عندما اقتربت المُدرسة من الفصل، أسرعت من خطاها وتجهمت بصرامة. ألقت بحقيبتها بتبرم، ورفعت عينيها بنظرة نارية، فأسكتت الصخب المعتاد بين الطلبة، وحل محله الخوف والترقب. علقت على السبورة لوحة توضيحية بالية ثم بدأت الدرس. «درس النهاردة عنوانه كيف تعبر الطريق آمنا» ثم استطردت بلا مبالاة.. إن التكلف والحذر في أثناء عبور الطريق، هو ثمن بخس بالنظر إلى الخطورة المتوقعة، من عبور الطريق لاهيا أو متهافتا. يجب أن تعبر الطريق من أماكن عبور المشاة، المحددة بالخطوط البيضاء، بعد ظهور النور الأخضر. وزيادة في الحرص، انظر ناحية اليمين ثم ناحية اليسار، لكى تتأكد من عدم وجود سيارات في الطريق «ثم أردفت.. ها يا ولاد مين حافظ الدرس؟ وأكملت دون أن ترفع عينيها. «سمّع الدرس يا مطيع»، وهو صبى على أعتاب المراهقة، رفع صوته وقال: إن التكلف والحذر.....إلخ» برافو..برافو..10 على 10 يا مطيع. ثم وجهت نظرها ناحية صوت طقطقة إصبع، توقعت أنها من «نادر»، فأشارت إليه بامتعاض دون أن تنطق. قال نادر «يا ميس لازم الواحد يحدد في الأول الهدف من عبور الطريق، لأن الهدف يحدد الطريقة» فقاطعته على الفور «يا بنى خليك زى مطيع» استطرد نادر، وبعدين الخطوط البيضا مش في كل الشوارع. يا ابنى سمّع الدرس وأنت مطيع. وإذا كانت الخطوط بيضا، والنور أخضر، ليه نبص يمين وشمال. ثم إن الشوارع كلها بقت اتجاه واحد. صرخت المدرسة، وقد احتقن وجهها: صفر..هتاخد صفر.. وساقط. أكيد ساقط وبكرة تجيب معاك ولى أمرك.
صموئيل كرومر زخارى- الإسكندرية