الساندويتش عبارة عن وجبة سريعة ومختزَلة، تُجهَّز في لحظات، وتؤكل في دقائق، إلا أنه لا يُسمن ولا يُغنى من جوع، هذا الحال مع ساندويتش الطعام، ولكن أصبح لكل شىء ساندويتشه، فهناك ساندويتش للفكر مختصر أيضًا ومختزل، نراه في أقراص الـ«سى دى» و«الفلاشة». ويختصر الطلاب مناهجهم المُمِلّة والطويلة في «ملخصات» لا تحقق نجاحًا ولا تلبى مطلبًا!. والمعايير الاجتماعية أصبحت أيضًا مختزلة كالساندويتش، فعبارات السلام وآداب التحية أُوجزت في كلمتى «هاى» و«هاللو»، وعبارات الوداع والرحيل غابت عنها الحميمية والمشاعر الودية. ولم تعد هناك جمل كنا نقولها عند الوداع كـ«فى رعاية الله» أو «مع ألف سلامة»، بل اختُزلت الجملة في كلمة «باى». وغابت الصور الشعبية والأزياء الفلكلورية، وسمات الشخصية المصرية لتصبح شخصية «باتمان» و«سوبرمان»، حتى أغانى الطرب الأصيل بموسيقاها المعبرة اختُزلت إلى ما يشبه الطقطوقة، بموسيقى صاخبة. والأشجار تثمر في غير مواسمها، والزراعات تنبت قبل أوانها.. إلخ. واختُصر المكان ليصبح العالم بأسره قرية صغيرة، فيما يسمى «العولمة»، فهل الاختزال سيطول هذا العالم، الذي نعيش فيه، ليصبح «ساندويتش» في يد قوة غاشمة كأمريكا أو روسيا؟!.
يوسف القاضى- مدير مدرسة ديروط الثانوية الصناعية بنين