وسط الأحداث السياسية الثقيلة وانعكاساتها الاجتماعية والاقتصادية الواضحة.. قرر هانى رمزى اقتحام الموسم السينمائى الصيفى بفيلم «سامى أكسيد الكربون»، والذى يعود به للأفلام الاجتماعية الخفيفة.. ورغم أنه أول من تناول الموضوعات السياسية الشائكة مثل تعديلات الدستور.. وانتخابات الرئاسة وإسقاط رئيس الجمهورية فإنه وسط أحداث الثورة الحقيقية فضل طرح موضوع خفيف ليخرج الناس من ضغوط الواقع.. هانى تحدث فى حواره مع «المصرى اليوم» عن تجربته فى «سامى أكسيد الكربون» واستخدام الـ«فيس بوك» كبطل رئيسى فى الأحداث.. وتوقعاته للموضوعات السينمائية بعد الثورة ودور الفن فى الخروج من الكبوة الاقتصادية التى تعانيها مصر فى كل الأنشطة.
■ ما الذى جذبك فى فيلم «سامى أكسيد الكربون»؟ ولماذا تعود للأفلام الاجتماعية الخفيفة بعد الأفلام ذات الصبغة السياسية؟
- لن أدعى أنى أبحث عن موضوع معين، لكن أحيانا أفكر فى عمل كوميدى وأهتم بالبحث عن أفكار كوميدية لكن تأتينى فكرة أو سيناريو يفرض نفسه فيغير مسار الأمور.. وفى «سامى أكسيد الكربون» وجدت فكرة جديدة وكوميدية وتحمل عدة قضايا أهمها التلوث وفساد رجال الأعمال.. وعلاقة الأب بأبنائه وكيفية التواصل الحديث مع الأجيال الجديدة النابغة فى عالم التكنولوجيا والتى تختلف كثيراً عن جيلنا والأجيال التى تلتنا مباشرة.. ورغم عشقى للأفلام السياسية أو ذات النكهة الثقيلة لكن تظل الأفلام الاجتماعية هى الأقرب إلى المشاهدين، لذلك لابد من تقديمها بين الحين والآخر.
■ تعرضت فى الفيلم للتكنولوجيا متمثلة فى الـ«فيس بوك» وظهر كوسيلة مؤثرة فى الأحداث فهل تعمدت ذلك تماشيا مع دور الـ«فيس بوك» فى الثورة؟
- الفيلم كُتب بالكامل وتم تصوير معظم مشاهده قبل ثورة 25 يناير وقبل أن يصنع الـ«فيس بوك» معجزته.. وقد كان الـ«فيس بوك» وقبل الثورة بثلاث سنوات أو أكثر حديث البيوت والأسر المصرية فلم يعد هناك شاب أو طفل لا يملك حساباً على الـ«فيس بوك» يتفاعل من خلاله لذلك حرصنا على تواجد الـ«فيس بوك» كوسيلة تفاعلية فى الوقت الحالى.. ولم يتم إقحامه بعد الثورة.
■ الفيلم به أكثر من مفاجأة منها وجود طفلة كبطلة اساسية وهذه المرة الأولى التى تتعامل فيها مع الأطفال كما ظهرت فى شخصية «أفاتار» فهل تعمدت تقديم فيلم للأطفال؟
- لم أقصد الأطفال تحديداً أردت تقديم لون جديد علىَّ وكانت الطفلة جنى شخصية أساسية فى الأحداث وبدون وجودها لن تكون هناك فكرة أصلاً لذلك فوجودها ليس من أجل التقرب من عالم الأطفال أو مغازلة الأسرة عن طريق الأطفال، رغم أن هذا ليس عيباً على الإطلاق وأكبر وأهم نجوم العالم العربى والغربى يقدمون هذه النوعية من الأفلام باهتمام شديد.. ومنذ فترة وأنا أتمنى تقديم فيلم على غرار أفلام ديزنى أو كما يقال «ديزنى ستايل»، الذى يقدم قضية وفى نفس الوقت حكاية خفيفة وبها إبهار، لذلك كان هذا الفيلم الأقرب إلى ستايل أفلام ديزنى واستخدمنا فيه بعض الشخصيات العالمية الشهيرة مثل «أفاتار» حتى يتم تقديم صورة جديدة وتقنيات حديثة على الأفلام العربية.
