتى بكل السبل طمعا في رحمة ربنا.. لكننى لا أرى أنى أستحقها.. فماذا أفعل ؟.
يا صديقى:
لن ألومك أو أعقد لك محاكمة، يكفى ما تعانيه –وحدك- في صمت، وتكفيك المآساة التي تورطت فيها لجهلك وعدم خبرتك بالثقافة الجنسية التي طالما طالبنا بتدريسها في المدارس.
بداية، لقد سبق أن خصصت جريدة «المصرى اليوم» ملفا كاملا عن علاج «الإيدزHIV».. وقد تمكّن الطب من إحراز تقدم ملموس في السيطرة على فيروس نقص المناعة المكتسب «الإيدز»، فالمصابون صاروا قادرين على الصمود لسنوات طويلة دون أن يتطور وضعهم إلى مرحلة الخطر.. وقد تستمر فترة حضانة الجسم للفيروس عشر سنوات، لا تظهر أعراض المرض خلالها، وعلى العكس يكون الحاضن للفيروس بصحة جيدة جدًا، ولكنّ هذا لا يعني أن المرض لا ينتقل في هذه الفترة.. وقد تكون على علم بهذه المعلومات وبأن ملامسة إبنتك أو معانقتها لن ينقل إليها الفيروس.
فالفيروس غالبا ينتشر عبر الدم والسائل المنوي والإفرازات المهبلية، وبالتالى فأنا ألومك فقط على أمرين، الأول: أنه كان يجب أن تبادر بإخبار شريكة حياتك مهما كانت النتيجة حتى لو خسرتها.. والأمر الثانى: أن تنتشل نفسك من بئر الإكتئاب وتذهب لمركز علاج متخصص فورا، فليس دورى ولا طبيعة عملى أن أفيدك في كيفية السيطرة على الفيروس لتحد من إنتشاره.
فإن كنت مؤمنا بقدرك فلابد أن تتخذ الإجراءات السريعة للحفاظ على الروح التي منحها لك الخالق، وأن تستجيب للعلاج دون خجل.
لو كنت تتابعى الإعلام جيدا لعرفت أن العديد من مرضى الإيدز ظهروا على الشاشة ليعتاد المجتمع على قبولهم والتعايش معهم.. لكن هذه الثقافة غير متاحة الآن، وأنا لا أضمن لك حتى «المعاملة الكريمة» في رحلة العلاج.. ولكن عليك أن تبدأها فورا.. فمهما كانت الخسائر حتى الآن لابد أن تبدأ بالعلاج ثم تعيد ترتيب حياتك التي تهدمت بعدما أصبحا بلا عمل ولديك أسرة وأعباء علاج مكلف.. أخرج من دائرة الإكتئاب بتوبتك وأتعشم في الله أن يمنحك القوة لتواجه تفاصيل المآساة المؤلمة التي نسجتها بنفسك.

a3trafat@almasryalyoum.com