■ ألم تكن مجازفة أن يتم طرح فيلم كوميدى فى وقت مزدحم بالأحداث السياسية الساخنة؟
- بالعكس هذا هو أفضل توقيت لعرض هذه النوعية من الأفلام.. فمصر والعالم تشهد أحداثاً شديدة الأهمية فالمفاجآت فى عالم الفساد السياسى أحدثت صدمات للناس وضغوط عصيبة وبلبلة أمنية.. والناس فى حاجة إلى هدنة وضحكة واستراحة وليسوا فى حاجة إلى مزيد من الضغوط، لذلك فمن يستطيع أن يجعل الناس تبتسم هذه الأيام فهو بطل حقيقى.. وما أحوجنا جميعا لذلك.. وعلى السينما أن تقوم حاليا بدورها فى الترفيه وليس فى الشحن وتفجير القضايا.
■ لكنك أكثر الممثلين الذين اهتموا بتقديم السياسة الثقيلة مثل الانتخابات الرئاسية ومواد الدستور؟
- طبعا لى الشرف أنى شاركت فى أى عمل ساهم فى التوعية أو قدم قضية سياسية ساخنة لكنى أرى الآن الواقع أكبر وأهم وأقوى من أى عمل فنى.. فالناس رأت بعينها فى المظاهرات ما لن تستطيع السينما أو الفن أو الحكايات أن تعبر عنه وفى حالة طغيان الواقع فى قوته على الخيال والدراما، فالأفضل هنا أن ننتظر حتى تتضح الأمور ويمكن صياغتها بشكل فنى يخدم العمل ولا يكون مجرد أرشيف أو توثيق للمرحلة وفى اعتقادى المرحلة أكبر وأقوى من أى توثيق الآن ومازالت هناك مفاجآت ربما لن تخطر على بال أحد.. وكل لحظة تمر تكشف كارثة أو مسؤول أو حقيقة ولهذا لا نستطيع حسم الأمور فى فيلم أو فكرة، ولهذا قررت أنا والمؤلف طارق عبدالجليل تأجيل فيلمنا السياسى الجديد الذى أقدم فيه شخصية جمال مبارك لحين انتهاء التحقيقات ووضوخ الرؤية بنسبةكبيرة.
■ قدمت مع المؤلف طارق عبدالجليل فى فيلم «ظاظا رئيس جمهورية» شخصية الرئيس المخلوع ووزرائه الفاسدين وسقوط هذا النظام وفضائح الانتخابات الرئاسية فهل كنت تتوقع أن يسقط النظام بقيام ثورة؟
- أى شخص يدعى أنه كان يتوقع أو يخمن أو يستنتج أن يحدث ما حدث فهو شخص يبالغ، لأن ما حدث يفوق كل التوقعات والأحلام.. صحيح كنا نكره واقعنا وما نعيشه من فساد ونتمنى أن يحدث تغييراً جذرياً، وكنا نعبر بشكل أو بآخر فى الأفلام عن هذا الفساد وعن الأمل والحلم فى التغيير لكن لم يكن يخطر ببالنا أن الواقع أجمل وأقوى من الحلم وفعلا قدمت فى فيلم «ظاظا» مهازل الانتخابات الرئاسية والتزوير وسيطرة الحاشية والوزراء الفاسدين على البلاد والتظاهر بالديمقراطية، رغم أننا نعيش أسود سنوات القهر وكم قابلنا من مشاكل حتى نحصل على موافقة على تصوير الفيلم واعترض زكريا عزمى لأننا قدمناه فى شخصية السيد راضى، واضطررنا لتغيير اسم البلد وملابس الناس والبيوت وكل شىء حتى نستطيع تنفيذ الفيلم، وكنا نصور فى سرية شديدة كأننا نسرق حتى خرج الفيلم وطبعا تعرض لظلم بشع أثناء العرض بل ذبح وتم رفعه لما يحمله من تلميحات.
■ وما حكاية استدعائك للتحقيق بوزارة الداخلية مع كل فيلم تقدمه؟
- للمرة الأولى سأقولها إننى لست وحدى الذى كان يتم استدعائى للتحقيق بالداخلية بل معظم النجوم.. وكنا نتفاجئ بالاستدعاء ليلا ونذهب ونظل فى تحقيقات واستجوابات غريبة لا نفهم معناها عن الفيلم وهدفه وبتقصد مين بكذا.. وبتلمح لمين بكذا؟ ثم يتركونا وكنا طبعا لا نستطيع أن نتكلم فى هذا الموضوع مع أى شخص.
■ وكيف استطاعت أفلامك التى تمثل سخرية سوداء من النظام ورموزه أن تعبر من كل هذه الاستجوابات والقيود؟
- بصراحة شديدة «كنت عامل فيها عبيط وسايق الهبل على الشيطنة» بمعنى أنى كنت أتظاهر بأنى لا أقصد شخص مسؤول وأنها صدفة وأنى لا أفهم ماذا يقصدون وأتعجب أساسا من سوء الظن بى وبالفيلم حتى أستطيع أن أفلت من بطش المسؤولين وفى الوقت نفسه أستطيع عرض الفيلم.. وحتى الآن لا أعرف هل كانوا يصدقونى وأنا أدعى «العبط والاستهبال» أم لا لكن كانت تصلنى تحذيرات مباشرة مع بعض الزملاء النجوم فمثلا أحد المسؤولين أرسل لى تهديد مع نجم زميل قائلا «إحنا سايبينه عشان خاطرك ونقدر نتعامل معاه بشكل تانى»، ومع زميل آخر أرسل مسؤول مهم تحذير يقول فيه «أنا أقدر أأذيه بس أنا سايبه بمزاجى عشان مش عايز أأذى ممثل وبرده عشان خاطر الفنانين حبايبنا اللى يهمهم أمره».
■ وكيف ترى شكل الفن فى الفترة القادمة بعد الثورة وسقوط القيود الفكرية والسياسية؟
- بالتأكيد ستكون حرية التعبير فى الفكر والموضوعات لا تخضع لأى سقف أو خطوط حمراء وهذا سيثرى الدراما، لأننا أحرار فى التعبير عن أى شىء مهما كان ولن نخاف من مسؤول أو رقابة.. كما أن ملفات الفساد والشخصيات التى تفجرت بعد الثورة تمثل كنزاً إبداعياً فكل ملفات الفساد وشخصياته لها أبعاد درامية ويمكن تناولها فنياً.. وأعتقد أيضا أن الأفلام ستحترم عقلية المشاهد أكثر وسيجتهد صناع السينما والفن فى تقديم الأفضل، لأن شعب مصر أقوى وأذكى من أى تلفيق أو ادعاء حتى لو على شاشة السينما.
■ وما رأيك فى قرار إلغاء مهرجان القاهرة السينمائى؟
- أنا حزين جداً كممثل وسينمائى أن يتم إلغاء مهرجان دولى يحمل اسم مصر، وأتمنى إعادة التفكير فى الموضوع وإلغاء القرار، لأن العالم فى حاجة الآن أن يرى مصر، وهى فى أفضل حالاتها وفى كامل حريتها.
■ وما رأيك فى النشاط السياسى لبعض النجوم ومشاركتهم فى بعض الأحزاب الجديدة؟
- أنا مع أى شخص يقدم خدماته لمصر حالياً سواء فى الفن أو السياسة أو الصناعة وطبعاً هى خطوة محترمة من النجوم، وأتمنى أن يستطيعوا مواصلتها وتقديم أشياء إيجابية.. لكن أهم ما أحب التنبيه عليه هو ضرورة الحفاظ على الثورة، لأن هناك أشخاصاً يريدون سرقتها وإهدارها وإفسادها بطرق ملتوية وحقيرة مثل إشاعة الفوضى والفتنة الطائفية والبلطجة، ويجب أن ينتبه الشعب بكل فئاته لهذه المخططات وأرى أن الصراع على السلطة بين التيارات الدينية والسياسية يمكن أيضا أن يحدث كارثة، لذلك أتمنى تجاوز تلك العقبات من البداية.